مع تزايد نشاط وهجمات تنظيم داعش في سوريا خلال الأيام الأخيرة ، عاد الحديث عن محاولات التنظيم إحياء نفسه، وإعادة ترتيب صفوفه، وأعادت الهجمات الإرهابية طرح أسئلة جوهرية حول طبيعة التهديد القائم، ومدى جاهزية الحكومة السورية وشركائها في مواجهة هذا التحول.
في 13 ديسمبر الجاري قتل جنديان أمريكيان ومترجم مدني، وأصيب ثلاثة آخرون، في هجوم وقع قرب مدينة تدمر وسط سوريا، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» أن الهجوم نسب إلى تنظيم داعش، وأن منفذ العملية تم تحييده وقتله في مكان الهجوم، لكن الهجوم سلط الضوء على اختراقات داخلية، وفي 14 ديسمبر أعلن عن مقتل أربعة عناصر، وإصابة خامس في كمين مسلح استهدف دورية أو حاجزاً أمنياً في مدينة معرة النعمان شمال غرب سوريا، واتهمت مصادر أمنية حكومية تنظيم داعش بالمسؤولية عن ذلك.
وقبل أسبوع قتل عنصران من الضابطة الجمركية التابعة لهيئة المنافذ البرية والبحرية نتيجة اعتداء مسلح وقع في منطقة الزربة بريف حلب، كما أصيب عنصران آخران بجروح متفاوتة خلال الهجوم.
كما استهدف - بداية الشهر الجاري - عناصر من وزارة الدفاع على جسر سراقب بريف إدلب الجنوبي، ما أدى لمقتل أحدهم، وإصابة آخر بجروح، كما وقع اعتداء على الدورية، التي كانت مكلفة بمرافقة شاحنة ترانزيت، بحسب مصادر أمنية، وكل هذه الاعتداءات تبناها تنظيم داعش.
تغلغل
مع أن التنظيم تلقى ضربات موجعة بعد خسارته الميدانية ومقتل زعمائه من الصف الأول إلا أن عودة نشاطه تشير إلى أنه يتكيف مع الظروف الراهنة، وبات يعتمد على التغلغل في ظل هشاشة الحالة الأمنية، فقد شكل الهجوم الأخير، الذي نفذه التنظيم في محافظة إدلب، مؤشراً لافتاً على محاولته اختراق الواقع الأمني في مناطق ينظر إليها على أنها أكثر استقرارا نسبياً، كما يواصل تنفيذ هجماته في سوريا انطلاقاً من «البادية الشامية»، التي تنتشر فيها خلاياه لا سيما على على الحدود الإدارية بين محافظتي الرقة ودير الزور، علماً بأن التنظيم يسعى إلى فرض حضوره عبر عمليات خاطفة، تعيد تسليط الضوء عليه محلياً ودولياً.
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استمرار ثقته بالرئيس السوري أحمد الشرع، واصفاً إياه بالرجل القوي.
وأوضح ترامب أن هذه منطقة في سوريا لا يسيطرون عليها بشكل كامل. كان الأمر مفاجئاً، وهو (الشرع) حزين جداً حيال ذلك. إنه يعمل على الأمر، وأنا ما زلت أثق به، وهو رجل قوي.
أصعب مناطق جغرافية .
ولا شك في أن استمرار الاعتداءات الإرهابية يعكس أهمية خيار سوريا في الانخراط الدولي، والاضطلاع بدور فاعل في مكافحة الإرهاب، حفاظاً على أمن البلاد والمنطقة والعالم،
حيث انضمت سوريا رسمياً إلى «التحالف الدولي ضد داعش»، وتعهد الرئيس السوري أحمد الشرع، بالتعاون مع الولايات المتحدة في جهود القضاء على بقايا التنظيم الإرهابي، والتنسيق بين دمشق وواشنطن حول تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن المقاتلين الأجانب، ومنع الشبكات الإرهابية من اتخاذ ملاذات آمنة في سوريا، إذ حرص الشرع على إعادة صياغة صورة حكومته لاعباً محورياً في مكافحة الإرهاب الإقليمي.
ولا شك ان عودة تنظيم داعش ستشكل عامل ضغط على السلطات السورية وقسد ، وقد تدفع إلى تنسيق محدود بينهما، لكنه لن يصل حد الشراكة الكاملة .
