لبنان.. مشهد مترنح بين «هبّة باردة» و«هبّة ساخنة» حتى نهاية العام

بين الترحيب الرسمي بنتائج «اجتماع باريس»، وما خلص إليه لناحية دعم الجيش اللبناني، عبر مؤتمر ينظم لهذا الغرض في فبراير المقبل من حيث المبدأ، من دون تحديد تاريخه، وبين الاجتماع الثاني لـ«الميكانيزم» (لجنة مراقبة وقف إطلاق النار) المطعّمة مدنياً، يوم الجمعة الفائت، وبانتظار اجتماعها الثالث في 7 يناير المقبل، فإن المؤشرات المتعاقبة التي صدرت خلال الساعات الماضية عن الجهات الخارجية المنخرطة في الإشراف أو الرعاية أو التوسط في الملف اللبناني لم تكن سلبية حيال مسار الأمور، خصوصاً بين لبنان وإسرائيل، لكنها في الوقت عينه لم تعكس المعطيات الكافية للاطمئنان بأن خطر الحرب المتجددة، بعد نفاد مهلة نهاية السنة الحالية، قد جرى طيّه.

وعليه، ارتفع منسوب الكلام عن أن الوضع في لبنان سيبقى حتى إشعار آخر، بين «هبّة باردة» و«هبّة ساخنة».وأجمعت مصادر سياسية متابعة لـ«البيان» على أن «اجتماع باريس»، الذي انعقد تحت «راية» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط أتى ضمن مسار يُعوّل عليه، وفق ما ورد في المعطيات المتداولة لرسم خريطة طريق باتجاه عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني في فبراير المقبل مبدئياً، بدعم أمريكي - فرنسي - سعودي، بهدف حشد التمويل وتوسيع شبكة الدعم الدولي.

أما الجلسة الثانية لـ«الميكانيزم»، بحضور رئيس الوفد اللبناني السفير السابق سيمون كرم، فاكتسبت أهمية استثنائية كونها شكّلت محطة للانتقال من اختبار النيّات إلى اختبار القدرة على الالتزام.

«فجوة» ميدانية

وكانت «الميكانيزم» اجتمعت في ثاني لقاءاتها بعد مرحلة رئيس الوفد اللبناني السفير السابق سيمون كرم، وجاء اجتماعها معززاً بإسناد فرنسي بعد الاجتماع الرباعي في باريس، الذي بحث في تطوير عمل «الميكانيزم» مع تشكيل مجموعة ثلاثية للتحضير لمؤتمر دعم الجيش في فبراير المقبل.

وفي ميكانيزم يوم الجمعة الفائت إجماع على تعزيز قدرات الجيش كأمر أساسي للنجاح، مع حضور لافت للأولويات الاقتصادية من باب أن التقدم السياسي والاقتصادي المستدام «ضروري لتعزيز المكاسب الأمنية وترسيخ سلام دائم»، كما جاء في بيان السفارة الأمريكية في بيروت. وهنا إشارات مباشرة إلى ما كان موضع بحث في الكواليس السياسية عن منطقة اقتصادية خالية من السلاح بهدف تحقيق الاستقرار الإقليمي.

وبالحديث عن الاستقرار، كان التركيز على تهيئة الظروف لعودة آمنة للسكان، ولدفع جهود إعادة الإعمار. وفي الختام، ضربت «الميكانيزم» موعداً جديداً في 7 يناير المقبل، سيكون مسبوقاً بتقرير نهائي للجيش اللبناني عن مرحلة جنوب نهر الليطاني، ومفتوحاً على احتمالات طلب تمديد المهلة أو الانتقال سريعاً إلى المرحلة الثانية شمال النهر.

وفي السياق، فإن ثمّة كلاماً عن وجود بحث جدّي بخطة عسكرية تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق الهدف المتمثل بحصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية، علماً أن واشنطن رفعت مستوى النقاش عن «حزب الله» من السياسة إلى معادلات الأمن القومي.

وهكذا، وعلى وقع طبول الحرب التي تتوعد بها إسرائيل لنزع سلاح «حزب الله»، فإن اجتماع لجنة «الميكانيزم»، المطعّمة مدنياً، حدّد عملياً الاتجاه الذي سيسلكه عمل اللجنة، بعد تحوّلها من مجرد إطار لمراقبة اتفاق وقف النار إلى طاولة تفاوض.

أما ما كان يدار خلف الأبواب المغلقة، فبات اليوم على طاولة النقاش الأمني العلني، فما الذي يدور في الكواليس الأمريكية؟ وإلى أي حد وصل النقاش حول الخيارات المطروحة؟

«فجوة» مالية

تزامناً، وقبل انتهاء العام الحالي، وقفت حكومة نوّاف سلام على عتبة الوفاء بوعد إصدار قانون الفجوة المالية، كخطوة في طريق استعادة الانتظام المالي المفقود وردم الهوّة بين ضفتَي الانهيار والإصلاح.

وبعد أسوأ أزمة مالية ضربت لبنان، أكد سلام أنه لن يقدّم مسكّناً مؤقتاً، بل علاجاً يتطلب صدقاً ووضوحاً في هذا الإطار، وأعلن الخطوط العريضة لقانون الفجوة المالية، من أول 100 ألف دولار على مدى أربع سنوات، إلى السندات الصادرة عن المصرف المركزي لما فوق الـ100 ألف، وصولاً إلى التدقيق بالتحويلات المالية التي جرت قبل 6 أشهر من وقوع الأزمة وفرض غرامة مالية عليها، وانتهاءً بإعادة رسملة المصارف على مدى 5 سنوات. وهذا القانون سيسلك طريقه إلى مجلس الوزراء غداً، وبعدها يكمل اتجاهاته صوب المجلس النيابي.