لبنان.. شهر خطير للهدنة وأيام مترنّحة للرئاسة

دبابات إسرائيلية بالقرب من الحدود مع لبنان
دبابات إسرائيلية بالقرب من الحدود مع لبنان

غداة انقضاء الشهر الأول من مهلة الـ60 يوماً التي يلحظها اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، والذي سرى مفعوله في 27 نوفمبر، تصاعد القلق من الخروقات الإسرائيلية للاتفاق من جهة، وعدم تبيّن التزام «حزب الله» تنفيذه بحذافيره من جهة مقابلة، إذْ لا معلومات عن انسحاب لقواته إلى شمال الليطاني، كما لا معلومات عن عمل جدّي حقيقي يجري لتفكيك بنيته التحتيّة وتجريده من أصوله العسكريّة في المنطقة، الأمر الذي يترك الشهر الثاني المتبقّي للهدنة عرضةً لشتّى الاحتمالات.

وفيما تتّسع رقعة الخروقات الإسرائيلية، تزداد الخشية من عودة الحرب، بعد انقضاء ما تبقّى من مهلة الـ60 يوماً. أما المؤشرات لعودة الحرب، وبحسب قول مصادر لـ«البيان»، فتبدو «خجولة» نوعاً ما. وعلى الأهمية القصوى لهذا المسار، فإنّه لم يحجب طغيان الملفّ الرئاسي على كلّ الأولويّات الداخلية، إذْ إن أقلّ من أسبوعين يفصلان عن موعد جلسة 9 يناير التي يُنظر إليها، داخلياً وخارجياً، على أنها ستكون «حاسمة» لوضع حدّ لأزمة الفراغ الرئاسي. أما على المقلب الآخر من الصورة، وثمة معطيات متصلة بحقيقة التحرّكات ومواقف القوى السياسية لا تزال تبقي هامشاً كبيراً من الشكوك في حتميّة انتخاب رئيس في 9 يناير.

صورة غامضة

وفي انتظار اتضاح الصورة الرئاسية الغامضة حتى اللحظة، ينقسم الوسط السياسي بحدّة حيال الاحتمالات التي تُثار حيال الجلسة، إذ إن العديد من القوى الداخلية لا تزال تعتقد أن الأيام المتبقية من الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة تكفي لبلورة الاتجاهات الحاسمة أو «كلمة السرّ» المعتادة لانتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة المحدّدة. أما القوى الأخرى، فتقيم على حذر شديد وتشكيك في أن تنتهي الجلسة إلى الانتخاب الموعود، ولا تستبعد الإخفاق والعودة إلى دوّامة الانتظار والرهانات على تطوّرات خارجية وداخلية.

وما بين المشهدين، فإن ثمّة رهاناً على حركة استثنائية واتضاح الكثير من الغموض الداخلي والخارجي بعد رأس السنة الجديدة، انطلاقاً من مقولة إن ربع الساعة الأخير غالباً ما يحمل تطورات كبيرة وحاسمة. وعلى مسافة الأيام الفاصلة، تتراكم الحسابات وتُجدول المواقف، و«الزايد خيّ الناقص» في استحقاق كثُر مرشّحوه، والمطلوب واحد: التوافق على اسم كممرّ إلزامي للعبور نحو انتخاب رئيس.

دبلوماسيّة ومساران

ووسط الروزنامة اللبنانية الداهمة، والإجماع الداخلي على أن لا تطورات كبيرة مرتقبة خلال ما تبقّى من ساعات السنة الحالية، ولاسيّما في موضوعَي الجنوب والاستحقاق الرئاسي، تجدر الإشارة إلى أن بداية السنة الجديدة ستشهد زحمة زوّار للبنان، من بينهم الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين. وهذا الزحف الدبلوماسي نحو لبنان يأتي على إيقاع انتهاكات إسرائيلية متواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي انقضى نصف مهلته البالغة 60 يوماً.

وفي محصلة المشهد، فإن ثمّة كلاماً عن أن الوضع اللبناني مرتبط بمساريْن، لم تتضح وجهتهما النهائية حتى الآن. فعلى المسار الأول معلّق مصير الاستقرار السياسي، وما إذا كانت الأيام المقبلة ستشهد خطوات جدّية في اتجاه إعادة انتظام الحياة السياسية في لبنان بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يليه إطلاق ورشة حكومية إنقاذية إصلاحية، تضع مؤسّسات الدولة برمّتها وإداراتها المشلولة على سكّة النهوض من جديد. أما على المسار الثاني، فمعلّق مصير الاستقرار الأمني، وما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار سيخرج من دائرة التفلّت الإسرائيلي منه ويدخل مرحلة السّريان الحقيقي، على نحو يُلزِم إسرائيل بوقف خروقاتها، وسحب جيشها من الأراضي الجنوبية.