«تصفير البيروقراطية» يحقق رؤية القيادة لتسهيل حياة الناس

جانب من اللقاءات الدورية لتصفير البيروقراطية
جانب من اللقاءات الدورية لتصفير البيروقراطية
محمد بن طليعة
محمد بن طليعة

أكد المهندس محمد بن طليعة، رئيس الخدمات الحكومية في حكومة دولة الإمارات، أن الحكومة تقود سباقاً مع الزمن في رحلة تتحدى مفاهيم الإدارة، وتعيد تعريف دور الحكومة كمنصة تمكين.

مشيراً إلى أن برنامج تصفير البيروقراطية هو ترجمة عملية لرؤية قيادة تؤمن بأن الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، وأن كفاءة الحكومة تُقاس بقدرتها على تسهيل حياة الناس.

وقال المهندس محمد بن طليعة في حوار مع «البيان»، إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أعلن عن توسيع نطاق الإنجاز في برنامج تصفير البيروقراطية، ليشمل البيروقراطية الرقمية بشكل كامل.

منوهاً بأن الطموح في المرحلة الثانية من البرنامج، هو تحقيق فعلي لمبدأ «نطلب البيانات مرة واحدة»، ولتحقيق ذلك لا بد من تعزيز الترابط بين الجهات الاتحادية والمحلية، والاعتماد على التشغيل البيني الذكي، والتبني الفعال للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

حيث يُعد التبني الفعال لهذه العناصر، خاصة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، أحد المعايير الرئيسية التي سيتم تقييم الجهات الحكومية بناءً عليها خلال الدورة الثانية من البرنامج.. وتالياً نص الحوار:

ما هي أهداف إطلاق برنامج تصفير البيروقراطية ومخرجات المرحلة الأول من البرنامج؟

برؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، جاء إطلاق برنامج تصفير البيروقراطية امتداداً لفكر سموه في بناء حكومات مرنة، سريعة، تضع الإنسان في قلب العمل الحكومي، وتصمم خدماتها بناءً على احتياجاته وتطلعاته، وفي دولة الإمارات، تصميم الخدمات الحكومية لا ينطلق من النماذج أو اللوائح، بل من الرغبة الصادقة في تحسين حياة الناس بشكل ملموس.

وجاءت توجيهات سموه واضحة ومباشرة، لا مكان لأي إجراء لا يضيف قيمة، ولا مبرر لأي خطوة تُهدر وقت المتعاملين أو تُعطّل طموحاتهم، فهدفنا «حكومة بلا تعقيد، وخدمات بلا انتظار، ونتائج تصنع فرقاً حقيقياً في حياة الناس».

وتنطلق الفكرة الجوهرية للبرنامج من قناعة راسخة بأن البيروقراطية في شكلها التقليدي لم تعد تناسب عصر السرعة والتغيير، فالتأخير، والتكرار، والتعقيد، أمور لم تعد مقبولة في منظومة خدمات يُفترض بها أن تُمكّن الإنسان، لا أن تُعطله.

وفيما يتعلق بالمرحلة الأولى من البرنامج، ركزت على مراجعة شاملة للإجراءات الأكثر تأثيراً على حياة الناس وأعمالهم، وتم تحليل كل خطوة، وتقليص عدد الوثائق، واختصار المعاملات. والنتائج كانت واضحة.

حيث تم تقليص كبير في زمن إنجاز المعاملات، ورفع كفاءة الأداء، والتخلص من كل إجراء لا يضيف قيمة حقيقية، وشمل ذلك: إلغاء أكثر من 4000 إجراء غير ضروري، وإزالة 1600 متطلب ووثيقة، كذلك تقليص زمن إنجاز الخدمات بنسبة 70%، وتوفير أكثر من 12 مليون ساعة على المتعاملين.

رؤية القيادة

كيف ترجم البرنامج رؤى قيادة الإمارات، وكيف يؤثر تصفير البيروقراطية على الفرد والمجتمع؟

برنامج تصفير البيروقراطية هو ترجمة عملية لرؤية قيادة تؤمن بأن الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، وأن كفاءة الحكومة تُقاس بقدرتها على تسهيل حياة الناس، لا بتعقيدها، فالرؤية ليست شعاراً بل منهجية عمل حقيقي على أرض الواقع تستهدف تصفير التعقيد، وتصميم تجربة حكومية تجعل من الإنسان محوراً وشريكاً في كل تطوير.

وفي الإمارات لم يعد المتعامل مجرد مستفيد، بل هو طرف أساسي في تحسين التجارب الحكومية. وكل إجراء تمت مراجعته، هل يخدم الإنسان؟

إن لم يكن كذلك، يُلغى أو يُبسط أو يُدمج، فالهدف واضح أن تكون التجربة الحكومية سهلة، سريعة، وذات كفاء عالية، ولها تأثير مباشر على الفرد، بحيث أن تكون الخدمات أسرع وأسهل، والتجربة أكثر سلاسة، والوقت أقل في الانتظار أو المتابعة. أما على مستوى المجتمع، فكل دقيقة نوفرها للناس هي فرصة إنتاج جديدة، وطاقة يعاد توجيهها نحو الإبداع والابتكار.

البيروقراطية الرقمية

إذا كانت المرحلة الثانية تستهدف تصفير البيروقراطية الرقمية، ما هي آليات العمل على تصفير 100 % من البيروقراطية الرقمية؟

أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، عن توسيع نطاق الإنجاز في برنامج تصفير البيروقراطية، ليشمل البيروقراطية الرقمية بشكل كامل، هذه المرحلة هي الأكثر طموحاً. فالبيروقراطية الرقمية، ببساطة هي:

كل تعقيد أو عائق يواجه المتعامل خلال رحلته الرقمية مع الجهات الحكومية، من الأخطاء التقنية، إلى تعقيد التصميم، إلى ضعف التشغيل البيني بين الأنظمة، إلى عدم توفر الخدمة أو صعوبتها في الاستخدام.

وتصفير البيروقراطية الرقمية يعني بناء تجربة رقمية خالية من الأعباء، وسلسة منذ اللحظة الأولى.. نريد خدمات حكومية خالية من الأخطاء التقنية، ومتاحة في كل وقت، وسهلة الاستخدام، ومبنية على فكر التشغيل البيني، وعالية الاعتمادية، وتمكن هذه الخدمات المتعامل من إنهاء الخدمة من المحاولة الأولى، دون حاجة للتكرار أو الدعم أو المراجعة.

وتعتمد آليات العمل في هذه المرحلة على فرق مشتركة من الجهات الحكومية تعمل بأسلوب مراجعة وتحسين دوري لكل رحلة رقمية مع قياس مباشر لزمن الإنجاز، ومستوى رضا المتعامل، ونسبة إتمام الخدمة بنجاح من المحاولة الأولى.

نافذة موحدة

بين تعدد التطبيقات والنوافذ، هل تتجهون لنافذة ذكية موحدة وضمان ألا تتحول الرقمنة إلى بيروقراطية مقنعة؟ وهل هناك تحديات لتصفير البيروقراطية الرقمية؟

بتوجيهات واضحة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نعمل على ضمان ألا تتحول الرقمنة إلى بيروقراطية مقنعة، فالرقمنة ليست هدفاً بحد ذاتها، بل وسيلة لتبسيط حياة الناس، وتحقيق تجربة حكومية أكثر كفاءة وسلاسة.

وفي بدايات التحول الرقمي، كان التوجه في بعض الجهات يتمثل فقط في تحويل النماذج الورقية إلى قوالب إلكترونية دون إعادة هندسة شاملة للتجربة، وهذا النهج لم يعد مقبولاً اليوم. فبرنامج تصفير البيروقراطية جاء ليؤكد أن المطلوب ليس رقمنة التعقيد، بل إزالة التعقيد من الأساس.

والحقيقة يجب أن يُبنى التحول الرقمي من منظور المتعامل، وأن يحقق له تجربة خالية من الأعباء، تبدأ وتنتهي بسهولة، دون تكرار طلب البيانات أو خطوات غير ضرورية.

وفي المرحلة الثانية من البرنامج، نطمح لتحقيق فعلي لمبدأ «نطلب البيانات مرة واحدة» وهو مبدأ لا يمكن تحقيقه إلا من خلال: تعزيز الترابط بين الجهات الاتحادية والمحلية، والاعتماد على التشغيل البيني الذكي، والتبني الفعال للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

، ويُعد التبنّي الفعّال لهذه العناصر، خاصة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، أحد المعايير الرئيسية التي سيتم تقييم الجهات الحكومية بناءً عليها خلال الدورة الثانية من البرنامج.

تغيير الثقافة

رؤية القيادة أن تصفير البيروقراطية ليس إجراء بل ثقافة، كيف يعمل البرنامج على تغيير ثقافة العمل الحكومي؟

توجيهات القيادة واضحة، تصفير البيروقراطية ليس إجراء عابراً، ولا مشروعاً تقنياً، بل هو تحول ثقافي شامل في طريقة تفكير الجهات الحكومية، وفي الطريقة التي نصمم ونقدم بها خدماتنا، لأن التحدي الحقيقي ليس في تغيير الأدوات وحسب، بل في تغيير الفكر.

وتم تصميم برنامج تصفير البيروقراطية ليغرس هذه الثقافة الجديدة من خلال نموذج عمل تشاركي، يضع الجهات الحكومية في موقع المبادرة لا الانتظار، ويحول كل جهة إلى مساهم في تطوير التجربة لا متلقٍ للتوجيه.

ومن أبرز أدوات هذا التغيير، اللقاءات التي تستضيفها الجهات الحكومية بشكل شهري، ويتم خلالها مشاركة قصص النجاح، واستعراض التحديات، وتوليد الحلول بشكل مشترك، وهذه اللقاءات لم تكن مجرد اجتماعات، بل منصات لتعزيز ثقافة التحسين المستمر، والانفتاح، والتعلّم من الآخرين.

ففي المرحلة الأولى، أسهم هذا النموذج بشكل كبير في تحقيق منجزات ملموسة، لأنه خلق حراكاً مؤسسياً داخلياً وخارجياً، ورفع من مستوى الوعي بالأثر الحقيقي للإجراءات على الناس.

وفي المرحلة الثانية، سنواصل هذا النهج، بل سنعززه، لأننا نؤمن أن أي تحول حكومي لا يكتمل إلا إذا أصبح ثقافة عمل يومية داخل الجهات، لا برامج مؤقتة وحسب، وكما أن بناء الثقافة يتطلب أدوات عملية، فإن التحفيز أيضاً له دور أساسي في ترسيخ الفكر الجديد.

ولهذا وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بمنح جوائز للجهات وفرق العمل الأفضل، بقيمة إجمالية تبلغ 7 ملايين درهم، وهي الأكبر في تاريخ العمل الحكومي، وذلك تقديراً للجهود التي تصنع الفارق في حياة الناس، وتشكل نموذجاً يُحتذى في التغيير.

القطاع الخاص

ما دور القطاع الخاص في برنامج تصفير البيروقراطية، وهل هناك عمل تكاملي بين القطاع الخاص والجهات الحكومية؟

القطاع الخاص ليس جهة منفصلة عن منظومة العمل الحكومي، بل شريك رئيسي في تصميم وتحسين الخدمات، وتعزيز كفاءة البيئة الاقتصادية بشكل عام. وفي برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية، نؤمن أن للقطاع الخاص دوراً محورياً، سواء من خلال مشاركة الرؤى والخبرات، أو طرح التحديات التي يواجها في دورة الأعمال، والتي يمكن أن تسهم في إعادة تصميم الإجراءات الحكومية بطريقة أكثر مرونة وتجاوباً مع الواقع الاقتصادي.

التكامل مع القطاع الخاص لا يُبنى فقط على الاستماع، بل على العمل المشترك، ونحن نتعلم من القطاع الخاص، سواء في السرعة أو في التركيز على تجربة المتعامل، ونسعى إلى نقل هذه الممارسات إلى بيئة العمل الحكومي، بما يعزز من تنافسيتنا.

ويضمن بيئة أعمال أكثر جذباً واستقراراً، وفي المرحلة المقبلة من البرنامج، سيكون هناك تركيز أكبر على توسيع الشراكات مع القطاع الخاص، والاستفادة من مرئياته، خاصة في الخدمات المرتبطة بالمستثمرين ورواد الأعمال.

قيمة اقتصادية واجتماعية

ما الأثر الاقتصادي والاجتماعي لبرنامج تصفير البيروقراطية في دولة الإمارات، وكيف يتم قياسه؟

برنامج تصفير البيروقراطية ليس مشروعاً تنظيمياً فقط، بل مشروع تنموي بأبعاد اقتصادية واجتماعية واضحة، فكل إجراء غير ضروري يتم إلغاؤه، وكل خدمة تُبسّط، وكل دقيقة نوفرها على الناس هي في الحقيقة قيمة اقتصادية نُعيد ضخّها في عجلة النمو، وفرصة اجتماعية لرفع جودة الحياة.

فالأثر الاقتصادي واضح من خلال تقليص الوقت والتكاليف، وتقليل الهدر الإداري، وتسريع حركة الأعمال، وتمكين المستثمرين من بيئة أعمال أكثر سلاسة واستقراراً، وبالنسبة للأثر الاجتماعي، يمتد إلى تمكين الأفراد، وتخفيف الضغوط اليومية، ورفع مستويات الرضا والثقة بالحكومة.

أما من حيث القياس، نقيس الأثر الحقيقي من خلال زمن إنجاز الخدمة، وعدد الإجراءات المُلغاة أو المُبسطة، ومدى رضا المتعاملين، وفي المرحلة الأولى، تم توفير أكثر من 1.2 مليار درهم على المتعاملين وقطاع الأعمال من تكاليف انتقال ووقت مهدر، وهي أرقام تعكس جدية البرنامج وواقعية أثره.

شراكة مجتمعية

هل للمتعاملين دور في تعزيز جهود الحكومة في برنامج تصفير البيروقراطية؟ وكيف يتم إشراكهم في تصميم وتطوير الخدمات الحكومية؟

في برنامج تصفير البيروقراطية، لا يُنظر إلى المتعامل كمجرد متلقٍ للخدمة، بل كشريك أساسي في تطويرها وتحسينها، فإشراك المتعاملين هو حجر الأساس لأي جهد حكومي يسعى لتقديم خدمات ذات قيمة حقيقية.

والتجربة لا تُصمم داخل المكاتب، بل تبدأ من الميدان وأرض الواقع، ومن صوت المتعامل نفسه، من هذا المنطلق، تم تفعيل مجالس المتعاملين لتمثل منصات حوار مباشر مع فئات المجتمع المختلفة، تُطرح فيها التحديات، وتُناقش فيها التجارب، وتُبنى من خلالها الحلول بشكل تشاركي، هذه المجالس ليست استشارية فقط، بل تشكّل رافعة معرفية تُسهم في توجيه فرق العمل نحو أولويات واقعية يشعر بها الناس يومياً.

كما تم اعتماد منهجيات مبتكرة لإشراك المتعاملين في كل مرحلة من مراحل مراجعة وإعادة تصميم الإجراءات والخدمات: من الملاحظة، إلى الاختبار، إلى التقييم، بما في ذلك الاستفادة من نتائج استبيان نبض المتعامل، والمتسوق السري، وتجارب المتعاملين الفعلية.

فتجربة المتعامل هي البوصلة، وصوته هو المحرك الأول لأي تطوير نقوم به، ولهذا، فإن إشراك المتعاملين ليس خياراً، بل ضرورة لضمان أن تكون الخدمات الحكومية انعكاساً حقيقياً لاحتياجات المجتمع وتوقعاته.

محمد بن طليعة:

لا مكان لأي إجراء لا يضيف قيمة ولا مبرر لأي خطوة تُهدر وقت المتعاملين

هدفنا حكومة بلا تعقيد وخدمات بلا انتظار ونتائج تصنع فرقاً حقيقياً في حياة الناس

الذكاء الاصطناعي معيار رئيسي في تقييم تصفير البيروقراطية الرقمية

المرحلة الأولى من البرنامج وفرت 1.2 مليار درهم

إلغاء 4000 إجراء وإزالة 1600 متطلب ووثيقة

70 %

نسبة تقليص زمن إنجاز الخدمات

12

مليون ساعة تم توفيرها على المتعاملين

المرحلة المقبلة ستركز على توسيع الشراكات مع القطاع الخاص

تجربة الخدمات لا تُصمم داخل المكاتب بل تبدأ من الواقع ومن صوت المتعامل نفسه

تفعيل مجالس المتعاملين لتمثل منصات حوار مباشر مع فئات المجتمع