استخدام الحقن يتطلب حساب كتلة الجسم وإجراء تحليلات عبر طبيب متخصص
اتباع إرشادات ما بعد الرعاية التي يقدمها الطبيب المعالج بدقة وعناية
تزخر منصات التواصل الاجتماعي بإعلانات تروج لحقن سد الشهية وتنزيل الوزن، وسعى المروجون لها لإقناع المستهدفين بأن الحقن معترف بها دولياً، وبأنها تعتمد على مكونات تعمل على تقليل الشهية وتحفيز حرق الدهون، مشددين على أنها خيار مثالي للساعين إلى تحسين صحتهم ولياقتهم البدنية دون الحاجة إلى الالتزام بأنظمة غذائية صارمة أو برامج تمارين مستمرة، وهو ما حذر منه عدد من الأطباء خلال حديثهم لـ«البيان»، منوهين إلى ضرورة عدم الانجراف خلف تلك الإعلانات واستخدام تلك الحقن من دون وصفة طبية لما ينطوي عليه الأمر من مخاطر ومضاعفات صحية، هذا فضلاً عن عدم ملاءمتها للأشخاص الذين يعانون من أمراض في الكبد، والكلى، أو البنكرياس.
إعلانات مضللة
وتقول الدكتورة مريم سعيد المسافري، استشارية طب الأسرة: «إن الانسياق وراء الإعلانات المضللة ووسائل الترويج المختلفة غير المرخصة على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تقوم ببيع الأدوية والمنتجات الصحية كحقن وأقراص سد الشهية يشكل خطورة بالغة لعدم معرفة محتواها من المواد الفعالة التي تؤثر على الصحة بصورة مباشرة».
وأضافت: «لن يستطيع الشخص إنزال وزنه سوى بوضع خطة علاجية وإجراء الفحوصات اللازمة مع الطبيب المختص، وقبل كل ذلك عليه أن يعلم يقيناً مدى حاجته لاستخدام حقن سد الشهية، وذلك بحساب كتلة الجسم وإجراء التحليلات ضرورية عن طريق طبيبه المتخصص في علاج السمنة والأمراض المصاحبة لها».
ولفتت إلى أن حقن إنقاص الوزن تهدف إلى التخلص من الدهون الزائدة في الجسم بطرق غير جراحية، وتقليل الشهية، إلا أنه تتفاوت نتائجها بين الأفراد، ويجب الإلمام بأعراضها الجانبية، والالتزام باتباع إرشادات ما بعد الرعاية التي يقدمها الطبيب المعالج بدقة وعناية.
خطة علاجية
فيما أكدت الدكتورة منى راشد الزعابي، استشارية طب الأسرة أن علاجات السمنة تحتاج فعلياً إلى أنشطة وممارسات صحية لتحقيق الفائدة المرجوة منها، كما يجب على الشخص الراغب في تنزيل وزنه مناقشة ما يناسب وضعه الصحي مع الطبيب واعتماد الخطة العلاجية سواء باستخدام الحقن أو الأقراص أو برنامج صحي ومراجعته بين فترة وفترة بهدف المتابعة الطبية.
وشددت على أن تلك الحقن أو الأقراص التي تعنى بتنزيل الوزن لا يجب الاستمرار عليها مدى الحياة.
وأضافت: «أريد التنويه إلى ضرورة مراجعة الطبيب المختص للتأكد من عدم وجود أعراض جانبية في حال استخدام الحقن أو الأقراص للمحافظة على النجاح الذي حققه الشخص، أو تقديم بدائل أخرى في حالة لم ينجح العلاج».
وحذرت النساء اللاتي يتجهن لأخذ إبر التنحيف، إذ يجب عليهن مراجعة الطبيب.
إدارة الوزن
وأشاد الدكتور سالم اليماحي، المدير الطبي في مستشفى الوقن بإطلاق دائرة الصحة ـ أبوظبي ومركز أبوظبي للصحة العامة مؤخراً «البرنامج الشخصي الشامل لإدارة الوزن» وهو البرنامج الشخصي الشامل لإدارة الوزن، والذي يعتبر الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، بهدف تمكين الأفراد من تحسين نمط حياتهم، والوقاية من الأمراض المزمنة، ضمن مبادرة شاملة تهدف إلى تحقيق إدارة مستدامة للوزن وتعزيز نمط الحياة النشيط، ما يُسهم في خفض معدلات الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وبعض أنواع السرطان، حيث يوفِّر البرنامج للأفراد المؤهّلين الذين يعانون من زيادة في الوزن أو السمنة، خطة صحية شاملة وشخصية تشمل الكشف المبكِّر والدعم السلوكي والتدخُّلات السريرية وفق الحاجة الطبية، إضافة إلى متابعة طويلة الأمد لضمان تحقيق نتائج مستدامة.
وأضاف: «ومن الأدوية التي يشملها البرنامج 3 أنواع رئيسية مرتبطة بعلاج السمنة، ويتم وصفها فقط عند الضرورة وبعد تقييم طبي دقيق منها منبهات مستقبلات GLP-1 مثل سيماغلوتايد وليراغلوتايد وتيرزيباتايد والتي تساعد على تقليل الشهية وإبطاء إفراغ المعدة، إضافة إلى توفير مثبطات الليباز مثل أورليستات التي تمنع امتصاص الدهون في الجهاز الهضمي، وأدوية مركبة لتقليل الشهية بحيث تزيد من الإحساس بالشبع وتقلل من الجوع، حيث يبدأ البرنامج بخطة مدتها 16 أسبوعاً، قابلة للتمديد لأكثر من عام، ويقدّم دعماً سلوكياً، لتغير نمط الحياة، ويتضمن رعاية طبية مخصصة، بناءً على احتياجات كل مشارك».
وشدد الدكتور عبدالله المطروشي، استشاري طب الأسرة على عدم شراء حقن تنزيل الوزن عبر الإنترنت لأنها قد تؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة.
وأضاف: «إن تقدم الطب أسهم في توفير علاجات للسمنة والتي تساعد الشخص على فقدان وزنه من خلال سد الشهية وحرق الطاقة داخل الجسم، ولكن لا يُنصح بأخذ هذه العلاجات من دون استشارة طبية، ويجب مراجعة طبيب متخصص في هذا الأمر».
وأضاف: «أنوه إلى ضرورة إجراء الفحوص اللازمة، مثل تحليل الدم ووضع السكر التراكمي والدهون الثلاثية في الجسم، وهل الشخص معرض للإصابة بالسكري، وما إذا كانت إبر سد الشهية والتنحيف وأدوية فقدان الوزن تناسب وضعه الصحي.
وفي حال جازف الشخص بأخذ تلك الحقن من دون وصفة طبيبة فإنه سيتسبب في أعراض خطيرة تتمثل بهبوط حاد بالسكر، وضعف عام بالجسم، وغير ذلك».
الناحية النفسية
من جانب آخر، قال الدكتور محمد الأحبابي، طبيب مقيم في الطب النفسي بمستشفى العين: «نعم، انتشرت مؤخراً وتحديداً على مواقع التواصل الاجتماعي، عدد من المقاطع التي تروّج لاستخدام أدوية وحقن تساعد في إنقاص الوزن، صحيح أنها معتمدة طبياً في علاج اضطرابات مثل السكري والسمنة، ولكن استخدامها يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب المختص، وذلك كجزء من خطة علاجية متكاملة، وليس بشكل عشوائي أو دون استشارة طبية، إلا أن الترويج لها كحل سحري لفقدان الوزن يشكل علامة خطر، سواء على الصحة الجسدية أو النفسية للأشخاص الذين يلجؤون لاستخدامها دون وعي كاف».
وأضاف: «ومن الناحية النفسية، فإن هناك العديد من المخاطر المرتبطة بهذا التوجه، إذ أصبحت فكرة الوصول إلى «الجسم المثالي» هوساً مجتمعياً، مدعوماً بثقافة الحلول السريعة التي تعززها مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يظن المراهقون والشباب أن هذه الحقن طريق مختصر نحو الرضا عن الذات وتحسين صورة الجسد، لكنهم يتجاهلون حقيقة أن مشكلات أعمق مثل اضطرابات القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل قد تكون السبب الحقيقي خلف انشغالهم الزائد بمظهرهم، حيث إن استخدام هذه الأدوية دون معالجة الأسباب النفسية الكامنة قد يؤدي إلى مضاعفات نفسية أكبر لاحقاً، لذلك، من المهم أن لا يتم تقديم هذه الحقن والأدوية كمنتجات تجميلية أو كموضة متداولة عبر مواقع التواصل، بل كعلاج طبي دقيق يتطلب إشراف أطباء مختصين».