وذكر التقرير أنه على الرغم من أن المياه الجوفية لا تُستخدم في أبوظبي كمصدر رئيس لمياه الشرب، إلا أنها تلعب دوراً حاسماً في دعم الأنشطة الزراعية والبيئية، وتُستهلك كميات كبيرة منها في ري المزروعات وتنسيق الحدائق، بالإضافة إلى عمليات زرع نباتات الزينة، وهذا الاعتماد المكثف جعل المياه الجوفية المورد الأساسي في هذه القطاعات، لكنها في الوقت نفسه مورد محدود، ويستنزف بوتيرة تتجاوز بكثير معدلات تجددها الطبيعية، ما يشير إلى خطر طويل الأمد على الاستدامة البيئية والاقتصادية في الإمارة.
وبحسب هيئة البيئة في أبوظبي، تُلبي المياه الجوفية نحو 71 % من إجمالي احتياجات المياه في أبوظبي، وهذا الرقم المرتفع يعكس مدى الاعتماد عليها، لكنه أيضاً يسلّط الضوء على هشاشة الوضع المائي في الإمارة، خاصة في ظل ما تشير إليه الدراسات من انخفاض مستمر في معدلات التجدد الطبيعي، نتيجة شح الأمطار لفترات طويلة، بل انعدامها أحياناً، وتضاف إلى هذه الأزمة الضغوط الناتجة عن التوسع في الأنشطة الزراعية والاستخدامات الصناعية، ما أسهم في تفاقم استنزاف المياه الجوفية بشكل متسارع.
ويُظهر تحليل الوضع، أن الإفراط في استخراج المياه الجوفية لم ينعكس فقط على كمياتها، بل أدى كذلك إلى تدنٍ في نوعيتها، فقد ساهم التوسع في ضخ المياه إلى زيادة معدلات الملوحة في العديد من المواقع، سواء بسبب السحب العميق من المكامن، أو نتيجة تسرب مياه البحر في المناطق الساحلية.
وتشير التقديرات إلى أن 97 % من احتياطيات المياه الجوفية في أبوظبي، تُصنّف بأنها شديدة أو متوسطة الملوحة، ولا تصلح لمعظم الاستخدامات دون عمليات تحلية، فيما لا تتجاوز نسبة المياه العذبة 3 %.
ولا تزال مشكلة استنزاف المياه الجوفية تتفاقم، مدفوعة بزيادة معدلات الضخ، التي بلغت 1870 مليون متر مكعب في عام 2023، وهو ما يعادل نحو 20 ضعف معدلات تجدد المياه الجوفية الطبيعية، وهذا الفارق الكبير، يسلّط الضوء على أزمة حقيقية، تهدد احتياطات المياه على المدى البعيد، إذ صنّفت بعض المناطق في الإمارة بالفعل، على أنها مناطق مستنفدة، بسبب تدهور المخزونات وتراجع مستويات المياه.
من جهة أخرى، أكدت هيئة البيئة في أبوظبي، أن التحديات المائية لا يمكن فصلها عن غيرها من التحديات البيئية والاقتصادية، فزيادة ملوحة المياه واستنزاف المخزونات الجوفية، يؤثران مباشرة في الإنتاج الغذائي، كما أن زيادة الاعتماد على التحلية، تفرض أعباء جديدة على موارد الطاقة، وترفع من كلفة المياه على المستويين الفردي والمؤسسي، كل هذه العوامل، سواء نُظر إليها بشكل منفرد أو في إطار مترابط، تنعكس على صحة الإنسان وسبل العيش والاقتصاد المحلي.
وفي ظل التغيرات المناخية العالمية، والتراجع في كميات الأمطار التي لا تتجاوز في المتوسط ما بين 90 إلى 140 مليون متر مكعب سنوياً، تعتمد خطة أبوظبي على إبراز واعتماد مقاربات متكاملة لإدارة الموارد المائية في أبوظبي، تقوم على الترشيد، وإعادة التدوير، والتوسع في استخدام التكنولوجيا.
