أكد العميد خبير راشد لوتاه، نائب مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة للشؤون الفنية في شرطة دبي، أن التزييف العميق «الديب فيك» أصبح اليوم واحداً من أكبر التحديات الجنائية، التي تواجهها الأجهزة الأمنية، نظراً لاعتماد هذه التقنية على نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على تغيير ملامح الأشخاص أو وضعياتهم بدقة يصعب كشفها بالعين المجردة.
وقال، إن شرطة دبي تعاملت بالفعل مع قضية استخدم فيها مقطع تقنية التزييف العميق لإلصاق تهمة بشخص آخر، لكن الفحوصات الرقمية الدقيقة أثبتت أن الفيديو غير صحيح، ولم يُنتج من جهاز المتهم، ما ساعد في كشف الحقيقة، بالتعاون مع الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية.
وأوضح أن مواجهة هذا النوع من الجرائم تعتمد على منهجية مزدوجة، تبدأ بالتحقيقات الأولية والمنطق الجنائي، ثم الانتقال إلى تحليلات إلكترونية متقدمة، تتضمن فحص ما بين عشرة إلى خمسة عشر مؤشراً رقمياً، تكشف وجود التلاعب أو التعديل، مشيراً في هذا الإطار إلى أن الأدلة الجنائية طورت أدواتها بشكل كبير، وأن فرق الخبراء باتت قادرة على تعقب مصدر إنتاج الملفات، وتحديد الأجهزة التي أنشأتها.
وأشار إلى أن مسؤولياته تشمل الإشراف على جميع المختبرات الجنائية، بما فيها الأدلة التخصصية والإلكترونية ومسرح الحوادث والطب الشرعي وعِلم الجريمة والجينوم، مؤكداً أن هذه الإدارات شهدت تحولاً واسعاً نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع الفحوصات الجنائية.
وأضاف أن الأدلة الإلكترونية عبر أنظمة ذكاء اصطناعي تحلل كميات ضخمة من البيانات، فيما تستخدم التقنية ذاتها في فحوصات للتعرف الدقيق على البصمة الصوتية، إلى جانب الخبرة لدى المتخصصين، كما تنتج فحوصات الجين بيانات واسعة حول الخلفيات الوراثية، وتحلل ببرمجيات متقدمة، تسهم في رفع الدقة وتقليل زمن الفحص.
وأفاد بأن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً أساسياً من فحص البصمات والأسلحة والآلات والتعرف على الأشكال، موضحاً أن هذه التطبيقات لا توفر الوقت والجهد فحسب، بل تمنح أيضاً مستوى أعلى من اليقين والدقة.
وعي الجمهور
وعن حجم القضايا التي تصل إلى الأدلة الجنائية أوضح العميد المهندس لوتاه أن شرطة دبي تتعامل مع جميع أنواع القضايا، ومنها الرقمية، كبيرة كانت أم صغيرة، بعكس بعض الدول، التي تتجاهل البلاغات البسيطة، مؤكداً أن ارتفاع عدد البلاغات فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية لا يعني زيادة الجرائم، بل يعكس ارتفاع وعي الجمهور وثقته بأجهزة الشرطة.
وحذر العميد راشد لوتاه من الانسياق وراء استخدام أدوات التزييف العميق، مؤكداً أنها قد تعد أداة خطيرة تقود أصحابها إلى المساءلة القانونية، وداعياً الجمهور إلى التأكد من مصادر المحتوى، وعدم تداول أي مواد رقمية مشكوك فيها، كما شدد على أهمية أحكام الرقابة على الأطفال ومتابعة منصات الألعاب، التي يمارسونها والمحادثات لأن هناك أساليب عدة لاستدراجهم تصل إلى القيام بأفعال مشينة، موضحاً أن اكثر الفئات العمرية استهدافاً في هذا الإطار من 9-18 سنة، لافتاً إلى أن الهدف من التوعية هو الوقاية أيضاً، وليس التعامل بعد وقوع الجريمة فقط.
