«أم خميس».. إصرار على التعلّم والنجاح ونموذج ملهم في إحياء التراث

فاطمة الصاوي
فاطمة الصاوي

في كل عام، ومع حلول يوم المرأة الإماراتية، نحتفي بنماذج مضيئة من سيدات هذا الوطن، اللواتي جسّدن أسمى معاني العطاء والطموح، ومن بين هذه النماذج اللامعة، تبرز شخصية الوالدة أم خميس فاطمة محمد الصاوي، التي رسمت مسيرة حافلة بالإنجازات والإصرار، لتكون مثالاً حياً على أن العمر مجرد رقم، وأن الإرادة قادرة على صنع المستحيل.

في قصتها الملهمة، تعكس أم خميس معنى الإصرار والتعلّم مدى الحياة، حيث نجحت في إكمال مسيرة تعليم طويلة لتنهيها بتفوق بالحصول على نسبة 85 % في الثانوية العامة هذا العام، لتؤكد أن السعي وراء المعرفة حق مشروع في كل مراحل العمر، وأن النجاح لا يرتبط بزمان أو مكان، بل بالجد والاجتهاد.

لم يكن هذا الإنجاز محطة عابرة في مسيرتها، بل كان دافعاً لمزيد من التميز، حيث فازت الوالدة أم خميس بجائزة حمدان بن راشد آل مكتوم – فئة الدارس من كبار المواطنين، وهو تكريم يعبّر عن تقدير المجتمع لجهودها وإصرارها، كما حصدت المركز الأول في مسابقة «حرفنا» على مستوى الدولة ضمن برامج صيفنا سعادة، لتثبت أن إبداعها يمتد إلى ميادين التراث والحرف اليدوية أيضاً.

وتعتبر أم خميس إحدى الشخصيات الفاعلة في مجال إحياء التراث الإماراتي، حيث انضمت إلى مركز غرس للمشاريع المنزلية والأشغال اليدوية التراثية، وأسهمت في تقديم ورش متنوعة لتعليم الحرف التقليدية مثل التلي والسفافة، هذه الورش لم تكن مجرد تدريب على المهارات اليدوية، بل كانت جسراً لنقل قيم الأصالة والهوية الوطنية إلى الأجيال الجديدة.

ولم تتوقف مسيرتها عند ذلك، فقد شاركت في العديد من المعارض التراثية، حيث عرضت منتجاتها اليدوية أمام الجمهور، لتؤكد أن المرأة الإماراتية ليست فقط شريكة في التنمية الحديثة، بل أيضاً حافظة لتراث الأجداد وناقلة له بروح إبداعية معاصرة.

قصة أم خميس فاطمة محمد الصاوي، بكل تفاصيلها، تختصر معاني الصبر والطموح والإبداع. إذ جمعت بين حب التعلم والاعتزاز بالهوية الإماراتية، وبين الإنجاز الفردي والمساهمة المجتمعية. قصة تُلهم النساء والرجال على حد سواء، وتؤكد أن المرأة الإماراتية قادرة على أن تكون رمزاً للتقدم وحافظة للماضي في آن واحد.

في هذا اليوم الذي يُعنى بالاحتفاء بالمرأة الإماراتية، تأتي تجربة أم خميس لتكون مصدر إلهام للأجيال كافة، ورسالة واضحة أن السعي وراء الأحلام لا يعرف نهاية، وأن كل إنجاز، مهما بدا صغيراً، قادر على صناعة الأثر الكبير.

ولم يقتصر تأثيرها على إنجازاتها الشخصية، بل امتد إلى أبنائها، الذين أصبحوا خير امتداد لمسيرتها.