لبنان ونزع السلاح.. من جنوب النهر إلى «ما بين النهرين»

جانب من انتشار الجيش اللبناني في الجنوب
جانب من انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

مع دخول البلاد مدار عطلتَي الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة، فإن أنظار اللبنانيين ستنشدّ بين العيديْن إلى الولايات المتحدة، انتظاراً للّقاء الخامس المقرّر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 29 ديسمبر، لاستكشاف ما سيكون له من انعكاسات على الأوضاع في لبنان والمنطقة، بعدما أخذت «الميكانيزم» (لجنة مراقبة وقف إطلاق النار) عطلتها حتى 7 يناير المقبل، تاركةً إسرائيل تعتدي يومياً بطيرانها الحربي والمسيّر على الجنوب.

كما حصل أمس، حيث استهدفت غارة من مسيّرة إسرائيلية سيارة في بلدة القنطرة - قضاء صيدا. التصعيد الميداني، الذي شهده لبنان خلال الساعات الماضية، تزامن مع تصعيد كلامي، إذْ أفاد مصدر أمني إسرائيلي بأن الجيش الإسرائيلي يستعدّ لتوسيع عملياته العسكرية في لبنان، في حين دعا السيناتور الجمهوري النافذ، ليندسي غراهام، خلال زيارته إسرائيل، إلى عمل عسكري ضد «حزب الله» إذا لم يسلّم سلاحه، وقال:

«إذا رفض حزب الله التخلّي عن سلاحه الثقيل، سيكون علينا أن ننخرط في عمليات عسكرية بالتعاون مع لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة للقضاء عليه».

وفي وقت تناور إسرائيل في المنطقة الفاصلة بين «أقلّ من حرب، وأكثر من تصعيد»، كشف رئيس الحكومة نوّاف سلام في تصريحات صحافية، هي الأولى من نوعها، البرنامج الذي تتبنّاه الحكومة لحصر السلاح، إذْ قال إنّ المرحلة التالية، بعد الانتهاء من مرحلة جنوبي الليطاني، ستشمل تحديداً المنطقة الواقعة بين خطّي «الليطاني» و«الأوّلي»، وستليها بيروت وجبل لبنان، ثم يأتي دور البقاع والمناطق الأخرى.

وهذه البرمجة تحسم، وفق تأكيد مصادر رسمية لـ«البيان»، الجواب عن الأسئلة الكثيرة المطروحة حالياً، في الداخل والخارج، حول ما هو منتظر بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق 27 نوفمبر لوقف النار، وخصوصاً في ما يتعلّق بالجدل الدائر حول الاختيار ما بين «نزع السلاح» أو«احتوائه» في مخازن تشرف عليها القوى الشرعية.

مع الإشارة هنا إلى أن سلام رفض الحديث عن الخطوات التالية للحكومة قبل تسلّم تقرير الجيش التفصيلي، في 5 يناير المقبل، عن نتائج عملية حصر السلاح في منطقة جنوبي نهر الليطاني.

مؤكداً أن ما قامت به المؤسّسة العسكرية اللبنانية أدى إلى بسط سلطة الدولة بالكامل على المنطقة الممتدة من جنوبي النهر وصولاً إلى الحدود الجنوبية، ما عدا النقاط التي تحتلّها إسرائيل، والتي يجب أن تنسحب منها من دون إبطاء.

ووفق المصادر نفسها، فإن البرمجة التي حدّدها سلام تمنح لبنان فرصة واسعة للتعاطي مع هذا الملفّ الشائك، بشكل ينزع الذرائع الإسرائيلية، ويمنح لبنان فرصة للوسطاء الغربيين والعرب ليتمكّنوا من كبح جماح إسرائيل وإجبارها على التزام الخطوات التي يطالب بها لبنان، أي الانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلّها جنوباً ووقف الاعتداءات، وإتاحة المجال لبدء إعمار القرى وعودة الأهالي إليها وإعادة الأسرى.

وفي سياق متصل، أشارت أوساط سياسية لـ«البيان» إلى أن لبنان أمام أسبوع حاسم، حيث المطلوب إعلانان من الآن وحتى نهاية العام الحالي: إعلان الجيش أنه لم يعد هناك سلاح جنوبي الليطاني، وإعلان من «حزب الله» أنه خرج من جنوبي الليطاني.

أما على المقلب الآخر من الصورة، فإن ثمّة كلاماً عن أن لبنان ينتظر ما ستفرزه 3 خطوط في المرحلة المقبلة، بدءاً من التفاوض عبر «لجنة الميكانيزم»، التي رفع فيها مستوى التمثيل، مروراً بـ«اجتماع باريس» الرباعي وما خلص إليه لجهة عقد مؤتمر في فبراير المقبل لدعم الجيش اللبناني، ولكن من دون حسم التاريخ ولا تحديد المكان لأنّ ذلك سيكون مرتبطاً بمدى جدية الجيش في حصر السلاح بالكامل في جنوبي الليطاني والانتقال الفعلي إلى سحب السلاح من شمالي النهر، ووصولاً إلى انتظار نتائج اجتماع فلوريدا في 29 من الجاري.