تدير إسرائيل عملية تطبيق السيادة على الضفة الغربية بهدوء، ومن دون تصريحات، كما أوعز رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لوزرائه، فيما تؤكد هيئة مقاومة الجدار أن إسرائيل استولت على أكثر من 26 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية منذ مطلع عام 2023، في إطار مخطط يهدف لتهجير السكان وضم الضفة، وهو الهدف الذي بات معلناً.
وكانت إسرائيل أعلنت الأحد الماضي أنها «تدرس ضم أجزاء من الضفة الغربية» رداً على إعلان عدد من الدول الغربية — ومن ضمنها فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا — نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.
وكشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، في تقرير لها أمس، أن المستوطنين حاولوا إقامة 18 بؤرة استيطانية جديدة منذ مطلع أغسطس الماضي، غلب عليها الطابع الزراعي والرعوي، فيما استولت سلطات الاحتلال على 45 دونماً شمالي الضفة بهدف إقامة مناطق عازلة حول عدد من المستوطنات وشق طرق وإقامة نقاط عسكرية.
وأصدرت السلطات الإسرائيلية قراراً يقضي بمصادرة 455.58 دونماً من أراضي قرية تل غربي مدينة
نابلس شمالي الضفة وبلدتي جيت وفرعتا شرقي محافظة قلقيلية شمالي الضفة.
وأوضحت أن الإعلان يستهدف المساحة التي تقع عليها بؤرة «حفات غلعاد» الاستيطانية المقامة على أراضي جيت وفرعتا وتل. وتعمل إسرائيل في هذه المرحلة على ترسيخ سياسة ضم الضفة، من خلال السيطرة على أكبر مساحة من الأرض بأقل عدد من السكان الفلسطينيين، ضمن استراتيجية ممنهجة ومتسارعة.
وفي ظل الإعلانات المتلاحقة من عدد من الدول الأوروبية - وآخرها بلجيكا - للاعتراف بالدولة الفلسطينية، هل تشهد الساحة الفلسطينية سباقاً بين الاعترافات الدولية والضم الإسرائيلي؟
ويعتبر المجتمع الدولي الضفة الغربية أساساً جغرافياً للدولة الفلسطينية، فهي المساحة المحورية التي يتوقع أن تشكل هيكل الدولة المتصلة جغرافياً. لكن السياسة الإسرائيلية تضعف فرص تحويل الدولة الفلسطينية من ممكن تاريخي إلى واقع، بحيث يصبح الضم فعلياً والاعترافات رمزية.
مكسب سياسي
ويبقى السؤال: هل الاعتراف بدولة فلسطين يفضي لإقامتها، أم ستكون الغلبة لمشروع الضم؟ لا شك في أن اعتراف دول مثل فرنسا وبريطانيا يعتبر مكسباً سياسياً للقضية الفلسطينية، حيث يعزز شرعية الدولة الفلسطينية ويجعلها قضية قيد التداول.
لكن في المقابل، فإن الضم يمثل تهديداً فعلياً وآنياً، ومن شأنه أن يقوض إمكان قيام تلك الدولة على الأرض، طالما أن الدول التي ستعلن الاعتراف أو تلك التي أعلنته فعلاً.
لا تملك ولا تلجأ لخطوات ضغط عملية لترجمة الاعتراف، وطالما أن الاعتراف السياسي لا يشمل أدوات فعلية تفضي إلى إنهاء الاستيطان الذي يقطع أوصال الأرض التي ينبغي إقامة الدولة عليها.
مؤسسات تحليلية غربية تصف التحرّك الإسرائيلي بأنه «ضمّ زاحف» عبر سياسات تُغيّر واقع الأرض بهدف وأد فكرة الدولة الفلسطينية المتصلة. لذلك فإن عدم ربط الاعترافات بخطوات عملية حقيقية (تقييد مبيعات سلاح، محاسبة على انتهاكات)، سيبقي موجة الاعترافات مجرد إعلانات رمزية.