أكد ماساهيكو ميتوكي، المدير العام للاتحاد البريدي العالمي، أن دولة الإمارات تمتلك تجربة متقدمة في الابتكار بالخدمات البريدية واللوجستية، وأصبحت نموذجاً يحتذى به على المستوى الدولي، لافتاً إلى أن رؤية الإمارات الوطنية في الابتكار والرقمنة خلقت بيئة مواتية لتعاون القطاعين العام والخاص، بما يعزز الثقة المتبادلة ويتيح تحقيق أهداف مشتركة في تطوير الخدمات البريدية.
وأشار إلى أن استراتيجية دبي 2026 - 2029، ترسم الملامح المستقبلية لقطاع البريد في العالم، وقال في مقابلة مع «البيان» على هامش مؤتمر الاتحاد البريدي العالمي في دورته الثامنة والعشرين، الذي تستضيفه دبي، تحت شعار «قيادة التغيير لصناعة المستقبل»: إنه من دواعي سروري البالغ أن أطلع على الحلول البريدية واللوجستية الابتكارية التي تطرحها الإمارات العربية المتحدة من خلال سِفن إكس (7X)، الممثل الرسمي لعضوية دولة الإمارات في الاتحاد العالمي.
ولفت إلى أهمية الاطلاع، خلال فعاليات مؤتمر قمة الاتحاد البريدي العالمي للقادة العالميين، على تعاون «سفن إكس» مع أمازون لتلبية الاحتياجات المحلية للتجارة السريعة.
وأضاف: «إن رؤية دولة الإمارات وأولوياتها الوطنية في مجالي الابتكار والرقمنة تهيئ بيئة تسمح للقطاعين العام والخاص بالعمل نحو تحقيق أهداف مشتركة، والأهم من ذلك بناء الثقة المتبادلة بينهما، والثقة هي العامل الأشد أهمية في أي شراكة، والبلدان الأخرى يمكنها أن تتعلم من هذا المثال لكي تضمن تمكُن سياساتها من تعزيز الابتكار من خلال شبكة البريد».
خدمات شاملة
وحول توقعاته للسمات الرئيسية فيما يخص «استراتيجية دبي للدورة 2026 - 2029»، التي ستُعتمد في المؤتمر، وكيف ستؤثر في مستقبل قطاع البريد العالمي، قال ماساهيكو ميتوكي: «ينصب التركيز الرئيسي للاستراتيجية التي نناقشها في هذا المؤتمر على وضع الشبكة البريدية في موضع يسمح لها بأداء دور مقدم خدمات التوزيع المفضل للتجارة الإلكترونية العالمية، كما نهدف إلى ضمان أن تظل الخدمات البريدية شاملة للجميع، بحيث تصل حتى إلى المناطق الريفية والنائية للغاية، ولتحقيق ذلك، نحن بصدد إعادة النظر في أساسيات الخدمات البريدية لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية، وهذا يعني إحداث منتجات بريدية تركز على الزبائن والتكنولوجيا الداعمة لها، التي يتوقعها زبائننا، مع ضمان أن تؤدي هذه الخدمات إلى زيادة إيرادات المؤسسات البريدية وتحسين نوعيتها الإجمالية».
وأضاف: «وضعنا خططاً للسنوات الأربع المقبلة لتحقيق هذا الهدف ويناقشها المؤتمر ويبحثها تمهيداً للاتفاق على مسار مشترك للمضي قدماً بالقطاع كله، ولن يتعزز هذا التحول من خلال الأدوات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي فحسب، كما ذكرت، ولكن أيضاً من خلال تعزيز التعاون والشراكات بين قطاع البريد والقطاع الخاص».
وتابع: «لا يمكن لقطاع البريد أن يحقق هذا التغيير التحويلي بمفرده، فمتى وُجدت حلول جديدة، ينبغي تقاسمها وتطبيقها بسلاسة على امتداد شبكتنا البريدية العالمية واليوم، تشكل هذه الشبكة أكبر نظام خاص بالتوزيع المادي من البداية إلى النهاية في العالم على الإطلاق، حيث تغطي 192 بلداً وتوظف أكثر من 4.6 ملايين شخص وتشمل 95 % من سكان العالم».
التحول الرقمي
وأشار إلى أن الاتحاد البريدي العالمي، بوصفه منظمة دولية تضم 192 بلداً عضواً ومجموعة أوسع من أصحاب المصلحة البريديين، يعتمد منظوراً عالمياً لتقييم التحول الرقمي على امتداد الشبكة البريدية وتحديد الثغرات وتقديم الحلول، وقال: «توفير هذه الحلول هو جزء أساسي من مهمتنا، ويتمثل دورنا في ضمان تمكن جميع البلدان، بغض النظر عن مستوى تطور خدماتها البريدية، من اغتنام فرص التحول الرقمي وربط مجتمعات بأكملها بالإنترنت بطريقة شاملة وذات مغزى».
وأضاف: «يتمثل أحد العناصر الأساسية لذلك في ضمان أن تعزز عمليات وضع السياسات والتنظيم الابتكار، ما يمكّن المؤسسات البريدية من أن تتوسع خارج نطاق الخدمات البريدية التقليدية. ويمكن للمؤسسات البريدية، بفضل ما تمتلكه من بنية تحتية واسعة النطاق، أن تقدم خدمات رقمية حتى في المناطق الريفية والمناطق التي تعاني من نقص في الخدمات ويمكن للشبكة البريدية، في حال تعزيزها كما ينبغي، أن تدعم النمو الاجتماعي والاقتصادي الوطني وأن تنهض ببرامج الرقمنة ويعمل الاتحاد البريدي العالمي على تسهيل ذلك من خلال توفير توجيهات سياساتية قائمة على الأدلة وتعزيز الحوار الشامل لعدة قطاعات وبناء القدرات وتيسير إبرام اتفاقات متعددة الأطراف».
حلول تقنية
وتابع: «نحن نوفر حلولاً تقنية متطورة، حلولاً ترمي إلى تسهيل التجارة الإلكترونية وتوفير خدمات الدفع البريدية، وحلولاً ترمي إلى تعزيز القدرة على التصدي للتهديدات السيبرانية وأخرى تتعلق بتنمية هواية جمع الطوابع البريدية، وتتسم هذه الحلول بالحداثة وسهولة الاستخدام والتكلفة المعقولة، وهي مصممة لتعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين تجربة الزبائن».
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يؤدي إلى تحقيق الاستخدام الأمثل لوسائل النقل ومسارات التوزيع وكشف البضائع غير المشروعة وتحسين كفاءة الطاقة وبالنسبة إلى الزبائن، فهو يعزز تتبع الطرود ويحسن نوعية الخدمة ويساعد على توقع الاحتياجات المتغيرة، ما يسمح للمؤسسات البريدية بتقديم خدمات أنسب لكل حالة.
وقال: «يشجع الاتحاد البريدي العالمي بشدة على اعتماد سياسات بريدية مدعومة بالذكاء الاصطناعي ونعكف حالياً على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي التي تساعد البلدان على تحديد الثغرات في الشبكة وتعزيز نوعية الخدمة وتوسيع نطاق التوزيع.
ومن الأمثلة على ذلك قاعدة البيانات الموحدة المرتبطة بمؤشر الاتحاد البريدي العالمي المتكامل للتنمية البريدية، والتي تساعد البلدان على فهم أدائها وتحسينه ومن الأمثلة الأخرى، تطبيق خاص بهواية جمع الطوابع البريدية يعتمد على الذكاء الاصطناعي ويساعد موظفي الجمارك على كشف الطوابع المزوّرة ومنعها من التداول».
التجارة الإلكترونية
وأوضح ماساهيكو ميتوكي أن الطفرة التي تشهدها التجارة الإلكترونية تدفع التحول الرقمي لشبكتنا من الأسفل إلى الأعلى والتجارة الإلكترونية الحديثة لا تعرف حدوداً، ويتوقع الزبائن أن تكون عملية التوزيع سريعة وموثوقة، بغض النظر عن مصدر البعيثة. وهم يتوقعون معرفة مكان بعيثتهم في حلقة من حلقات سلسلة الإمدادات وساعة وصولها إليهم. وكل هذا يعتمد على التبادل السليم وفي الوقت المناسب للبيانات البريدية بين المستثمرين البريدين وشركائهم.
وتابع: «ما يزيد من أهمية التحول الرقمي في هذا المجال على وجه الخصوص هو أن الشبكة البريدية التي تضم ما يقرب من 680000 مكتب بريد أصبحت تشكل العمود الفقري للتجارة الإلكترونية بالنسبة إلى المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة، وقطاعات الأعمال الصغيرة، والمجتمعات التي تعاني من نقص في الخدمات، والتي غالباً ما تواجه عوائق تحول دون استفادتها من الخدمات التجارية الميسورة التكلفة».

