الرياضة الإماراتية.. قفزات هائلة وحضور قوي في المشهد العالمي

كأس دبي العالمي تاريخ عريق مستمر على مضمار ميدان
كأس دبي العالمي تاريخ عريق مستمر على مضمار ميدان

خطت الرياضة الإماراتية خطوات واسعة، وحققت قفزات هائلة، على مدار أكثر من نصف قرن، في المشهد الرياضي العالمي، فلم تكن الرياضة يوماً منذ قيام الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971 مجرد قطاع على الهامش، بل سار الاهتمام بالرياضة جنباً إلى جنب مع البناء السياسي والاقتصادي والمؤسسي للدولة.

وفي الاحتفال بعيد الاتحاد الرابع والخمسين ومع ما وصلت إليه الدولة من تقدم وازدهار في جميع مناحي الحياة، فإن الرياضة كانت جزءاً من المشروع الوطني الكبير، فآمنت القيادة منذ اليوم الأول للاتحاد بأن الرياضة مهمة وأساسية في تشكيل وجدان الإنسان، وتمنحه أفقاً وفرصة للإبداع والبناء، والعيش بروح حالمة تتطلع نحو الإنجاز، تعزز الانتماء، وتبث روح المنافسة، وكقوة ناعمة تبرز مكانة الدولة، وتحلق بعلمها خفاقاً عالياً في جميع المحافل الإقليمية والقارية والدولية.

قيام الاتحاد كان سبباً مباشراً في وضع أساس متين للرياضة الإماراتية، وبفضل العمل والتخطيط ورؤية القيادة الرشيدة بداية من الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تحققت قفزات نوعية هائلة وضعت الإمارات في مكانة مرموقة في صدارة المشهد الرياضي العالمي، وصنعت مجداً لا يقاس بعدد البطولات والميداليات وحسب، بل قبلة للرياضة والرياضيين من كل أنحاء العالم.

وتركز الاهتمام بالرياضة في السنوات الأولى من عمر الاتحاد في إنشاء الأندية والملاعب والهيئات الرياضية، وتأسست اللجنة الأولمبية الوطنية عام 1979، وبدأت الدولة في دعم الأندية الرياضية القائمة والجديدة، باعتبارها حاضنات المواهب والمراكز الحقيقية لتطوير الألعاب المختلفة، وتلا ذلك تأسيس الاتحادات الرياضية المنظمة، من كرة قدم إلى كرة سلة إلى طائرة إلى يد وغيرها من الرياضات المختلفة.

وبمرور الوقت، بدأت الرياضة الإماراتية تتخذ ملامح أكثر رسوخاً، ومنشآت وبنية تحتية لتحتضن الرياضيين، وأندية تضع أقدامها واسمها على الخريطة، وأجيال جديدة ومنتخبات تنافس في البطولات الخليجية والعربية والآسيوية، إلى التواجد في الدورات الأولمبية، ومن ثم البدء في حصد الإنجازات بألقاب وبطولات وميداليات.

بنية متطورة

وبفضل الاتحاد شهدت الدولة على مدار 54 عاماً طفرة كبيرة على مستوى المنشآت والملاعب والمرافق الرياضية، مثلت صروحاً شاهدة على تطور هذا الاتحاد، ووفرت كل ما من شأنه تحقيق الريادة في المحافل الرياضية المحلية والإقليمية والقارية والدولية، إذ تمتلك الإمارات أكثر من 13 ملعباً لكرة القدم بمواصفات عالمية مطابقة لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، والاتحاد الآسيوي لكرة القدم، مكنتها من استضافة كبرى الأحداث الكروية مثل كأس العالم للشباب وكأس العالم للناشئين وكأس العالم للأندية وكأس آسيا.

 سباقات الدراجات تحظى بمشاركة النخبة
سباقات الدراجات تحظى بمشاركة النخبة

كما تتمتع الإمارات ببيئة رياضية صحية، تضم الكثير من المرافق المتميزة لممارسة كل أنوع الرياضات المختلفة، وصروحاً رياضية عملاقة تعد ضمن الأفضل عالمياً، وبخلاف ملاعب كرة القدم، هناك المجمعات الرياضية المتكاملة وملاعب كرة السلة والتنس والغولف والكريكيت ومضامير سباقات الخيول وحلبات سباقات السيارات، ومسارات الدراجات الهوائية، وغيرها الكثير من المرافق التي تطورت خلال خمسة عقود لتصل إلى ما وصلت إليه من قوة في البنية التحتية استطاعت معها الدولة استضافة كبرى الأحداث الرياضية العالمية.

مدينة زايد

وتعد مدينة زايد الرياضية التي افتتحت في يناير 1980 صرحاً رياضياً عملاقاً وشامخاً، جسدت بداية عصر النهضة الكروية في دولة الإمارات، حيث أصبح عند افتتاحه أحد أكبر ملاعب كرة القدم في المنطقة والملعب الأكبر على الإطلاق في الدولة، وهي مدينة رياضية متكاملة من المرافق التي تضم بين جنباتها بجانب ملعب كرة القدم صالح للتزلج على الجليد، وصالة البولينج، وملاعب التنس الأرضي، وملاعب الرجبي، وغيرها من المرافق الرياضية الهامة.

واستضافت مدينة زايد الرياضية كبرى البطولات بداية من كأس آسيا عام 1985، وبطولة آسيا للشباب عام 1986، وكأس الخليج العربي 1994 و2007، ونهائيات كأس آسيا عامي 1996 و2019، وكأس العالم للشباب 2003، وكأس العالم للأندية أعوام 2009، 2010، 2017 و2018.

دبي الرياضية

تعد مدينة دبي الرياضية مدينة رياضية متكاملة وتطورت تدريجياً بعد افتتاحها عام 2004، حيث تضم مرافق متنوعة وفنادق وملاعب للرجبي والهوكي والكريكيت، وملعباً للغولف، فيما يتسع الملعب الرئيس لـ 60 ألف متفرج.

تحفة معمارية

أما مجمع حمدان بن محمد الرياضي، فهو تحفة معمارية رائعة تعد الأولى من نوعها في المنطقة والشرق الأوسط، شيدت وفقاً لأحدث المواصفات العالمية على مساحة تبلغ 24 هكتاراً، ويضم المجمع الذي تم افتتاحه في عام 2010 ويتسع لـ 15 ألف متفرج، ثلاثة مسابح أولمبية مزودة بخاصة الأرضية المتحركة ليجمع بين أغراض إقامة المسابقات والتدريب والمناسبات الرياضية غير المائية، ويتكون من مسبح رئيسي ومسبح غطس علاوة على مسبح إحماء وتدريب، ويمكن تجهيز المجمع لاستضافة منافسات أكثر من 10 ألعاب أولمبية مثل كرة السلة، اليد، الطائرة، وغيرها، كما يعد أكبر مجمع رياضي مائي على مستوى العالم بقدرته على استضافة أربع ألعاب مائية مختلفة.

تحفة «ميدان»

مدينة «ميدان» في دبي هي واحدة من أرقى المنشآت الرياضية في المنطقة بأسرها وتضم أكبر مضمار سباقات خيل في العالم، جرى افتتاحه في مارس 2010، ويطلق على المضمار تحفة المضامير العالمية ويحتضن سنوياً منافسات كأس دبي العالمي، الأغلى على مستوى العالم، ويعد فندق ميدان داخل المدينة أيقونة معمارية، وهو أكبر مبنى متصل على وجه الأرض بطول يبلغ أكثر من 1.5 ميل، بمدرجات تتسع لاستيعاب 80 ألف متفرج.

ومن ضمن المنشآت الرياضية الحديثة في الدولة، مجمع زايد بالفجيرة الذي افتتح على مراحل منذ وضع حجر الأساس لبنائه في أكتوبر 2014، ويعد موقعاً مثالياً لإقامة أكبر الأحداث الرياضية، وشيد على مساحة 178.300 متر مربع.

كما أولت الدولة اهتماماً برياضة الدراجات، إذ أصبحت تملك العديد من مضامير الدراجات الهوائية، منها مضمار دبي للدراجات الذي افتتح في يناير 2013 ويقع في منطقة سيح السلم وشارع القدرة، ويضم مسارين الأول بطول 49 كلم والثاني بطولة 10 كلم، حيث يعد ملتقى لهواة ومحبي رياضة الدراجات الهوائية، وفق أعلى المعايير العالمية.

حلبة الفورمولا 1

 حلبة مرسى ياس تستضيف سباقات الجائزة الكبرى للفورمولا 1 الأكثر تطوراً في العالم
حلبة مرسى ياس تستضيف سباقات الجائزة الكبرى للفورمولا 1 الأكثر تطوراً في العالم

تعتبر حلبة مرسى ياس صرحاً عملاقاً في عالم رياضة السيارات في المنطقة والعالم ككل، وواحدة من أكثر حلبات سباقات الجائزة الكبرى للفورمولا1 تطوراً في العالم، فضلاً عن أنها مرفق رياضي مهم لا يقتصر فقط على سباقات السيارات ولكن العديد من الفعاليات الرياضية والترفيهية الأخرى، جعلتها والعاصمة أبوظبي وجهة للرياضة العالمية في السنوات الأخيرة. وافتتحت حلبة مرسى ياس في 30 أكتوبر عام 2009، واستغرق بناؤها نحو العامين، وتم تشييدها بطريقة مستوحاة من تراث وقيم دولة الإمارات.

نجحت الإمارات في أن تكون قائدة صعود رياضة الجوجيتسو على المسرح العالمي، وبصناعة إماراتية خالصة غدت في هذه الرياضة قوة يحسب لها حساب، بتنظيم البطولات وإعداد أبطال اعتلوا منصات التتويج بعد توسيع قاعدة انتشارها إلى الآلاف من الممارسين.

إضافة إلى الجوجيتسو، تألقت الدراجات الإماراتية وباتت واحدة من الوجهات العالمية في بطولات الدراجات، إلى جانب الإنجازات التي حققها فريق الإمارات للدرجات الذي وضع اسم الدولة في مصاف الفرق العالمية في هذه الرياضة بحصوله على ألقاب دولية أبرزها لقب طواف فرنسا الدولي وطواف إيطاليا العريق.

الألعاب الأولمبية

بدأت الرياضة الإماراتية في المشاركة في دورات الأولمبية منذ 40 عاماً في أولمبياد لوس أنجلوس عام 1984، ومنذ ذلك التاريخ تواصل الحضور الأولمبي بانتظام في رياضات مختلفة، وحققت الإمارات على مدار 11 دورة أولمبية تطوراً جيداً من حيث عدد الرياضيين أو نوعية المشاركات، وتكللت بالتتويج بميداليتين، ذهبية للشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم في الرماية، وبرونزية لسيرجيو توما في الجودو.

وعلى صعيد الألعاب البارالمبية، حقق المنتخب البارالمبي الإماراتي إنجازات لافتة، بحصوله على ميداليات متعددة في دورات الألعاب البارالمبية.

الرياضة النسائية

حظيت رياضة المرأة بدعم كبير من القيادة الرشيدة، ما ساهم في تصاعدها وتألقها بشكل مستمر على مدار سنوات، بعدما أصبحت المشاركة النسائية قاعدة وليست استثناء، كما أسهم الدعم المتواصل في تمكين المرأة والحفاظ على مكانتها بين أفراد المجتمع، ما جعلها تحقق العديد من الإنجازات محلياً وخارجياً.

الرياضة المجتمعية

ركزت الدولة على الرياضة المجتمعية وضرورة مشاركة جميع أفراد المجتمع في الفعاليات والأنشطة الرياضية من أجل أسلوب حياة صحي، إذ لم تعد الرياضة نشاطاً للرياضيين فقط، بل أصبحت ثقافة عامة لكل من يعيش على أرض الإمارات، حيث الفعاليات الكبرى مثل تحدي دبي للياقة والذي شهد مشاركة قياسية في نسخة عام 2025 بعدما بلغ عدد المشاركين 307 آلاف مشارك في رقم قياسي فريد من نوعه.