ليبيا نحو تقديم الاستحقاق التشريعي على الرئاسي

برزت في ليبيا فكرة تقديم الانتخابات البرلمانية على الرئاسية، في محاولة لقطع الطريق أمام معرقلي المسار الانتخابي ممن يرتكزون في موقفهم على خلافات بخصوص قانون الانتخابات الرئاسية.

ودعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، لإجراء انتخابات برلمانية عاجلة لاستعادة الشرعية ووحدة البلاد، ما اعتبره المراقبون تحولاً مهماً في موقف البرلمان، والذي كان متمسكاً بمبدأ تنظيم الاستحقاقين الرئاسي والتشريعي في موعد واحد.

واعتبر النويري أنه لا بديل عن ذلك في ظل الانقسام المؤسسي، والتدخلات الخارجية التي تعمق الأزمة، قائلاً: «في ظل الانقسام المؤسسي والتدخلات الخارجية التي تعمق الأزمة، لا بديل عن انتخابات برلمانية عاجلة لاستعادة الشرعية، وتوحيد مؤسسات الدولة، وترسيخ القرار الوطني المستقل، وقطع الطريق أمام استمرار التدخلات الخارجية».

ووفق النويري، فإن انتخابات المجالس البلدية أكدت رغبة الليبيين في اختيار ممثليهم بحرية، وأثبتت قدرة المؤسسات الوطنية على تنظيم انتخابات نزيهة رغم التحديات، مشيراً إلى أن مسار الحل السياسي يواجه عراقيل من أطراف مستفيدة من الوضع الراهن، تسعى لتعطيل الانتخابات حفاظاً على مصالحها حتى لو كان الثمن استمرار معاناة الليبيين.

وأكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، أن الانتخابات البرلمانية العاجلة هي الحل الوحيد لاستعادة الشرعية، وإنهاء الانقسام بعيداً عن شرعية الأمر الواقع، داعياً المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للشروع الفوري في إجراءات تضمن إجراءها دون تسويف.

وشدد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، على أن الدولة تقوم على نظام قانوني يحكم الوصول إلى السلطة، مؤكداً ضرورة الاحتكام إلى القوانين التي تنص على تشكيل حكومة وإجراء الانتخابات، مشيراً إلى أن بعض الأطراف التي تتمسك بمواقعها ترفض الذهاب إلى الانتخابات، لكنها لا تستطيع تعطيل إرادة الشعب الليبي الذي يجب أن يقرر مصيره عبر صناديق الاقتراع.

يأتي ذلك بينما لا تزال الرئيسة الجديدة للبعثة الأممية حنّا تيتيه تأمل في إجراء مشاورات على نطاق واسع بين أبرز الفرقاء ومع سفراء الدول المؤثرة في الملف الليبي للبحث عن توافقات جدية يمكن أن تؤدي لحل الأزمة بالاتجاه نحو الانتخابات.

توافق فرقاء

ويرى مراقبون أن إقرار تنظيم انتخابات تشريعية أولاً يمكن أن يساعد على التوافق بين الفرقاء الأساسيين، لكنه في نفس الوقت يطرح جملة من الأسئلة الجوهرية حول طبيعة النظام السياسي الذي سيتم اعتماده لاحقاً، حيث يدفع أنصار النظام السابق وقيادة الجيش وزعماء القبليين نحو نظام رئاسي قادر على استعادة سيادة الدولة وضمان وحدتها وتكريس سلطة سياسية مستقرة، بينما تتمسك أطراف أخرى بنظام برلماني تكون فيه السلطات الواسعة بيد رئيس الحكومة، فيما ينتخب رئيس للبلاد من داخل مجلس النواب وتكون صلاحياته ضيقة وغير مؤثرة في المسار العام للدولة.

تباين مواقف

ويعتبر أنصار النظام الرئاسي أن تجربة النظام البرلماني فشلت في عدد من الدول العربية التي اعتمدتها، وأنها لن تنجح في ليبيا، بينما يعبر أنصار النظام البرلماني، عن خشيتهم من تكريس ديكتاتورية جديدة في البلاد في حال انتخاب رئيس جديد للدولة من قبل الناخبين مباشرة وتمكينه من السلطات التي تسمح له بممارسة حكم الفرد وإقصاء المعارضة.

ورجحت أوساط ليبية، أن تتوصل اللجنة الاستشارية التابعة للبعثة الأممية، إلى التوصية بتنظيم انتخابات تشريعية بعد 11 عاماً من انتخاب مجلس النواب الحالي و14 عاماً من انتخاب مجلس الدولة الاستشاري، ما يعني إمكانية التوافق على البدء في الإعداد لمسار انتخابي يشهد أوجهاً في الخريف القادم بفتح باب الاقتراع لاختيار ممثلين جدد للشعب الليبي.