تسويق التبغ بـ«منتجات آمنة» خداع يزيد الإقبال على التدخين

حسن شبانة
حسن شبانة
خوليو سيكو
خوليو سيكو

حذر أطباء ومتخصصون من اتساع دائرة استخدام التبغ بكافة أشكاله التقليدي والإلكتروني بين فئتي المراهقين والنساء، مع انتشار تسويق بعض المنتجات بطريقة خاطئة تدعي أنها آمنة، وقالوا إن ذلك يمثل تحدياً جديداً يتسبب في تزايد الحالات المسجّلة عالمياً بإصابات رئوية حادة بشكل ملحوظ، مسببة دخول المستشفى وحتى الوفاة بين شباب لم يكن لديهم تاريخ مرضي سابق.

وشددوا على أهمية تضافر الجهود في المؤسسات التعليمية، والأسر، ومقدّمي الرعاية الصحية لخلق بيئة تمكّن الشباب من اتخاذ قرارات مستنيرة وتجنب الإقبال على النيكوتين مع تخصيص حملات تستهدف النساء وتبرز المخاطر الصحية للتدخين.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن أن تعاطي التبغ يشهد تزايداً في صفوف النساء والمراهقين في إقليم الشرق الأوسط حيث بلغ 15% للذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة وهو أعلى معدل بين هذه الفئة العمرية في جميع أقاليم المنظمة.

انتشار التبغ

وتعمل دولة الإمارات جاهدة على مكافحة انتشار التبغ، بكافة أشكاله وأنواعه من خلال نهج شامل يركز على التوعية المجتمعية، وتوفير البرامج الداعمة للإقلاع عن التدخين، وأنه ليست هناك منتجات آمنة بهدف حماية أفراد المجتمع من أضراره الصحية الجسيمة، ومن أبرزها الإصابة بسرطان الرئة، وأصدرت الدولة القوانين والتشريعات لمكافحة التبغ، كما صادقت على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية.

وتواصل الدولة إطلاق المبادرات والبرامج العلاجية والتوعوية، من خلال افتتاح العيادات المتخصصة وتدريب الكوادر الصحية، بهدف تقديم المشورة والدعم النفسي للراغبين في الإقلاع عن التدخين، ومتابعتهم لضمان عدم الانتكاسة.

وفي ديسمبر الماضي، أطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع «الدليل الإرشادي لعلاج الاعتماد على التبغ» بالتعاون مع الجهات الصحية المحلية، ليكون مرجعاً محدثاً شاملاً يعزز مهارات المهنيين الصحيين في التعامل مع التحديات المرتبطة باستهلاك منتجات التبغ.

وقال الدكتور حسن عارف شبانة، أستاذ أمراض الجهاز التنفسي إن الأضرار الصحية الناجمة عن التدخين لا تقتصر على السجائر التقليدية، بل تمتد أيضاً إلى الإلكترونية، والتي تسوق كوسيلة للإقلاع لكنها قد تكون بوابة للإدمان.

وأوضح أن المراهقين والنساء الفئة الأكثر هشاشة أمام هذه المنتجات، في ظل الحملات الإعلانية الجذابة والنكهات المغرية وأنها آمنة، مضيفاً إن التدخين يُعد أكثر ضرراً على النساء من الناحية الصحية نظراً لاختلاف التركيبة البيولوجية والهرمونية، حيث يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي وعنق الرحم، ويرفع خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وخصوصاً في سن مبكرة، كما يُضعف امتصاص الكالسيوم، ويسهم في الإصابة بهشاشة العظام، ويؤدي إلى الشيخوخة المبكرة للبشرة.

وأوضح أن التدخين يرتبط أيضاً بمشاكل في الخصوبة وتأخر الحمل، ويزيد من احتمال الإجهاض وتشوهات الجنين وانخفاض الوزن عند الولادة في حال استمراره خلال الحمل، مشيراً إلى أن بعض النساء، بفعل الوصم المجتمعي، قد يلجأن إلى التدخين سراً، ما يزيد من خطورة الوضع في غياب الرقابة والدعم الطبي.

استراتيجيات تسويقية

وأكد الدكتور خوليو غوميز سيكو، استشاري أمراض الرئة أن التدخين بكافة أشكاله ومنتجات التبغ المسخن، يعد من أبرز التهديدات الصحية التي تواجه الجهاز التنفسي، وخاصة بين فئتي النساء والمراهقين، مشيراً إلى أن هناك اعتقاداً خاطئاً بأن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً، وهو ما يتم الترويج له عبر استراتيجيات تسويقية مكثفة تعتمد على النكهات الجذابة والتصاميم العصرية، وهي ليست آمنة، موضحاً أن الحقيقة العلمية ترسم صورة مغايرة تماماً، إذ تحتوي هذه المنتجات على تركيزات عالية من النيكوتين ومواد كيميائية سامة مثل الفورمالديهايد والأسيتالدهيد والأكرولين، وهي مركبات تؤثر سلباً في صحة الرئتين والقلب والأوعية الدموية.

أما في ما يتعلق بالنساء، فأكد الدكتور جوميز أن النساء أكثر تأثراً بتبعات التدخين، مع ارتفاع في معدلات الإصابة بالانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة، حتى مع تدخين كميات أقل من الرجال، وأضاف إن النيكوتين يعبر المشيمة ويؤثر في الجنين، ما يزيد من خطر الإجهاض والولادة المبكرة وانخفاض وزن المولود.

وقالت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، إن الإقليم يسجل أعلى معدلات التدخين في صفوف الشباب عالمياً، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً لحماية الأجيال القادمة من الوقوع في فخ الإدمان.