«شروق الشمس».. غزة من الركام إلى التكنولوجيا

بعد أشهر من الانتقادات الدولية وضغط الرأي العام الأمريكي، غيرت واشنطن نهجها من مشروع «الريفييرا الشرق الأوسطية» إلى خطة عملية لوقف النار في غزة، وصولاً إلى خطة «شروق الشمس» التي تقدم رؤية مفصلة وأكثر تفاؤلاً حول ما يمكن أن تبدو عليه غزة مستقبلاً وتتحول من الركام إلى التكنولوجيا، بهدف تحويل أنقاض غزة إلى وجهة ساحلية مستقبلية.

وبحسب المسودة، ستبلغ كلفة المشروع 112.1 مليار دولار على مدى 10 سنوات، على أن تلتزم الولايات المتحدة بدور «المرتكز» عبر تقديم ما يقارب 60 مليار دولار على شكل منح وضمانات ديون لدعم «جميع مسارات العمل المتوقعة» خلال تلك الفترة.

يؤكد داعمو المشروع أن ترك غزة من دون تطوير وترك أزمة إنسانية متفاقمة يتفاقم خطرها هو خيار أسوأ بكثير، معتبرين أن تحقيق رؤية الرئيس ترامب لتحويل غزة إلى منطقة تكنولوجية هو البديل الأفضل.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كشف سابقاً عن خطة تتيح للولايات المتحدة السيطرة على القطاع وتهجير أهله في دول أخرى، وتحويل المنطقة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، إلا أن الخطة فشلت جراء الرفض الفلسطيني والعربي والدولي لتهجير أهالي القطاع من أرضهم،

الخطة

توضح خريطة طريق أن الجهد يبدأ بإزالة المباني المدمرة والذخائر غير المنفجرة وأنفاق «حماس»، وتوفير ملاجئ مؤقتة ومستشفيات ميدانية وعيادات متنقلة، إضافة إلى البناء التدريجي للمساكن والمرافق الطبية والمدارس والأماكن الدينية، مع تطوير البنية التحتية وتهيئة الممتلكات الفاخرة والمراكز الحديثة للنقل.

هذه التسريبات تأتي بعد نحو 8 أيام من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة، وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة الأمريكية، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها».

هذه الرؤية ليست جديدة، بل تعود في جوهرها إلى فكرة «السلام الاقتصادي» التي روج لها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال مؤتمر المنامة قبل 5 سنوات، وعمل المبعوثان الأمريكيان ستيف ويتكوف، وكوشنر، ومسؤولون أمريكيون آخرون على تجميع الخطة خلال 45 يوماً، مع تلقيهم ملاحظات من مسؤولين إسرائيليين وقطاع خاص ومقاولين. وإذا انطلقت الخطة، يعتزم المسؤولون تحديث الأرقام كل عامين تقريباً أثناء التنفيذ.

وتقر الخطة بصعوبة التحديات على الأرض، إذ تشير التقديرات إلى وجود نحو 10 آلاف جثمان شهيد تحت حوالي 68 مليون طن من الركام، إضافة إلى تلوث التربة وانتشار الذخائر غير المنفجرة وبقاء مقاتلي «حماس» في مواقعهم.

إعادة إعمار غزة

يعتبر كوشنر المهندس الهادئ لخطة السلام المكونة من 20 بنداً، مستنداً إلى شبكاته الدبلوماسية والاقتصادية التي بناها خلال الولاية الأولى لترامب، ويعمل اليوم جنباً إلى جنب مع ويتكوف على مشروع إعادة إعمار غزة.
ويسعى كوشنر بشكل واضح إلى ترجمة ما تمثله الرؤية الأمريكية لتسوية القضية الفلسطينية من خلال تشجيع الانتعاش الاقتصادي وخلق فرص للاستثمارات المنافسة في سوق منتعشة، وهو ما عبر عنه ترامب مراراً بالقول: «الأمن الاقتصادي هو الأمن القومي».

الواقع، أن مفهوم «السلام الاقتصادي» يعود بجذوره إلى الأفكار التي طرحها شمعون بيريس، في كتابه: «الشرق الأوسط الجديد» الذي صدر باللغة الإنجليزية في بريطانيا سنة 1993، وتضمن تصوراً لتسوية سياسية للصراع العربي - الإسرائيلي تقوم على قاعدة تطوير التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة ، يتيح توظيف الموارد النفطية والمائية والبشرية لصالح السلام في فلسطين.