رئة الكوكب تحترق.. كيف تنقذ غابات الأمازون حياة ملايين البشر؟

تُعتبر غابات الأمازون المطيرة، والتي توصف برئة الكوكب عنصراً أساسياً في التنوع البيولوجي العالمي وتنظيم المناخ، ودرعٌ حيويٌّ لصحة الإنسان.

وكشفت دراسةٌ نُشرت في مجلة "كوميونيكيشنز إيرث آند إنفيرونمنت" أجراها باحثٌ من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) أن غابات الأمازون تُشكّل حاجزًا منيعاً ضد ما يقرب من ثلاثين مرضاً تُهدد سكان منطقة الأمازون البالغ عددهم 33 مليون نسمة. ويُبرز هذا الاكتشاف الروابط الوثيقة بين صحة النظام البيئي ورفاهية الإنسان رغم ما تعانية الغابات من احتراق بسبب تغير المناخ.

نتائج الدراسة الرائدة

تتناول الدراسة، التي امتدت على مدى عقدين من الزمن، من عام 2001 إلى عام 2019، 27 مرضاً، بما في ذلك السكتة الدماغية، وسرطان الرئة، والربو، وداء شاغاس، والملاريا، وداء الليشمانيات. وتشمل هذه الأمراض 21 مرضاً من أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، وستة أمراض معدية، ليصل إجمالي عدد الحالات إلى 30 مليون حالة في جميع أنحاء المنطقةوفق موقع sustainability-times.

ووجد الباحثون أن القرب من الغابات المملوكة للشعوب الأصلية قلل بشكل مستمر من معدل الإصابة بهذه الأمراض، وكان نطاق الدراسة واسعاً، إذ استقت بيانات من 1733 بلدية تمثل ثلاثة أرباع مساحة الأمازون، وشملت دولًا مثل بوليفيا، والبرازيل، وكولومبيا، والإكوادور، وبيرو، وسورينام، وفنزويلا، وغويانا الفرنسية.

في منطقة الأمازون البرازيلية وحدها، ساهمت حرائق الغابات بين عامي 2002 و2011 في ما معدله 2906 حالات وفاة مبكرة سنويًا بسبب أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. تُبرز هذه الأرقام الدور الحاسم الذي تلعبه الغابات في التخفيف من المخاطر الصحية، وتُؤكد الحاجة المُلحة للحفاظ عليها.

التوسع الزراعي والطرق وحفر النفط

تتفاقم حرائق الغابات، بسبب تغير المناخ، مما يؤدي إلى زيادة وتيرة اشتعالها وشدتها ونطاقها. تصف آنا فيليبا بالميريم، المؤلفة المشاركة في الدراسة والأستاذة في جامعة بارا الفيدرالية، الدخان الخانق الذي يملأ الهواء خلال هذه الحرائق، وتُشير إلى أن " الحياة اليومية تتوقف تماماً، ويلزم كبار السن والأطفال منازلهم لتجنب زيارة المستشفيات" .

حتى حرائق الغابات النائية قد تُخلّف عواقب واسعة النطاق، إذ تحمل الرياح التلوث لمسافات شاسعة، مُسببةً حالات طوارئ صحية مُميتة، وقد ربطت دراسات سابقة إزالة الغابات مباشرةً بارتفاع الأمراض الحيوانية المنشأ والأمراض المنقولة بالنواقل، مثل تلك التي ينقلها البعوض.

كما أن التوسع الزراعي، وحفر النفط، ومشاريع البنية التحتية الضخمة، كالطرق ومحطات الطاقة الكهرومائية، تزيد من التفاعلات بين الإنسان والحيوان، مما يزيد من خطر انتقال الأمراض.

فوائد مذهلة

تؤكد باولا بريست، المنسقة الرئيسية لبرنامج "الغابات والمراعي" التابع للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، على الفوائد الصحية لغابات الأمازون لملايين البشر، وتؤكد أن ضمان حقوق ملكية قوية للأراضي للمجتمعات الأصلية هو أفضل سبيل للحفاظ على هذه الغابات وفوائدها الصحية .

ومع ذلك، لا تزال الأنشطة الاقتصادية تهدد هذه النظم البيئية الحيوية. وتثير المزادات البرازيلية الأخيرة لوحدات التنقيب عن النفط، التي يقع العديد منها في حوض الأمازون، مخاوف المجتمعات المتضررة بشأن الآثار المحتملة على أراضيها وصحتها.

التحديات والتوجهات المستقبلية

تواجه غابات الأمازون المطيرة تهديدات مستمرة من جراء إزالة الغابات، مدفوعةً بعوامل متعددة، منها التوسع الزراعي وقطع الأشجار والتعدين. لا تقتصر هذه الأنشطة على تعطيل النظام البيئي فحسب، بل تُشكل أيضًا مخاطر صحية جسيمة على السكان المحليين، وتؤكد الدراسة على ضرورة وضع سياسات شاملة تُعالج المخاوف البيئية والصحية على حد سواء.

لا تزال غابات الأمازون المطيرة تُشكّل عنصرًا أساسياً في النظام البيئي للأرض، إذ تُقدّم فوائد جمّة تتجاوز حدودها. ومع مواجهة تحديات التنمية والحفاظ على البيئة، تتضح أهمية الحفاظ على هذا المورد الحيوي بشكل متزايد.