بينما بدأت مشاعر الاطمئنان تتسلل إلى قلوب السودانيين العائدين من مصر عبر قطار "السد العالي"، في أول رحلة تم تنسيقها بين السلطات الحكومية في مصر والسودان وخصصت للمتأثرين بالحرب الذين نزحوا ولجأوا إلى مصر، جاءت رصاصات حرب العصابات لتبدد تلك الطمأنينة وتزرع الخوف في النفوس، لم تكد عجلات القطار الذي تحرك صباح الاثنين من "محطة مصر" في قلب القاهرة، تلامس محطة أسوان جنوباً في الطريق للسودان، حتى اصطدمت آمال الركاب بواقع أمني هش، عكر صفو الرحلة المنتظرة.
وأعاد الأمر إلى الواجهة هواجس الانفلات وتراجع هيبة الدولة في مناطق يفترض أنها خالية من التهديدات حيث شهدت مناطق متفرقة معظمها داخل العاصمة السودانية أحداثاً أليمة تمثلت في اعتداء مسلحون على مركز شرطة في مدينة دنقلا "شمال السودان" راح ضحيتها أحد أفراد الشرطة وكان السبب محاولة العصابة نهب البنك الزراعي.
وفي أم درمان إحدى أهم مدن العاصمة التي كانت ملاذاً آمناً لبعض النازحين من الحرب، تم نهب صاحب محل للذهب والمجوهرات وهو يهم بدخول منزله ومعه الذهب الخاص بالمحل وتم اقتياد الضحية لمكان مجهول غرب المدينة وترتب على ذلك دخول أصحاب محلات الذهب في إضراب عن العمل وصدور بيانات شعبية تطالب السلطات الحكومية بحسم ظاهرة الانفلات الأمني التي تقودها عصابات تخصصت في ترويع الناس والنهب تحت تهديد السلاح.
امتدت موجة حرب العصابات إلى جنوب الخرطوم في منطقة "جبل أولياء" يوم الأحد حينما روعت إحدى العصابات سوق 6 بدافع النهب وأسفرت الأحداث عن مقتل النقيب/ مصعب عمر عبد الرازق ومقتل أحد أفراد العصابة وإصابة آخرين.
وفي نفس اليوم اقتحم مسلحون السوق الكبير في أم درمان القديمة ونهبوا المارة، وفجر الاثنين أطلق مسلح النار على قسم شرطة "أمنتقو" ريفي مدينة دنقلا في شمال السودان ولاذ بالفرار.
هذه الأحداث ألقت بظلال سالبة على السودانيين الذين احتشد المئات منهم صباح الاثنين في محطة القطارات المركزية في القاهرة "محطة مصر"، لبدء رحلة عودة مجانية إلى ديارهم.