تشارك دولة الإمارات في إحياء «اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين»، الذي يصادف 15 يونيو من كل عام، مؤكدة التزامها المستمر بتوفير حياة كريمة لفئة كبار المواطنين، ورعايتهم ضمن منظومة تشريعية وتنظيمية متكاملة، تضمن حقوقهم وتصون كرامتهم، وذلك تقديراً لمكانتهم الاجتماعية، ودورهم المحوري في مسيرة التنمية الشاملة.
ويأتي هذا الالتزام متوجاً بما حققته الدولة من إنجازات رائدة في مجال حماية كبار المواطنين، وتوفير بيئة داعمة لهم، تنطلق من رؤية وطنية تستند إلى منظومة قانونية ومؤسسية متقدمة، تعلي من قيم الاحترام والتمكين والمشاركة الفاعلة في المجتمع.
زيادة الوعي
وتهدف المناسبة العالمية التي تحتفل بها منظمة الأمم المتحدة، إلى زيادة وعي المجتمعات، وتسليط الضوء على موضوع إساءة معاملة كبار السن، ما يفرض واجباً أخلاقيّاً وإنسانيّاً بصون كرامتهم وسلامتهم وحقوقهم.
وتولي الإمارات هذه الفئة أهمية قصوى، وتعتبرهم أحد الركائز الأساسية للمجتمع، وعليه، فقد استحدثت قانون الأحوال الشخصية رقم 41 لسنة 2024، الذي دخل حيز التنفيذ 15 أبريل الماضي، نصاً عقابياً لكل من أساء أو تعدى أو أهمل أو رفض رعاية والديه أو أحدهما، أو تركهما دون رعاية، مع قدرته على ذلك، أو امتنع عن الإنفاق على والديه أو أحدهما، متى كانت نفقتهما واجبة عليه، بموجب حكم قضائي، فيعاقب بالحبس وبالغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم، ولا تزيد على عشرة آلاف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين.
سياسة وطنية
وتبرز السياسة الوطنية لكبار المواطنين، التي أطلقت في أكتوبر 2018، وقانون حقوق كبار المواطنين في عام 2019، الذي أقرّته الحكومة ضمن المبادرات والتشريعات التي تهدف إلى صيانة حقوق كبار المواطنين، وضمان الاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي لهم، بالإضافة إلى توفير حزمة متكاملة من الخدمات الصحية الشاملة، والبرامج والمبادرات التي تستهدف توفير حياة كريمة لهم، علاوة على البرامج الاجتماعية والثقافية، وخدمات التدريب والتوعية المقدمة لهم، من خلال إطلاق برامج تدريب لمقدمي الرعاية الخاصة بهذه الفئة المهمة في المجتمع.
وتقوم رعايتهم وفق السياسة على 7 محاور، تتضمن: الرعاية الصحية، التواصل المجتمعي، الحياة النشطة، البنية التحتية، النقل، الاستقرار المالي، الأمن والسلامة وجودة الحياة المستقبلية، كما اعتمدت الإمارات القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2019، بشأن حقوق كبار المواطنين، لضمان تمتعهم بالحقوق والحريات الأساسية التي كفلها الدستور، والمعلومات والخدمات المتعلقة بحقوقهم، وتوفير الرعاية والاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي لهم.
وجاء في توجيه صادر عن مجلس الوزراء، استبدال مسمى «المسنين» بمصطلح «كبار المواطنين»، تماشياً مع رؤية الدولة في تعزيز الاحترام والتقدير لهذه الفئة، ولإبراز دورهم الاجتماعي والإنساني المرموق، ما يعكس سياسة وطنية تهدف إلى تعزيز مكانتهم، وإشراكهم في المجتمع بشكل فعّال.
هذا، وقد ألزمت اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2019، بشأن حقوق كبار المواطنين، الجهات والمؤسسات بتقديم رعاية خاصة بتلك الفئة، كما تصدى القانون الإماراتي على الدوام لحالات الإهمال في مساعدة كبار المواطنين، أو محاولات الاعتداء عليهم أو إهانتهم والإساءة إليهم، بعقوبات تصل إلى الحبس والغرامة، كما تضمنت اللائحة التنفيذية للقانون على معاملة تفضيلية لكبار المواطنين، بحيث تكون لهم الأولوية في تقديم الخدمات، وإنجاز المعاملات، كما حددت اللائحة آليات وأشكال المساعدة المناسبة لكبار المواطنين الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال العنف والإساءة، عبر تخصيص خط ساخن لدى وحدة حماية كبار المواطنين، إضافة إلى إلزام اللائحة الأسر بتوفير حاجاتهم، والمحافظة على سلامتهم الجسدية والنفسية والصحية.
وعلى صعيد الحماية الأسرية، حدد دليل حماية الأسرة، الذي أصدرته وزارة تمكين المجتمع 2019، أشكال الإساءة التي قد يتعرض لها كبار السن، داعياً عند التأكد من وجود أي إساءة، التوجه للجهات المختصة للحصول على التوجيه الصحيح.
وأوضح الدليل أن مظاهر سوء المعاملة، تشمل مشاعر الخوف، العزلة، وجود كدمات متعددة، تغيرات مالية مفاجئة، كإضافة أسماء على الحسابات البنكية، أو فقدان أصول، بالإضافة إلى سلوكيات غير لائقة من مقدمي الرعاية، مثل عدم السماح للمسن بالتحدث أو معاملته بشكل مهين، وإعطاء تفسيرات غير منطقية للإصابات. ويهدف الدليل إلى نشر الوعي الأسري بحقوق وواجبات أفراد الأسرة، وتعزيز بيئة مستقرة وآمنة، بالإضافة إلى تحسين كفاءة الخدمات الاجتماعية المقدمة لهم.
برامج ومبادرات
وفي هذا السياق، أكدت مريم سالم السلمان رئيسة مجلس إدارة جمعية الإمارات لأصدقاء كبار المواطنين، المنضوية تحت مظلة وزارة تمكين المجتمع، وتحظى بدعم كامل منها، أن رعاية كبار المواطنين، تمثل أولوية وطنية ومجتمعية، مشددة على ضرورة توفير بيئة أسرية تحفظ لهم الكرامة، وتضمن سلامتهم، ضمن الأطر القانونية والسياسات الوطنية.
وقالت السلمان: إن الجمعية تنفذ برامج ومبادرات توعوية مباشرة، تستهدف كبار المواطنين، كما تعمل على رفع وعي المجتمع بأهمية احترام هذه الفئة ورعايتها، مشيرة إلى برنامج «نرعاهم صغاراً يبروننا كباراً»، الذي يركز على تثقيف المقبلين على الزواج والأسر الجديدة بحقوق كبار المواطنين، إلى جانب تنظيم ورش عمل ومحاضرات في المدارس، لتعزيز قيم الاحترام والتقدير لكبار السن، وفق التقاليد الإماراتية الأصيلة.
