هل شرب القهوة صباحاً يجعلك أكثر سعادة؟

هل تبدأ يومك بفنجان قهوة؟ قد تكون هذه العادة أبسط مما نتصور، لكنها تحمل تأثيراً مثبتاً علمياً على مزاجنا وحالتنا النفسية. دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين الألمان والبريطانيين، تابعت أكثر من 230 شاباً وشابة على مدى أربعة أسابيع، خلصت إلى نتيجة مثيرة مفادها أن الأشخاص الذين تناولوا القهوة في الصباح أبلغوا عن مستويات أعلى من السعادة والدافعية مقارنة بأيام لم يتناولوا فيها أي قهوة.

الباحثون اعتمدوا منهجية دقيقة؛ إذ طلبوا من المشاركين تسجيل مشاعرهم واستهلاكهم للقهوة سبع مرات يومياً، وبعد تحليل البيانات، ظهر نمط واضح، فنجان القهوة الصباحي لم يكن مجرد عادة اجتماعية، بل له أثر ملموس على الحالة العاطفية والنفسية.

السر البيولوجي وراء ذلك يكمن في مادة الكافيين، هذه المادة تعمل على تعطيل مستقبلات الأدينوزين، وهي جزيئات مسؤولة عن الإحساس بالنعاس والحاجة إلى النوم. بمجرد أن يُحجب تأثيرها، ترتفع مستويات اليقظة وتتحسن طاقة الجسم، ما يفسر الإحساس بالسعادة والحيوية بعد شرب القهوة. ويُلاحظ أن هذا التأثير يبلغ ذروته في الساعتين والنصف الأوليين بعد الاستيقاظ، وهو الوقت الذي يحتاج فيه معظم الناس إلى دفعة للانطلاق في يومهم.

تأثير شامل يتجاوز العادات

واحدة من أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة هي أن هذا الأثر الإيجابي للقهوة لا يتأثر بعوامل مثل أنماط النوم أو القلق أو الاكتئاب، ولا حتى بعادات استهلاك الكافيين. بمعنى آخر، سواء كان الشخص معتاداً على شرب القهوة بشكل يومي أو لا يعتمد عليها كثيراً، فإن فنجان الصباح يمنحه جرعة إضافية من المشاعر الإيجابية. المثير أن القهوة ترفع منسوب السعادة والحافز، لكنها لا تقلل بالضرورة من مستويات القلق أو التوتر.

حدود الفوائد

رغم كل هذه الإيجابيات، يبقى هناك جانب يجب الانتباه إليه وهو أن الإفراط في شرب القهوة قد يؤدي إلى نتائج عكسية مثل الإدمان واضطرابات النوم، خصوصاً عند تناولها في ساعات متأخرة من اليوم. لذلك ينصح الخبراء بالاعتدال: فنجان أو اثنان في الصباح كافيان لتأمين اليقظة والطاقة المطلوبة من دون التسبب بآثار سلبية لاحقة.

بداية مثالية ليوم جديد

تؤكد هذه الدراسة ما يعرفه محبو القهوة أن رائحتها ونكهتها ليست مجرد متعة حسية، بل وسيلة مثبتة علمياً لتحسين المزاج ورفع مستوى النشاط. فنجان الصباح لا يمنحك فقط انطلاقة قوية لليوم، بل يزيد أيضاً من احتمالات أن يرافقك شعور إيجابي منذ اللحظة الأولى للاستيقاظ.

يمكن القول إن القهوة الصباحية ليست مجرد عادة، بل رفيق موثوق يساعدك على استقبال يومك بجرعة من التفاؤل والسعادة — والآن لم يعد ذلك مجرد انطباع شخصي، بل حقيقة علمية مؤكدة.