مطار دبي.. 65 عاماً من التحليق بأرقام استثنائية

نجح مطار دبي الدولي خلال 65 عاماً في التحول من «مدرج رملي مضغوط»، إلى صرح عالمي للنقل الجوي، متجسداً فيه طموح ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي قال: «نحن مطار العالم ووجهته وقلبه»، ليصبح المطار قلب التجارة والسفر والابتكار في صناعة النقل الجوي العالمية.

بدأ تاريخ الطيران المدني في دبي عام 1937، وذلك عندما تم إنشاء قاعدة جوية لطائرات الخطوط الملكية للطيران، وفي العام 1959 أمر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بالبدء في أعمال تصميم مطار مدني وبنائه وتجهيزه، وتضمنت المرحلة الأولى من المشروع بناء مدرج من الرمل المكثف، ومع هبوط أول طائرة في المطار الجديد في 30 سبتمبر 1960، أقلعت «رحلة اللامستحيل» من مبنى صغير بطاقة استيعابية 200 مسافر، ليصبح المطار اليوم قلب التجارة والسفر والابتكار.

ورحب مطار دبي الدولي منذ 30 سبتمبر 1960 بما يقارب 1.4 مليار مسافر، محققاً أرقاماً استثنائية، تؤكد مكانته مركزاً عالمياً للرحلات الدولية.

ومنذ ذلك الحين، واصل المطار رحلة الصعود والارتقاء، مع نجاحه في تجاوز التحديات التي فرضتها الظروف الإقليمية والعالمية، مواصلاً الحفاظ على مكانته الدولية على رأس المطارات العالمية، من حيث أعداد المسافرين الدوليين، وذلك للعام الـ 11 على التوالي، بعد أن نجح خلال العام الماضي في تسجيل معدلات نمو قوية في حركة السفر الدولية، مقارنة بنظرائه في قائمة أكبر المطارات بالعالم، وفقاً للتقرير السنوي لمجلس المطارات العالمي.

وأرسى مطار دبي الدولي معياراً جديداً في قطاع الطيران العالمي، عقب استقباله 92.3 مليون مسافر في عام 2024، وهي أعلى حركة مرور سنوية على الإطلاق في تاريخ المطار، ويتجاوز هذا الإنجاز الرقم القياسي السابق البالغ 89.1 مليون مسافر، الذي تم تحقيقه في عام 2018.

ويرتبط مطار دبي الدولي حالياً بأكثر من 269 وجهة في أكثر من 107 دول حول العالم، من خلال شبكة تضم أكثر من 92 ناقلاً جوياً دولياً، ما يعزز مكانة دبي مركزاً عالمياً للطيران والتجارة والسياحة والاستثمار.

افتتاح المطار

دشنت طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية اللبنانية «ميدل إيست»، من طراز «كوميت 4»، في 30 ديسمبر 1960، افتتاح المطار، وسط حضور ناهز 3000 شخص جاؤوا بالسيارات، والحافلات، ومنهم من استخدم الجمال والخيول لحضور الحدث، علماً بأن سكان إمارة دبي شهدوا في عام 1936، هبوط أول طائرة مائية على مياه الخور في رحلة استطلاعية، لتبدأ أول رحلة تجارية منتظمة إلى دبي بالقرب من مركز تسوق «سيتي سنتر» في أكتوبر 1937.

في بداياته، كان مطار دبي الدولي مجرد مدرج رملي بطول 1800 متر، ومبنى صغير يستقبل عدداً محدوداً من الطائرات. لم يكن أحد يتوقع حينها حجم التحوّل الذي سيشهده هذا المطار، لكنه كان جزءاً من رؤية المغفور له بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الذي أدرك أن مستقبل دبي يكمن في الربط الجوي العالمي.

وتبلغ إجمالي المساحة المبنية في المطار 2.122 مليون متر مربع، فيما تبلغ الطاقة الاستيعابية 120 مليون مسافر مع اكتمال التحسينات الجديدة.

جاء هذا النمو تنفيذاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وبجهود إدارة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران المدني، رئيس مطارات دبي، والرئيس الأعلى والرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، الذي وضع قطاع الطيران في صدارة أولويات دبي، سواء في المطارات أو شركات الطيران الوطنية، مثل «طيران الإمارات» و«فلاي دبي».

قفزة نحو العالمية

في سبعينيات القرن الماضي، ومع ازدهار دبي الاقتصادي، وارتفاع الطلب على الرحلات الجوية، شهد المطار أول تحوّل جذري، من خلال استبدال المدرج الرملي بممر أسفلتي قادر على استقبال الطائرات الأكبر، وتم تطوير مرافقه، لاستيعاب المزيد من الرحلات والمسافرين. وبحلول الثمانينيات، أصبحت دبي نقطة ربط رئيسة بين الشرق والغرب، ما عزز مكانة مطارها الدولي عالمياً.

ومع تأسيس شركة «طيران الإمارات» عام 1985، بدأت قصة النجاح الحقيقية للمطار. وفي الأول من يونيو 2009، استقبل المطار الرحلة الافتتاحية لـ «فلاي دبي» من دبي إلى بيروت. ولعبت الشراكة بين المطار والناقلات الوطنية دوراً محورياً في تعزيز النمو، وتوسيع شبكة الوجهات، وزيادة أعداد الركاب عاماً بعد عام. خلال هذه الفترة، شهد المطار توسعات كبيرة في المباني والمرافق، لتصبح دبي بوابة عالمية رائدة.

ومع افتتاح المبنى رقم 3 عام 2008، المخصص لطيران الإمارات، خطا المطار خطوة هائلة نحو المستقبل، ليصبح أحد أكبر مباني المطارات في العالم، مزوداً بأحدث التقنيات والخدمات، لتجربة سفر سلسة وفاخرة.

وبحلول العقد الأخير، أصبح مطار دبي الدولي الأكثر ازدحاماً بالمسافرين الدوليين، نتيجة تخطيط طويل الأمد، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية. لم تكن هذه المكانة وليدة الصدفة، بل حصيلة عمل مستمر على تطوير قدرات المطار، وإضافة المزيد من المسارات، وتحسين الخدمات للمسافرين.

ومنذ عام 2014، تصدّر مطار دبي الدولي تصنيفات المجلس الدولي للمطارات، باعتباره أكثر المطارات الدولية إشغالاً في العالم. وعلى مدار العقد الماضي، استقبل المطار ما يزيد على 700 مليون مسافر على متن أكثر من 3.3 ملايين رحلة، مدفوعاً بالابتكار التشغيلي والالتزام بالجودة.

وسجل المطار منذ افتتاحه أداءً قوياً، حيث ارتفع عدد مستخدمي المطار من نحو 10 آلاف مسافر في عام 1960، إلى 47.2 مليون مسافر في عام 2010، ثم سجلت قفزات ليصل إلى 51 مليوناً في 2011، و57.7 مليوناً في 2012، واستطاع أن يستقبل 66.4 مليون مسافر في 2013، ثم تخطى الـ 70 مليون مسافر في 2014، و78 مليون مسافر في 2015، وحقق رقماً قياسياً في 2016 بأكثر من 83.6 مليون مسافر، ثم حقق 88.2 مليون مسافر في 2017، و89 مليوناً في 2018. وتجاوز مطار دبي الدولي 86.4 مليون مسافر في عام 2019.

وأرسى مطار دبي الدولي معياراً جديداً في قطاع الطيران العالمي، عقب استقباله 92.3 مليون مسافر في عام 2024، وهي أعلى حركة مرور سنوية على الإطلاق في تاريخ المطار. ويتجاوز هذا الإنجاز الرقم القياسي السابق، البالغ 89.1 مليون مسافر، الذي تم تحقيقه في عام 2018، وارتفع إجمالي حركة الرحلات الجوية بنسبة 5.7% في عام 2024، ليصل إلى 440 ألفاً و300 رحلة، مع عامل حمولة يبلغ 78.1، وبنمو هامشي بنسبة 0.3% للعام.
ونجح مطار دبي الدولي في مناولة 2.2 مليون طن من البضائع خلال عام 2024، بزيادة نسبتها 22% على العام الماضي، الذي سجل مناولة 1.8 مليون طن من البضائع.

وتأكيداً لمكانته محركاً رئيساً للنمو الاقتصادي، حقّق مطار دبي الدولي أداءً قياسياً خلال النصف الأول من عام 2025، باستقباله نحو 46 مليون مسافر، ليسجل أعلى معدل حركة مسافرين خلال النصف الأول طوال تاريخه. ويعكس هذا النمو السنوي البالغ 2.3%، الزخم الكبير الذي يتمتع به قطاع الطيران في دبي، وكفاءة عمليات المطار في الحفاظ على مستويات تشغيل عالية، رغم التحديات المؤقتة التي شهدتها المنطقة، وتأثُّر المجال الجوي الإقليمي بها خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، ليؤكد هذا الإنجاز مجدداً، الدور المحوري الذي يضطلع به مطار دبي الدولي في ربط دبي بالعالم، وتعزيز النمو الاقتصادي للإمارة.

وشهد المطار خلال النصف الأول من العام، تسيير أكثر من 222 ألف رحلة، مع تسجيل معدل حمولة (نسبة إشغال المقاعد) بواقع 76%. كما تعامل المطار بكفاءة مع 41.8 مليون حقيبة، تم تسليم 91% منها خلال 45 دقيقة من لحظة الوصول.

وحافظت الهند على مكانتها كأكبر وجهة للمسافرين عبر مطار دبي الدولي، خلال النصف الأول من العام الجاري، بواقع 5.9 ملايين مسافر، تلتها السعودية بـ 3.6 ملايين، والمملكة المتحدة بـ 3 ملايين، وباكستان بـ 2.1 مليون مسافر، والولايات المتحدة بـ 1.6 مليون مسافر. كما تصدرت لندن قائمة وجهات المدن الأكثر ازدحاماً من حيث عدد المسافرين، بواقع 1.8 مليون مسافر، تلتها الرياض بـ 1.5 مليون، ثم مومباي بـ 1.2 مليون، وجدة ودلهي بـ 1.1 مليون لكل منهما، متبوعةً بإسطنبول بواقع 982,000 مسافر.

التجربة المستقبلية

مع دخول التقنيات الذكية والخدمات الرقمية، أصبح مطار دبي الدولي نموذجاً للابتكار في قطاع الطيران، مقدماً رؤية مستقبلية لكيفية السفر بطريقة سلسة وممتعة. حيث لم يعد السفر مجرد عبور من نقطة إلى أخرى، بل أصبح تجربة متكاملة، تبدأ منذ الحجز وحتى الوصول إلى الوجهة النهائية.

وتنفق مطارات دبي نحو 200 مليون درهم سنوياً على أنظمة التكنولوجيا الحديثة، من خلال إحلال التقنيات القديمة، وتبنّي التكنولوجيا، والنظم، والحلول المبتكرة والحديثة.

ويوفر المسار البيومتري المتكامل في مطار دبي الدولي للمسافرين، تنقلاً سلساً عبر المطار، بدءاً من إنهاء إجراءات السفر، وحتى بوابات الصعود إلى الطائرة، ما يحسّن انسياب حركة المسافرين في مختلف مناطق المطار، مع الحد من عمليات التحقق من المستندات، واختصار زمن الانتظار في الطوابير.

أما استخدام البوابات الذكية، فيتيح للمسافرين المرور بسرعة عبر نقاط الهجرة، ويمكن للضيوف الذين يصلون ويغادرون، في مبنى المسافرين رقم (3) في مطار دبي الدولي، المرور عبر مراقبة جوازات السفر في غضون ثوانٍ، باستخدام البوابات الذكية المحسنة، التي تتميز بعملية جديدة من دون تلامس.

المسارات الجوية

حافظ مطار دبي الدولي على صدارته الإقليمية، مستحوذاً على نحو 70% من المسارات الأكثر ازدحاماً في المنطقة خلال شهر يوليو الماضي، مؤكداً مكانته مركزاً محورياً لحركة الطيران العالمية.

وأظهرت بيانات حصلت عليها «البيان»، أن 7 من أكبر 10 مسارات ازدحاماً إقليمياً، تنطلق من مطار دبي، أو تتجه إليه، الأمر الذي يؤكد أن مطار دبي بات محوراً عالمياً لحركة الطيران الدولية. حيث جاء نشاط الحركة عبر مطار دبي الدولي، بدعم توسع الناقلات الوطنية، وانتعاش التدفقات السياحية، ونشاط سياحة المعارض والمؤتمرات.