وفاء الشامسي.. شغف تربوي ملهم لألف طالب

بروح ممتلئة حباً للغة الضاد، صنعت المعلمة وفاء ناصر الشامسي تجربة تعليمية تجاوزت جدران الصف إلى فضاءات المجتمع، فاستفاد من مبادراتها أكثر من ألف طالب وطالبة. لم تقدّم وفاء درساً تقليدياً، بل مشروعاً متكاملاً مزدوجاً بين الهوية والابتكار، ويعيد للغة العربية مركزيتها في وجدان المتعلمين عبر أنشطة رقمية وبحثية وتشاركية بات أثرها ملموساً في المدرسة وخارجها.

وتقول وفاء الشامسي إن نقطة الانطلاق كانت إيمانها بأن العربية تحتاج إلى تقديم بروح عصرية تجعلها حية وقريبة من الطالب. من هنا ولدت منصة «شغف» الرقمية، التي احتضنت ثماني مبادرات رئيسة لدعم اللغة العربية وتؤكد وفاء أن هذه المبادرات لم تكن مجرد منشورات رقمية، بل هي ورش تفاعلية تصقل شخصية الطالبة وتفتح أمامها طرق التعبير السليم والكتابة الواعية والقراءة النقدية.

الذكاء الاصطناعي بلغة عربية

وتمضي الشامسي خطوة أبعد بدمج الذكاء الاصطناعي في مبادرة التعليم نحو المستقبل، حيث قدّمت الطالبات شروحاً عملية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وكيفية توظيفها في أنشطة شغف لخدمة تعلم اللغة. وتؤكد وفاء أن إدماج الذكاء الاصطناعي لم يكن ترفاً بل ضرورة تربوية، لأن الطالب يحتاج أن يرى اللغة في قلب التحولات التقنية لا على هامشها، وأن يتعامل معها أداة للابتكار لا مادة جامدة. وابتكرت الشامسي كراسة اللغة العربية الإثرائية لتكون خريطة تعلم متدرجة تقيس التقدم وتنمّي حب العربية بوسائط عملية. وتشرح وفاء أنها أرادت للطالب أن يختبر دور الباحث لا المتلقي، لذا تدفع إلى إنجاز أوراق بحثية وبحوث إجرائية، ومن أبرزها ملفات حول التطوع ضمن فريق عون الذي كان بوابة للفوز بالمركز الثاني على مستوى الدولة، إلى جانب دراسات في العصور الأدبية وتاريخ العربية أسهمت في تعميق الفهم الثقافي واللغوي.

مكتبات صوتية

وتوسّع الشامسي أثر مبادراتها إلى المجال السمعي عبر مكتبة دروس الثاني عشر التي تخدم طلبة الصف الثاني عشر بمقاطع تعليمية مركزة، ومكتبة اترك أثراً المخصصة للمعلمين وتضم استراتيجيات تدريسية مبتكرة من تصميمها. وتؤكد أن التعليم السمعي يفتح مساراً مواكباً لأنماط التعلم المختلفة، ويمنح الطالب فرصة التقاط المعرفة في أوقات وظروف متنوعة، ما يضاعف فرص الاستيعاب وترسيخ المهارات.

توثيق ورقمنة

ولا تكتفي الشامسي بالتنفيذ الميداني، بل توثّق التجربة في كتب رقمية تفاعلية تجمع مبادرات شغف وتعرض نماذج قابلة للتطبيق في المدارس. وقد نُشرت هذه الكتب عبر منصة وزارة التربية والتعليم، كما عُرضت في معرض الشارقة الدولي للكتاب، بما حوّل التجربة من مبادرات صفية إلى مرجع وطني يتيح الاستفادة والتعميم على نطاق أوسع.

وضمن رؤيتها التشاركية، أطلقت الشامسي ملتقى المعلمين الملهمين كي يكون مساحة تُعرض فيها قصص وتجارب ناجحة لمعلمين من مختلف إمارات الدولة. وتوضح أن الهدف هو خلق حلقة إلهام متبادلة، حيث يتعلّم المعلم من زميله وتكبر الممارسة الجيدة بالاقتداء والتشارك، فتنتقل الأفكار من مبادرة فردية إلى أثر مؤسسي.

شراكة مع المجتمع

وامتد الأثر إلى المجتمع عبر مبادرة نتحدث العربية بالشراكة مع مكتبة زايد المركزية، وتمثيل الشامسي لجمعية حماية اللغة العربية في لجنتها الثقافية. وتؤكد أن حماية اللغة مسؤولية مشتركة، وأن إشراك الأسر والجهات الثقافية يعزز فرص ترسيخ العربية في حياة الناس اليومية، ويربط المدرسة بنبض المجتمع.