منذ أن تسلم صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي قيادة إمارة الفجيرة قبل 51 عاماً، كان قلبه مع شعبه، وعزيمته معقودة على رفع رايات النهضة، وبصره مشدوداً نحو المستقبل.
لقد شكّل تسلّم سموه مقاليد الحكم بالإمارة في الـ 18 من شهر سبتمبر من عام 1974 محطة انطلاق لمسيرة تنموية طموحة، استلهمت روح الاتحاد، التي أرساها الآباء المؤسسون، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
ومنذ اللحظة الأولى آمن سموه بأن نهضة الإمارات تنبع من وحدة الصف وبناء الإنسان، قبل التشييد والعمران، فترسخت الهوية الوطنية، وتعززت أواصر الانتماء والولاء، ما جعل من إمارة الفجيرة واحة استقرار ومنارة ثقافة، ووجهة اقتصادية وسياحية متميزة على مستوى المنطقة والعالم.
ويمثل هذا اليوم الوطني الغالي، مناسبة لتجديد معاني الوفاء بين القيادة والشعب، إذ لم يكن مرور واحد وخمسين عاماً مجرد تاريخ، بل فصل من فصول المحبة والثقة، التي يكنها أبناء الفجيرة لقيادتهم، التي سخرت طاقاتها وجهودها من أجل رفعتهم وكرامتهم، فتوحدت الكلمة، وتعززت اللحمة الوطنية في كل المواقف والمناسبات.
وفي ظل رؤية سموه الثاقبة، حققت الإمارة قفزات نوعية في مجالات الاقتصاد والمجتمع والصحة والخير، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي للإمارة 29 مليار درهم، في حين وصلت قيمة المساعدات الاجتماعية إلى 380 مليون درهم، في دلالة واضحة على حرص القيادة على دعم كل فئات المجتمع.
وفي مجال الطاقة، أسهمت المشاريع الحيوية في ترسيخ أمن الطاقة، إذ تنتج مصافي التكرير في الإمارة نحو 200 ألف برميل يومياً، إلى جانب إنتاج 4 آلاف طن متري من المصافي البترولية لعام 2024، ما يعزز مكانة الفجيرة مركزاً استراتيجياً على خريطة الطاقة العالمية.
وقد شهد قطاع التعليم تطوراً لافتاً، حيث يواصل ما يزيد على 55 ألف طالب مسيرتهم الدراسية في المدارس والجامعات المنتشرة بالإمارة، وعلى الصعيد الاقتصادي، تم إصدار 25 ألف رخصة اقتصادية لدعم بيئة الأعمال والاستثمار، أما القطاع الصحي فقد واصل تطوره بوتيرة متسارعة.
بفضل التوجيهات السامية، حيث تم إجراء 10,500 عملية جراحية في مختلف التخصصات، وتقديم خدمات الرعاية الصحية عبر 129 مستشفى ومركزاً وعيادة، يديرها 4500 من الكوادر الطبية والتمريضية، بما يضمن أعلى معايير الرعاية الصحية.
البحث العلمي
وفي سياق الاهتمام برأس المال البشري، أولت القيادة أهمية خاصة للتعليم العالي والبحث العلمي، حيث شهدت الإمارة تخريج 1500 طالب من حملة الماجستير والدكتوراه، في تجسيد لنهج مستدام في الاستثمار بالإنسان، وبناء الكفاءات الوطنية.
وقد قاد سموه نهضة اقتصادية شاملة جعلت الفجيرة تنافس المدن الإقليمية والدولية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي على المحيط الهندي، ومنشآتها الحديثة في قطاع الطاقة والموانئ. وتُعد الفجيرة اليوم مقراً لأكبر رصيف بترولي في الشرق الأوسط، وأعمق رصيف في العالم لتحميل ناقلات النفط العملاقة، ما يعزز قدرتها التنافسية في السوق العالمية.
ولم يغِب عن هذه النهضة الجانب العمراني، حيث تم تنفيذ شبكات متقدمة من الطرق والمساكن والمرافق التعليمية والصحية، بتصميمات حديثة، تواكب تطلعات السكان، وتدعم النشاط السياحي والاقتصادي، ما أسهم في تحسين جودة الحياة ورفع كفاءة الخدمات العامة.
إشعاع ثقافي
وتميزت الفجيرة برؤية ثقافية وفنية رائدة جعلتها على خريطة الإبداع محلياً ودولياً، إذ تحتضن الإمارة عدداً من المهرجانات والمؤتمرات الكبرى، أبرزها:
مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، ملتقى الفجيرة الإعلامي، مهرجان البدر السنوي، مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، حيث أسهمت هذه الفعاليات في جعل الفجيرة عاصمة للفن والحوار الحضاري، ومنصة للإبداع والفكر.
رسالة ولاء
وبهذه الذكرى العزيزة يقف شعب الإمارات موقف تقدير وإجلال لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، معبرين عن امتنانهم العميق لحكمته ورؤيته السديدة، وحرصه الدائم على رفعة الوطن والمواطن.
إن مرور واحد وخمسين عاماً على قيادته للإمارة ليس مجرد محطة تاريخية، بل هو شعلة مضيئة في درب التنمية والتقدم، ورسالة متجددة للتمسك بقيم الاتحاد والثوابت الوطنية، والعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً.

