شكّلت القمة الخليجية في الكويت، في نهاية الأسبوع الماضي، الحدث الأبرز في المنطقة، لتزامنها مع تحولات وتطورات متسارعة في المنطقة والعالم، حيث ركزت على تعزيز العمل الجماعي، وحشد الطاقات المشتركة، لمواجهة جميع التحديات، وتحصين دول مجلس التعاون الخليجي عن تداعياتها، بما يلبي تطلعات مواطني دول المجلس، للحفاظ على مكتسبات التكامل الخليجي.
ويعد مجلس التعاون الخليجي لاعباً محورياً ذا ثقل سياسي واقتصادي في ترسيخ الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، حيث اكتسب ثقة واحترام المجتمع الدولي، بفضل ما ينتهجه من سياسة حكيمة ومتوازنة، تقوم على نهج التعاون البناء.
مواجهة التحديات
وفي ظل وضع إقليمي وعالمي يموج بالتحديات على مختلف الأصعدة، الأمنية والسياسية والاقتصادية والبيئية، حرصت قمة الكويت على تعزيز دور المجلس وأهميته في الإقليم والعالم، باعتباره الإطار الأكثر فعالية في التعامل مع مختلف التحديات، وتحصين أمن واستقرار دول المجلس، وصون ودعم مسيرة التعاون، والتعاطي مع مختلف القضايا والملفات الإقليمية والدولية ذات الأهمية، وفق رؤية موحدة، حيث تطرقت القمة لملفات خليجية وإقليمية ودولية، عكست مدى التوافق بين دول «التعاون»، في ضوء المتغيرات المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وجسدت مخرجات القمة الخليجية ما يمثله مجلس التعاون من نموذج رائد للعمل الجماعي المبنّي على التفاهم والمصالح المشتركة، حيث كان للسياسة الخارجية الخليجية الفاعلة والمتزنة، دور مهم في تعزيز وحدة الصف الخليجي، والتأكيد على التضامن في المواقف والرؤى والقرارات المصيرية المشتركة، سواء عبر طرح المبادرات، أوالمشاركة الفعالة والجادة في بحث التحديات والأزمات الإقليمية والدولية ذات التأثير العالمي.
ومع سعيها لمواجهة التحديات التي تهدد أمنها، وكذلك إطفاء الصراعات الإقليمية والدولية، تضع دول الخليج نصب أعينها، تحصين نفسها، وتعزيز الحوارات والعلاقات والشراكات الاستراتيجية مع كبرى دول العالم، لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
المستقبل خليجي
وقال الإعلامي محميد المحميد كاتب صحافي بجريدة «أخبار الخليج» البحرينية: «إن القمة الخليجية الـ 45، التي استضافتها دولة الكويت، محطة مضيئة ومحورية في مسيرة العمل المشترك لمنظومة مجلس التعاون الخليجي». وأضاف أن القمة التي حملت شعار (المستقبل.. خليجي)، انعقدت في ظل تطورات ومستجدات متعددة، ومتابعة مكثفة من الإعلام الخليجي والدولي.
وتابع: «لا شك أن ما تضمّنه إعلان الكويت والبيان الختامي للقمة الخليجية الـ 45، عكس الاهتمام الرفيع لقادة دول مجلس التعاون، لدعم التكامل الخليجي في كافة المسارات التنموية، وتأكيد الموقف الراسخ من القضايا العربية، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، وسبل دعم ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، بجانب تعزيز الشراكات الاستراتيجية الإقليمية والدولية».
استدامة
من جهته، قال الإعلامي العماني والكاتب السياسي الدكتور أحمد بن سالم باتميرا إن «انعقاد واستمرار القمم الخليجية هو علامة على قوتنا وتضامنا لضمان استدامة أمننا القومي والغذائي». وأضاف: «إن استمرار وانعقاد القمم الخليجية هو علامة قوية بأننا سائرون في الطريق الصحيح، لتحقيق التكامل والتعاون في ما بيننا في كافة المجالات، وأن استضافة دولة الكويت للقمة 45 تحت شعار (المستقبل خليجي)، فتحت آفاقاً جديدة وواسعة للتعاون بين الأشقاء، وستكون مناسبة مهمة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول الست»، مؤكداً أن هناك مسارات عديدة للتعاون، تجمع بلدان الخليج، وحان الوقت للإسراع فيها.
ملفات
وأشار إلى أن القمة خرجت بقرارات تخدم الشعوب، لا سيما في الملفات الاقتصادية والأمن والغذاء، وهذا ما يتطلع إليه شعوب دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح «كما تعلمون، هناك ملفات سياسية وأمنية تطرح على القادة، خاصة الأوضاع في المنطقة والعالم، ومنها الأوضاع والحرب في غزة وفلسطين ولبنان وسوريا، والأوضاع في البحر الأحمر واليمن والسودان وغيرها، وهناك قرارات ذكرت في البيان الختامي وإعلان الكويت بهذا الصدد، وهذا يعني أن دول المجلس لا تنسى هذه الملفات والتحديات التي تحيط بالمنطقة والعالم.
تحصين المجلس
وقال الدكتور احمد باتميرا إن قمة الكويت أكدت أهمية تحصين المجلس، والاستمرار في المسيرة المباركة، التي بدأت وانطلقت في 25 مايو 1981، بالعاصمة أبوظبي، وشهدت خلال الفترة الماضية العديد من الإنجازات والفرصة المواتية لمواصلة البناء على ما تحقق من الإنجازات الماضية.
تسخير
وأشار إلى أن «إنجازات مجلس التعاون كثيرة في المجال الاقتصادي والتعليمي والأمني والبيئي، لكن تسخير قوتنا الاقتصادية والاستثمارية في بلداننا الخليجية، أصبح ضرورة أساسية للأمن القومي والغذائي، من خلال تبنّي مشاريع عملاقة، ذات عوائد مالية وغذائية على الجميع»، قائلاً: «إن المستقبل هو لدول مجلس التعاون الخليجي، بتعاوننا وتكاملنا، وتفعيل المشاريع التنموية الاستراتيجية، واستغلال مواقعنا في العالم، وما نملكه من قوة اقتصادية واجتماعية».
ملفات إقليمية
إلى ذلك، أكد الإعلامي الكويتي الدكتور غانم السليماني، أن قمة الكويت شكلت أهمية كبرى، نتيجة الملفات الإقليمية التي يمر بها العالم، من حروب ونزاعات وأزمات اقتصادية كبرى، وأن القرارات التي خرجت بها، تزيد من وحدة وقوة الموقف الخليجي المشترك.
وأشار السليماني إلى أن قمة الكويت فتحت آفاقاً واسعة لتعاون الأشقاء، وتعزيز العلاقات التاريخية، حتى بلوغ التكامل الخليجي، لمواجهة جميع التحديات الصعبة، وأن يكون التعامل مع الأحداث بقوة وتماسك وتنسيق مشترك، ومن المرتقب أن تسهم قرارات القمة، خصوصاً في الملفات الاقتصادية والاستثمارية، في جعل المجلس أكثر قوة ودفعاً للأمام، فنحن لدينا مشاريع استثمارية كبيرة، ومنطقة جمركية مشتركة، وسكك حديد وسوق مشتركة، تُتيح لمواطني الخليج العمل بحرية.
