يواصل مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي الذي تنظمه دائرة الثقافة بالشارقة، فعاليات دورته التاسعة في منطقة الكهيف.
وفي حضور أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح مدير المهرجان، بدأت أنشطة اليوم الرابع عند الخامسة مساء بجلسات المسامرة الفكرية التي جاءت تحت عنوان «المسرح الصحراوي وجماليات السير الشعبية العربية».
وأدار جلسات اليوم الثاني والأخير للمسامرة الكاتب والمخرج عمر غباش (الإمارات)، وجاءت المداخلة الأولى فيها تحت عنوان «نحو استثمار جمالي للسرديات الشعبية في المسرح الصحراوي».
وقدمها الدكتور عادل اضريسي (المغرب)، متناولاً من خلالها بالدراسة والتحليل العناصر الجمالية والأدائية في السرديات الشعبية بالصحراء المغربية، بوصفها فضاءً للمؤانسة والضيافة والكرم.
وباعتبارها تقليداً تاريخياً مفعماً بالدلالات والرموز والانتماء الهوياتي من جهة، ومنبعاً إبداعياً وجمالياً يشكل فرجة متكاملة الأركان في حد ذاته، وأرضية خصبة قابلة للاستثمار الجمالي في أفق تطوير صناعة الفرجة بالمسرح الصحراوي على جميع الأصعدة، كتابة وإخراجاً.
وجاءت المداخلة الثانية بعنوان «المسرح الصحراوي والسير الشعبية.. رؤية ثقافية» وقدمتها الدكتورة فوزية لبيض (المغرب)، التي أكدت في بداية حديثها أن الصحراء تجاوزت في المتخيل الإبداعي كونها حيزاً جغرافياً فقيراً، لتشكل فضاءً رمزياً وأنثروبولوجياً زاخراً بالدلالات الروحية والقيم الثقافية التي ألهمت الأدباء والفنانين عبر العصور.
وذكرت أن العديد من التجارب الإبداعية، لا سيما في السرد والشعر والسينما، نجحت في تحويل الصحراء من «خلاء مناخي» إلى «وعاء ثقافي»، مؤكدةً أن في وسع المسرح تحويل الصحراء إلى فضاء للدراماتورجيا المعاصرة؛ وذلك عبر توظيف الموروث الشعبي والسير الملحمية، مثل سيرة بني هلال وعنترة بن شداد، في صياغة عروض مسرحية تكسر النمطية الكلاسيكية.
كما تطرقت الباحثة إلى الإمكانات المسرحية التي تتيحها الصحراء، مثل «سينوغرافيا الفضاء المفتوح» و«جماليات الصمت»، مشيرة إلى أن اشتغال العرض المسرحي على حكايات البادية وفضاءاتها المكانية من شأنه أن يساعد في منحه بعداً صوفياً وتأملياً يعيد صياغة العلاقة بين المتلقي والبيئة.
وجاءت المداخلة الثالثة والأخيرة، بعنوان «المسرح الصحراوي.. نحو مشهدية بديلة» وقدمها المخرج حمادي المزي (تونس)، الذي دعا إلى ابتكار «أبستمولوجيا» خاصة بمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، مثمناً تجربة المهرجان واستمراريته واهتمام دائرة الثقافة بتوثيقه وأرشفة أنشطته.
وأشار إلى أن المسرح تأخر في الانفتاح على الصحراء مقارنة بالرواية والسينما، ومن ثم تطرق إلى تجربة عملية له من خلال عرض ملحمي عنوانه «رسائل الحرية» قدم بصحراء «قبلي» التونسية، حيث تم توظيف أطلال القرى الحقيقية والذاكرة الشعبية لتقديم عرض مسرحي كسر الجدار الرابع.
وخلص المزي إلى أن مستقبل المسرح الصحراوي يتحدد بقدرته على استنطاق التحولات الحديثة، مثل اقتحام الآلة والتكنولوجيا للبادية، مع الحفاظ على جوهر الصحراء بصفتها مرآة وجودية تعكس صراع الإنسان بين الفناء والخلود.
وفي برنامج العروض، قدمت عند الثامنة مساءً مسرحية «الكنز» من تأليف ميلاد منصور وإخراج محمد الصادق لفرقة «زوايا للفنون والمسرح» الليبية، وذلك بحضور عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة ورئيس المهرجان.
ودارت أحداث العرض حول العلاقة بين الصديقين «بركة» و«مأمون»، اللذين يعيشان في الصحراء مع أسرتيهما، ثم ينطلقان في رحلة بحث عن مصدر للمياه بعد جفاف العين التي كانت تسقي قريتهما.

