في خطوة غير مسبوقة على صعيد التكنولوجيا العصبية، نجح نولاند أربو، أول شخص يزرع في دماغه شريحة نيورالينك، في التحكم بالحاسوب ولعب الشطرنج باستخدام أفكاره فقط، خلال مؤتمر Fortune Brainstorm Tech الأسبوع الماضي. أربو، الذي أصبح رمزاً للتغلب على الشلل بعد حادث مؤلم في 2016، يمثل تجربة رائدة توضح قدرة هذه الشريحة العصبية على ترجمة نشاط الدماغ إلى أوامر رقمية، ما يمهد الطريق أمام مستقبل يدمج الإنسان بالآلة.
نيورالينك، الشركة التي أسسها إيلون ماسك، تهدف إلى تطوير واجهات دماغ-حاسوب متقدمة تساعد الأشخاص المصابين بالشلل أو الاضطرابات العصبية على استعادة التحكم بحياتهم، بينما تفتح أفقاً جديداً لتقنيات المستقبل. خلال المؤتمر، كشف أربو أيضاً عن لقائه الأول بإيلون ماسك، مؤسس الشركة، مؤكداً إعجابه الشخصي برؤية ماسك وابتكار.
من العزلة إلى السيطرة بالعقل
في صيف 2016، غيّر حادث غطس حياة أربو بشكل جذري، حيث أصيب بالشلل من الكتفين إلى الأسفل، مما جعله يعتمد كلياً على أسرته. أيامه كانت خالية من النشاط، وغالباً ما بقي في غرفته، يشعر بالعزلة والفراغ، وفق تقرير لموقع "fortune".
يقول أربو "كنت أستيقظ وأنام متى أشاء، لم يكن هناك أي شيء يحدث في حياتي حتى جاء اتصال غير متوقع عرض علي المشاركة في تجربة زرع شريحة دماغية".
قال ببساطة:"ليس لدي ما أفعله."عملية تاريخية وزيارة ماسك
في 28 يناير 2024، أُجريت العملية في Barrow Neurological Institute بمدينة فينيكس، حيث زُرعت شريحة بحجم قطعة نقدية تحت الجمجمة، متصلة بأكثر من 1,000 إلكترود قادرة على تحويل نشاط الدماغ إلى أوامر رقمية. خرج أربو من المستشفى بعد 24 ساعة، قائلاً: "لم أشعر بأي ألم إطلاقًا. لا أعلم حتى أن الشريحة موجودة."
خلال أول اتصال له مع ماسك يوم العملية، كان أربو تحت تأثير التخدير، لكنه قال : "أول شيء لفت انتباهي كانت سترته الجلدية الرائعة."
بعد ستة أشهر، التقى ماسك شخصيًا في مصنع Tesla بأوستن، حيث ناقشا نيورالينك، ومشاريع SpaceX، وحتى احتمال وجود كائنات فضائية. وصف أربو ماسك ببساطة: "إنه رجل رائع."
التحكم بالشطرنج بالعقل
أمام جمهور المؤتمر، أظهر أربو قدراته الفريدة عندما لعب مباراة شطرنج كاملة ضد بطلة العالم آنا كراملينغ، مستخدماً عقله فقط للتحكم بالمؤشر على الشاشة. وعلق على التجربة: "كل ما علي فعله هو التفكير في المكان الذي أريد أن يذهب إليه المؤشر. الأمر بسيط جداً، وسيُفاجئ الناس سهولة التحكم."
حياة جديدة تماماً
لم تقتصر فوائد الشريحة على التحكم بالحاسوب، بل أعادت لأربو حياته بالكامل. عاد للدراسة في علوم الأعصاب، أسس مشروعه الخاص، وبدأ السفر حول العالم، واصفًا أيامه الجديدة: "حياتي الآن مزدحمة جداً طوال الوقت."
ويضيف عن الدافع وراء مشاركته في التجربة: "السبب الذي دفعني للقيام بهذا منذ البداية هو مساعدة الناس. كنت أعلم أنه إذا نجحت، سأكون قد ساعدت شخصاً ما، ونيورالينك ستتعلم شيئاً جديداً."
قصة نولاند أربو تمثل أكثر من مجرد إنجاز علمي؛ إنها نقطة تحول في العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. تجربة نيورالينك أثبتت أن التفكير يمكن أن يتحول إلى فعل مباشر، وأن العجز يمكن أن يتحول إلى إمكانيات غير محدودة، فيما يواصل إيلون ماسك دفع حدود الابتكار لتغيير حياتنا كما نعرفها.
