اشتباكات حلب.. مقدمة لجولات صدام أم رفع سقف الشروط لاتفاق الدمج؟

تصعيد أمني جديد في حلب وسقوط قتلى في اشتباكات وقعت بين قوات من الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، وجاء ذلك مع اقتراب موعد انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ بنود اتفاق 10 مارس، في نهاية العام 2025، حيث تزداد المخاوف من احتمال انزلاق المشهد نحو تصعيد أوسع، فهل يمثل مقدمة لجولة صدام جديدة قابلة للتوسع في مناطق أخرى، أم أنه مجرد توتر محدود تحتويه التفاهمات بين الجانبين؟

على الرغم من أن الاتفاق حظي بترحيب إقليمي ودولي، وجرى بوساطة ورعاية أمريكية، فإنه واجه تحديات كبيرة، تجسدت في تأخير تنفيذه، واندلعت أعمال العنف بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال زيارته إلى دمشق بأن قوات سوريا الديمقراطية لا تعتزم فيما يبدو الوفاء بالتزامها بالاندماج في القوات المسلحة للدولة بحلول الموعد النهائي المتفق عليه بنهاية العام.

تساؤلات

التصعيد الأخير يطرح جملة من التساؤلات حول أسبابه وطبيعته والظروف التي أحاطت به، لكنه يكشف عن قدرة عالية لـ«قسد» على استثمار الوقائع الأمنية لتدعيم موقفها التفاوضي، وإقناع واشنطن بضرورة التريث في ممارسة الضغط، علماً أن واشنطن تريد اندماج «قسد»، لكنها لا تضغط بشكل كامل لتحقيق هذا الاندماج، ولعل «قسد» تريد ضغطاً جدياً على الحكومة، خصوصاً أنها تجد في لقاءات متجددة مع الأمريكيين أنهم لم يسحبوا البساط من تحتها بعد، وما زالوا يعتبرونها رأس حربة ضد تنظيم داعش، لا سيما بعد حادثة إدلب،

لذلك تحاول رفع سقف الشروط وصولاً إلى غايتها في مسألة اللامركزية.ويبقى الخلاف الجوهري بين دمشق و«قسد» يكمن في نظام الحكم اللامركزي في سوريا، الذي تطالب به الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، والذي يتم رفضه باستمرار من قبل الحكومة السورية.

المهلة

تقترب المدة المحددة لتنفيذ اتفاق العاشر من مارس من نهايتها، دون أي تقدم يذكر، بل على العكس، تتعقد التفاصيل التنفيذية للاتفاق في العديد من الملفات، لا سيما الجيش، والمؤسسات، وشكل الإدارة للمناطق.لا تزال الوقائع تشي بإمكانية العودة إلى المربع الأول، لا سيما أن الاتفاق بين دمشق و«قسد» يعاني من نقص الضمانات الدولية، ما يجعله عرضة للتلاعب، خصوصاً مع رفض دمشق اللامركزية، إضافة إلى أن هذا التأخير يعكس التدخلات الإقليمية.

وتخلص التحليلات إلى أن الاندماج الكامل ضمن مؤسسات الدولة، وفق الصيغة التي تطرحها دمشق، يعني عملياً فقدان امتيازات النفط وتحويل الموارد إلى الخزينة المركزية، وإعادة هيكلة القوى العسكرية ضمن الجيش السوري، وهو سيناريو لا تريده «قسد»، كما أن الإصرار على البنية التنظيمية والدور القتالي المستقل يعني الإبقاء على الوضع الحالي دون تنفيذ اتفاق 10 مارس ، وهو ما يتناقض مع طبيعة الدولة المركزية التي تسعى دمشق إلى إعادة ترسيخها بعد سنوات الحرب.