اعتمدها محمد بن زايد.. محمد بن راشد يعلن عن تغييرات في حكومة الإمارات

عبدالله بن طوق وزيراً للاقتصاد والسياحة
عبدالله بن طوق وزيراً للاقتصاد والسياحة
ثاني الزيودي وزيراً للتجارة الخارجية
ثاني الزيودي وزيراً للتجارة الخارجية

محمد بن راشد: العالم يمر بمرحلة إعادة تشكيل شاملة وهدفنا الاستعداد للعقود القادمة

اعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية لدعم صناعة القرار في مجالس الدولة

بعد التشاور واعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أمس، عن تغييرات في حكومة الإمارات، واعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية - كعضو استشاري في مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للتنمية وكافة مجالس إدارات الهيئات الاتحادية والشركات الحكومية بداية من يناير 2026.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عبر حسابه على منصة «إكس»: «الإخوة والأخوات.. بعد التشاور مع أخي رئيس الدولة، حفظه الله، واعتماده.. نعلن عن بعض التغييرات في حكومة دولة الإمارات كالتالي: إنشاء وزارة للتجارة الخارجية في حكومة الإمارات وتعيين الدكتور ثاني الزيودي وزيراً للتجارة الخارجية، وتغيير اسم وزارة الاقتصاد لتكون وزارة الاقتصاد والسياحة ويتولاها عبدالله بن طوق المري».

وأضاف سموه: «ونعلن أيضاً أنه سيتم اعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية - كعضو استشاري في مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للتنمية وكافة مجالس إدارات الهيئات الاتحادية والشركات الحكومية بداية من يناير 2026 بهدف دعم صناعة القرار في هذه المجالس وإجراء تحليلات فورية لقراراتها وتقديم المشورة الفنية لها ورفع كفاءة السياسات الحكومية التي تتبناها هذه المجالس في كافة القطاعات».

وتابع سموه: «العالم يمر بمرحلة إعادة تشكيل شاملة.. علمياً.. واقتصادياً.. ومجتمعياً.. وهدفنا الاستعداد من اليوم للعقود القادمة.. هدفنا ضمان استمرار الرفاه والحياة الكريمة للأجيال القادمة».

حوكمة ذكية

وتؤكد حكومة الإمارات، من جديد أن الذكاء الاصطناعي في الدولة لم يعد خياراً، بل أصبح ركناً أساسياً من معادلة الحوكمة الذكية والتنمية المستدامة، إذ تواصل جهودها في توظيف أحدث التقنيات والعلوم الحديثة للارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية وتعزيز جودة الحياة، ويأتي ذلك في سياق رؤية استشرافية تترجم سعي الدولة للحفاظ على موقعها ضمن مصاف الدول الأكثر تنافسية عالمياً، لا سيما في مجالات الاقتصاد الرقمي، والاستثمار، وبيئة الأعمال، والبنية التحتية التكنولوجية، وهو ما تجسد في إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، باعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية كعضو استشاري في مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للتنمية ومجالس إدارات الهيئات الاتحادية والشركات الحكومية، اعتباراً من يناير 2026.

كخطوة استراتيجية جديدة تضع الإمارات في مقدمة الدول الرائدة عالمياً في تبني الذكاء الاصطناعي كأداة مركزية لصنع القرار الحكومي.

تحول ذكي

ويعد التحول الذكي في صنع القرار الحكومي نقلة نوعية في آليات صناعة القرار، حيث يمثل قفزة نحو «الحكومة المدعومة بالذكاء الاصطناعي»، وهذا توجه استراتيجي يعزز الكفاءة التشغيلية، ويقلل من التحيزات، ويُمكن من تحليل البيانات الضخمة بشكل فوري ودقيق، ما يؤدي إلى رسم سياسات أكثر فعالية وواقعية تلبي طموحات قيادة وحكومة الإمارات وتطلعاتها المستقبلية.

استراتيجية وطنية

وتأتي هذه الخطوة في إطار «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031»، التي أطلقتها الدولة، بهدف توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات العمل الحكومي والاقتصاد والتعليم والنقل والصحة والخدمات الذكية.

وتهدف الاستراتيجية إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100 % بحلول عام 2031، كذلك تعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي لتطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي وإبراز دورها كقوة عالمية في مجال الابتكار والتكنولوجيا، ما يعزز قدرتها على مواكبة التحديات المستقبلية في المجالات كافة.

كما تم إطلاق العديد من المبادرات لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات، وجاء إطلاق البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي بهدف دعم جميع البرامج والمبادرات الرامية إلى تسريع وتشجيع تبني التكنولوجيا في مختلف القطاعات الحيوية والمستقبلية مع ضمان أعلى معايير الأمان وحماية الخصوصية وأمن البيانات، ويتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة في دولة الإمارات وخارجها لضمان توظيف تكنولوجيا المستقبل بكفاءة عالية تعود بالنفع على الاقتصاد والمجتمع.

والحقيقة أن إدماج الذكاء الاصطناعي كعضو استشاري في الهيئات العليا في الدولة يعد تطوراً نوعياً يعكس رغبة قيادة الإمارات في التحول من الاستخدام التقني التقليدي إلى الاعتماد الاستراتيجي المؤسسي، عبر تقديم تحليلات آنية دقيقة، ودعم صناع القرار بمشورة مبنية على البيانات، وهذا بدوره سيعزز فعالية السياسات الحكومية ويقلل من التكاليف التشغيلية.

استثمارات ضخمة

وانسجاماً مع رؤية الإمارات الطموحة لترسيخ مكانتها دولة رائدة عالمياً في التكنولوجيا والابتكار، تخصص الدولة استثمارات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصاد الدولة إلى نحو 96 مليار دولار (أكثر من 350 مليار درهم) بحلول عام 2030 أي ما يعادل نحو 14 % من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لتقارير مؤسسات عالمية آخرها لشركة «ديل» التكنولوجية، ومجموعة «برايس ووترهاوس كوبرز»، كما أنفقت دولة الإمارات مليارات الدراهم على مشاريع بحث وتطوير في الذكاء الاصطناعي، شملت قطاعات متعددة مثل النقل الذكي، والروبوتات الطبية، وتحليلات البيانات الحكومية، والطاقة النظيفة، والحوكمة الرقمية.

وحققت دولة الإمارات إنجازات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أدخلت وزارة المالية تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتقديم خدمات فورية وفعالة دون تدخل بشري، ضمن جهودها لتصفير البيروقراطية.

وفي قطاع الطاقة، برزت الإمارات كدولة سبّاقة في توظيف الذكاء الاصطناعي والابتكار ضمن مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، دعماً لأهداف الحياد المناخي.

كما حلت الدولة في المركز الأول عالمياً في مؤشر البنية التحتية للاتصالات، حسب تقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية 2024، وتصدرت دول المنطقة في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي وفق تقرير «أوكسفورد إنسايتس»، بفضل تقدمها في مجالات الحكومة، التكنولوجيا، والبنية التحتية.

واحتلت الإمارات المرتبة الخامسة في مؤشر معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان، الذي يقيم 36 دولة بناءً على 42 مؤشراً متخصصاً.

تأثيرات ملموسة

وانعكست هذه الجهود في تحسين تجربة المتعاملين، حيث أصبحت أغلب خدمات الحكومة الاتحادية مؤتمتة وذكية، مع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوك المستخدمين وتحسين جودة الخدمة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم دمج الذكاء الاصطناعي في خدمات وزارة الداخلية لتوقع احتياجات السلامة العامة، وفي وزارة الصحة لتحسين تشخيص الأمراض وتوزيع الموارد الصحية، وفي وزارة الموارد البشرية والتوطين لتوقّع الفجوات في سوق العمل واقتراح سياسات استباقية لسدّها.

كما نجحت الحكومة في إطلاق مبادرات مثل «المساعد الافتراضي» في العديد من الجهات الحكومية، والذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع المتعاملين، ما أدى إلى خفض زمن إنجاز المعاملات، وتقليل عدد زيارات مراكز الخدمة.

استعداد للمستقبل

وتستهدف رؤية حكومة الإمارات ضمان استدامة التنمية والرفاهية للأجيال القادمة، وهو ما يتجلى في تأسيس «جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي»، أول جامعة للدراسات العليا المتخصصة في الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، لتخريج جيل من الباحثين والقادة القادرين على قيادة التحول الرقمي العالمي.

كما أطلقت الإمارات «مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي والبلوك تشين» ليعمل كجهة تنسيقية وتوجيهية لتسريع تنفيذ المشاريع الوطنية في هذا المجال، إضافة إلى تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية لضمان الاستخدام الآمن والفعال للتقنيات الحديثة.

نموذج عالمي

واليوم تقدم دولة الإمارات نموذجاً عالمياً في استباق المستقبل، إذ يعد اعتماد الذكاء الاصطناعي كعضو استشاري في مجالس صنع القرار خطوة متقدمة نحو حوكمة قائمة على المعرفة والتحليل العميق للبيانات، كما أنها تضع نموذجاً يمكن أن تحتذي به الحكومات الأخرى، فالانتقال من الاعتماد على الرأي البشري الفردي إلى شراكة مؤسساتية مع الذكاء الاصطناعي يرسخ الشفافية والمرونة في اتخاذ القرار، ويرفع من جاهزية الدولة لمواجهة التحديات المستقبلية.

ولا تقتصر خطوات حكومة دولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي فقط على الاستثمار في التكنولوجيا، بل هي استثمار في الإنسان والمستقبل، وتمثل هذه الرؤية الطموحة والاستباقية، حجر الزاوية في بناء نموذج تنموي متجدد، يسعى للحفاظ على رفاهية المواطنين والمقيمين وضمان استدامة الإنجازات لعقود مقبلة.