بعد عامين من الحرب في غزة، عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية، بعدما كانت قد تعرضت للتهميش. حيث إنه خلال الأيام الماضية، اعترف 11 بلداً بدولة فلسطين، وهي: بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ولوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو وسان مارينو، ليرتفع بذلك عدد المعترفين إلى 159 من أصل 193 دولة عضواً بالأمم المتحدة.
ورغم أن تزايد الاعتراف العالمي بفلسطين قد لا يغير موازين القوى على الأرض، لكنه يمثل ثغرة في جدار الصمت الدولي، الذي كان دائماً يميل لجهة إسرائيل، حيث اخترقت القضية الفلسطينية جدار العزل الدولي، وبدأ العالم يصغي لفلسطين، وارتفع منسوب الوعي الشعبي في الغرب بشكل غير مسبوق بمأساة غزة وضرورة وقف الحرب، وبدأت الحكومات تواجه ضغوطاً داخلية متزايدة من الناخبين، والمؤسسات الحقوقية والأكاديمية، حيث إن الاعتراف الفرنسي، ومعه خطوات دول أخرى، يأتي في إطار تعطيل استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تهدف لإفشال حل الدولتين، وجر المنطقة إلى حرب مفتوحة بلا أفق.
كما أن الاعتراف البريطاني يحمل بُعداً تاريخياً خاصاً، كون لندن اشترطت في كل المناسبات أن يكون الاعتراف بفلسطين نتيجة لمفاوضات سلام، لذلك فإن هذه الخطوة تمثل تحولاً كبيراً في السياسة البريطانية تجاه القضية الفلسطينية، وأن هناك تحولاً تدريجياً في المزاج السياسي الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، مدفوعاً بالاقتناع المتزايد بأن استمرار الصمت الدولي تجاه إسرائيل قد بات يهدد السلم والاستقرار في المنطقة والعلم بأسره.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وتجسيدها على أرض الواقع ليس حلماً؛ بل تشبث بحق طال كفاح الشعب الفلسطيني من أجله وساندته جميع شعوب العالم المُحبة للسلام.
ورغم أن هذه الاعترافات الدولية أعطت زخماً قوياً للقضية الفلسطينية، إلا أنه من المستبعد أن تغير هذه الإجراءات سياسة الولايات المتحدة في الأجل القريب. لكنها مفيدة في التدليل عملياً على أن عهد «الشيك على بياض» الذي يقدمه الغرب لإسرائيل يصل إلى نهايته، فقد زادت الدعوات العالمية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمثل الاعترافات التي تتوالى يوماً بعد يوم ما هي إلا رافعة لتثبيت الحقوق الفلسطينية على الأرض.
معركة الشعب الفلسطيني الراهنة رغم كل التراجعات هي إعادة الاعتبار للجغرافيا، إذ إن إعلان خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة بعد فشل محاولاته المتكررة في تهجير أهلها وتصفية القضية الفلسطينية، يمثل في جوهره نجاحاً كبيراً لفلسطين.
الاعترافات الأخيرة تشكل خطوة مهمة، حيث مارست الدول الكبرى ضغوطاً كبيرة على «إسرائيل» للانخراط في مفاوضات جدية لإنهاء حرب غزة فوراً، وترسيخ فكرة حلّ الدولتين كطريق وحيد لتحقيق تسوية للصراع.
