إعلان كندا والبرتغال، أمس، نيتهما الاعتراف بدولة فلسطين رسمياً خلال أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل إشارة سياسية تضاف إلى الإعلانات المتلاحقة من الغرب، تسهم في الضغط على إسرائيل على خطّي الحرب في غزة ومصير ما يسمى «حل الدولتين».
وبهذه الخطوة تنضم البرتغال إلى بريطانيا وفرنسا وكندا ودول أخرى، في توفير الدعم الدبلوماسي لإقامة الدولة الفلسطينية.
كانت البرتغال اتبعت نهجاً أكثر حذراً تجاه الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبرة أنها تريد التوصل إلى موقف مشترك مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أولاً، خلافاً للموقف الذي اتخذته جارتها إسبانيا التي اعترفت حكومتها بدولة فلسطينية في مايو 2024 إلى جانب أيرلندا والنرويج.
تأتي المواقف الغربية المتلاحقة دفعاً للحرج، الذي تسببه السياسات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية.
وفي حين أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الثلاثاء، عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، أمس، إن الاعتراف سيكون أكثر جدوى في نهاية مفاوضات بشأن حل الدولتين.
لكن برلين سترد على أي إجراءات أحادية، مشيراً إلى تهديدات إسرائيلية بضم الضفة. وقال فاديفول إن إسرائيل تزداد عزلة على الصعيد الدبلوماسي بسبب الأزمة الإنسانية في غزة.
ولطالما ظلت ألمانيا أحد أقوى حلفاء إسرائيل وأكبر موردي الأسلحة لها. ويقول مسؤولون ألمان إن نهجهم تجاه إسرائيل مستمد من إرث «المحرقة النازية»، ويؤكدون أنهم يستطيعون تحقيق إنجاز من خلال القنوات الدبلوماسية بدرجة أكبر من تأثير التصريحات العلنية.
رسالة مفتوحة
بالمقابل حث أكثر من مئتي ممثل وموسيقي وإعلامي في ألمانيا المستشار فريدريش ميرتس على وقف توريد أسلحة لإسرائيل وفرض عقوبات عليها، وفي رسالة مفتوحة أشار الفنانون إلى معاناة الأطفال في غزة، وجاء في الرسالة: «ندين جرائم حماس المروعة بأشد العبارات الممكنة، لكن لا توجد جريمة تبرر العقاب الجماعي لملايين الأبرياء بأبشع الطرق».
وأضاف الموقعون: «لقد قُتل أكثر من 17 ألف طفل حتى الآن، مئات الآلاف جرحى، ومصابون بصدمات نفسية، ومشردون، ويتضورون جوعاً». بالمقابل تنتقد الولايات المتحدة الدول التي تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين.
وأمس، ذكرت الخارجية الأمريكية، في بيان نقلته وكالة «رويترز»، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، لأن المؤسستين الفلسطينيتين (السلطة والمنظمة) «اتخذتا إجراءات لتدويل صراعهما مع إسرائيل»، من خلال أمور منها المحكمة الجنائية الدولية.
144 دولة
ويعترف نحو 144 دولة من أصل 193 في الأمم المتحدة، ومن بينها روسيا والصين والهند ومعظم دول جنوب العالم بدولة فلسطين، لكن لم يعترف بها إلا عدد قليل من الدول الأوروبية.
وفي تقدير خبراء فإن الاعتراف، وإن لم يكن قراراً فورياً، مؤشر قوي على تحول سياسي دولي يتجاوز الرمزية إلى محاولة حشد النفوذ المؤسسي لدعم السلام وحماية الحقوق الفلسطينية، ويرى بعض الأكاديميين مثل دونالد بوثويل وبن سول وتيم ستيفنز أن فلسطين قد تستوفي شروط اتفاقية مونتيفيديو بشأن معايير الدولة، أو أن تطبيق هذه المعايير يجب أن يُفهم بمرونة، نظراً للظروف الاستثنائية، خصوصاً مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.
ومن الواضح أن هذه المبادرات التي تأتي على خلفية تصاعد الكارثة الإنسانية في غزة دفعت لاتخاذ مواقف دولية أكثر فعالية وجدية، بعيداً عن الحصانة المؤسسية لإسرائيل والهيمنة الأمريكية التي كانت إلى حد بعيد تُثبّت الموقف الدولي التقليدي الغربي، وحتى لو لم تترجم هذه الاعترافات إلى دولة فلسطينية فوق الجغرافيا، فإنها ستزيد من الضغوط على إسرائيل وتكريس عزلتها دولياً.