موضحاً أن أكثر ما يبرز هنا هو الحاجة إلى صياغة واعتماد اتفاقات دولية تتعلق بمعايير الشفافية، والمساءلة، والأسس الأخلاقية، والقانونية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي بما يحد من مخاطره الأمنية والعسكرية والاجتماعية، وبما يعزز عجلة الابتكار .
وقال: «لقد أمسى الذكاء الاصطناعي قوة كبرى تعيد تشكيل مفاهيم السياسة والاقتصاد، وأسس الحوكمة والسيادة، وحتى قواعد العلاقات المجتمعية والإنسانية، وهو ما يفرض على البرلمانات إعادة تعريف وظيفة التشريع في هذا العصر الذي لم تعد فيه الوحدة الزمنية تقاس بمؤشر «الشهر أو السنة»، بل بمعيار «الدورة التقنية».
دليل استرشادي
لافتاً في الوقت نفسه، إلى نجاح الأمانة في تحقيق العديد من الإنجازات في مقدمتها الدليل الاسترشادي لأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، والإطار العام لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة، والإطار العام لمبادرة التنبؤ بالمناخ وإدارة الكوارث باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن دول مجلس التعاون أولت اهتماماً متزايداً بقطاع الذكاء الاصطناعي، إدراكاً منها لدوره المحوري في تشكيل ملامح الاقتصاد العالمي الجديد.
وتشير التقديرات إلى أن استثمارات دول المجلس في هذا القطاع قد بلغت عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات القليلة الماضية، مع خطط طموحة لزيادة هذه الاستثمارات إلى مئات المليارات بحلول عام 2030، بما يعكس التوجه الاستراتيجي لدولنا نحو بناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والتقنيات المتقدمة.
ويعيد تشكيل أنماط العمل والإنتاج وأساليب التواصل بين الأفراد والمجتمعات، وهو يفتح آفاقاً رحبة في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والاقتصاد والخدمات، غير أن هذه المكاسب تصاحبها تحديات كبرى تفرض على المجالس التشريعية مسؤولية مضاعفة».
مضيفاً أن المناقشات بشأنه ستحدد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيصبح قوة تدعم الديمقراطية وتحسن حياة الناس، أم أنه سيتحول إلى أداة لتركيز السلطة، وتعميق التفاوتات، وتقويض المؤسسات التي نخدمها، وأعرب عن إعجابه بالقيادة والرؤية التي تبديها دول مجلس التعاون الخليجي في هذا المجال.
وأشار إلى أنه وفقاً لرصد الاتحاد البرلماني الدولي فإن أكثر من خمسين برلماناً حول العالم يتخذ إجراءات متعلقة بالذكاء الاصطناعي، وبعض الدول اعتمدت قوانين شاملة، فيما ما لا يقل عن 33 دولة تعمل حالياً على صياغة تشريعات جديدة.
مبيناً أن الدول تختار الأنسب لمجتمعاتها وتعكس قيمها وسياقاتها وطموحاتها الخاصة، من خلال إعداد تشريعات لا تقتصر على المبادئ، بل تكون قابلة للتطبيق، وتترك أثراً حقيقياً في طريقة تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه.
وأكد الحاجة إلى مزيد من التعاون الدولي والإقليمي، فالذكاء الاصطناعي لا يعترف بالحدود والخوارزميات التي تشغل محركات البحث، والنماذج التي تولد المحتوى، والأنظمة التي تتخذ قرارات حيوية كلها تتدفق عبر حدود دولنا بسلاسة، ونحتاج إلى تنسيق في المعايير، وفي تقييم المخاطر، وفي الضمانات الأساسية، مشيراً إلى كيفية تحقيق التوافق الدولي دون المساس بالسيادة الوطنية والاستقلال الديمقراطي.
وتتألف الحزمة من ثلاث ركائز أساسية؛ الأولى سياسة الذكاء الاصطناعي في المجلس الوطني الاتحادي، وتمتد لتشمل محاور متعددة من المبادئ الأخلاقية وتطبيقاتها العملية والتوعية وبناء القدرات وإدارة التحديات والتحسين المستمر للأنظمة، والثانية لائحة أخلاقيات استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في المجلس.
والتي تشكل إطاراً تشريعياً عصرياً لتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والفاعلية في أنشطة الدعم البرلماني لتنظم الالتزامات الأخلاقية والضوابط التقنية لاستخدام الذكاء الاصطناعي وأحكام الحوكمة والرقابة وتجمع بين الطابع المؤسسي الرصين والروح المستقبلية الطموحة.
جلسات
مؤكداً أهمية أن تكون التشريعات أسرع وأكثر استباقية وقادرة على متابعة هذه التقنيات. وقال إن دولة الإمارات تدمج الذكاء الاصطناعي في صنع القرار الحكومي، وقامت بمنح عضوية استشارية للذكاء الاصطناعي في مجلس الوزراء، وأنها لا تكتفي بالاستجابة للمتغيرات، بل هي صانعة للأساس الذي تبنى عليه التحولات الكبرى.
موضحاً أن الدولة أطلقت الميثاق الوطني لتطوير استخدام الذكاء الاصطناعي، وأول منظومة تشريعية ذكية متكاملة لتطوير التشريعات والقوانين في الحكومة، ووضعت سياسة اللجنة الوطنية للانتخابات باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وناقشت الجلسة الأولى «الدور التشريعي للمجالس التشريعية الخليجية في حوكمة الذكاء الاصطناعي الواقع، التحديات، وآفاقه المستقبلية»، والتي أدارها الدكتور سيف سعيد المهيري، الأمين العام المساعد للتشريع والرقابة في المجلس الوطني الاتحادي.
وتحدثت فيها الدكتورة إشراق الرفاعي، عضو مجلس الشورى السعودي، ووليد المنصوري، عضو المجلس الوطني الاتحادي، والدكتور أحمد السعدي، عضو مجلس الشورى العماني، وصادق عيد آل رحمة، عضو مجلس الشورى البحريني، ومحمد إبراهيم الشيخ، مدير إدارة التشريع في مجلس الشورى القطري.

