أظهر تقرير «الفرص المستقبلية: 50 فرصة عالمية 2025»، الصادر عن مؤسسة دبي للمستقبل، أن نسبة المعاناة من اضطرابات نفسية أو عصبية، قفزت من ربع سكان العالم عام 2001، إلى نحو نصف السكان بحلول 2023، رغم تخصيص الحكومات 2.1 % من موازناتها الصحية للقطاع النفسي.
وأكد التقرير أن تحالفاً عالمياً من خبراء صحة نفسية ومختصين في علوم البيانات ومطوري برمجيات، يعملون على دمج مبادئ التعاطف والرؤية الثقافية المتنوّعة ضمن نماذج ذكية متخصصة، للعمل على بناء مجموعة بيانات مرجعية شاملة، تمكن من تقييم مدى توافق الحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مع الاحتياجات الصحية والنفسية للمستخدمين في مختلف أنحاء العالم، مع مراعاة السياقات المحلية والخصوصيات الثقافية.
ويشير التقرير إلى أن شخصاً من كل 8 يعاني اضطراباً نفسياً، فيما تبلغ نسبة الإصابة بين المراهقين، واحداً من كل 5، نتيجة الضغوط الاجتماعية والأسرية والنفسية، مثل العنف والفقر والاستخدام المفرط للتكنولوجيا، كما يحذر من أن استمرار هذه الاضطرابات دون علاج فعال، قد يرافق الأفراد حتى مرحلة البلوغ، عازياً ذلك إلى محدودية عدد المعالجين النفسيين، وارتفاع تكاليف الخدمات، والوصمة الاجتماعية التي تثني بعض المرضى عن طلب المساعدة.
وقد أثبتت خدمات الرعاية عن بُعد، فعاليتها بداية في تسعينيات القرن الماضي، ثم شهدت زخماً أكبر خلال جائحة «كوفيد 19»، عندما اختار 36 % من المرضى أدوات العلاج النفسي الرقمي، ما دفع إلى زيادة الاستثمارات، وتعديل الأطر التنظيمية، رغم بقاء تحديات حول جودة الرعاية، وكفاية الموارد البشرية في هذا المجال.
فرصة مستقبلية
يخلص التقرير إلى أن المستقبل يكمن في فرق عمل متعددة التخصصات، تضم باحثي ذكاء اصطناعي وأطباء نفسيين سريريين ومطوري برمجيات وعلماء بيانات، يعملون معاً على ضبط وتكييف النماذج اللغوية الكبيرة لالتقاط الفوارق الفردية والثقافية للمستخدمين، ويعتمد هذا المسعى على إنشاء مجموعات بيانات مرجعية، وتجارب تحليلية دقيقة، تؤسس لحزمة أدوات عالمية، تعزز من قدرة هذه النماذج على تشخيص الحالات، ومراقبة المرضى، وتقديم استشارات نفسية ملائمة في سياقات محلية متنوعة.
ومن شأن هذه الحلول، وفقاً للتقرير الصادر، أن توسع من إمكانية وصول الأفراد إلى خدمات الدعم النفسي، وتحسن نتائج العلاج ميدانياً، ما يعزز شعور السعادة والرفاه داخل المجتمعات، ويرتبط إيجابياً بارتفاع مستويات الإنتاجية والأداء الجسدي والمهني، محذراً من أن الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، قد يقوض الجوانب الإنسانية الجوهرية للعلاج، كالتعاطف وبناء الثقة بين المعالج والمريض. كما يثير التقرير مخاوف بشأن خصوصية البيانات الحساسة، وتكاليف تبنّي هذه التقنيات، فضلاً عن احتمال تفضيل بعض المرضى الاستمرار في التعامل مع معالجين بشريين.
ويشدد على أن الاعتماد على مجموعات بيانات محدودة لغوياً وثقافياً، قد يعرقل التشخيص الدقيق والعلاج الشامل للاضطرابات النفسية، إذا لم توسع بيانات التدريب، لتعكس تنوع المستخدمين حول العالم.
هذا، ويتناول التقرير هذا العام أهم 10 توجهات عالمية كبرى، ستؤثر بشكل إيجابي في جودة حياة المجتمعات، وتطور القطاعات والاقتصادات، وتعزيز أداء الحكومات على مستوى العالم خلال السنوات والعقود المقبلة. وترتكز هذه التوجهات على مؤشرات مهمة ومتنوعة، مثل توسع شبكات الاتصال من الجيل السادس، وتسارع تطور الذكاء الاصطناعي، وتطوّر تقنيات الطاقة، وزيادة الاعتماد على الروبوتات والطائرات بدون طيار.
وتتوزع الفرص الخمسون الواردة في التقرير على 5 محاور رئيسة، تشمل الصحة، والطبيعة والاستدامة، وتمكين المجتمعات، وتحسين الأنظمة، والابتكارات المستقبلية. وتم إعداد التقرير بالتعاون مع شركاء مؤسسة دبي للمستقبل.
