تراجع الإنتاج في السينما المصرية.. أسباب وآفاق

تراجع ملحوظ يشهده الإنتاج السينمائي في مصر خلال الفترة الأخيرة، لا سيما في مواسم الأعياد التي كانت تعد الأكثر رواجاً وإقبالاً من الجمهور، فبعد أن كانت دور العرض المصرية تستقبل في كل موسم عدداً كبيراً من الأفلام المتنوعة، باتت تكتفي اليوم بفيلمين أو ثلاثة على الأكثر، ما يعكس أزمة عميقة تضرب صلب الصناعة السينمائية.

وشهد موسم عيد الأضحى السينمائي في مصر هذا العام تراجعاً ملحوظاً في عدد الأفلام المعروضة، حيث تركزت المنافسة على فيلمين فقط، هما «المشروع X» بطولة كريم عبد العزيز وياسمين صبري، و«ريستارت» للنجم تامر حسني وهنا الزاهد.

تراجع ملحوظ

وجاء هذا التراجع بشكل واضح مقارنة بالأعوام الماضية التي شهدت تزايداً في عدد الأفلام المشاركة في موسم العيد، إذ كان الموسم السابق يتنافس فيه نحو 4 أفلام، من بينها «ولاد رزق 3» لأحمد عز وكريم عبد العزيز، و«اللعب محمد العيال» لمحمد إمام، إلى جانب «عصابة الماكس» لأحمد فهمي و«أهل الكهف» لخالد النبوي، ما يعكس انخفاضاً حاداً في حجم الإنتاج السينمائي لموسم العيد هذا العام.

وكان موسم عيد الأضحى لعام 2023 قد شهد أيضاً عرض 4 أفلام ناجحة مثل «بيت الروبي» لكريم عبد العزيز، و«مستر إكس» لأحمد فهمي، و«البعبع» لأمير كرارة، بالإضافة إلى «تاج» للنجم تامر حسني. ويرجع خبراء في المجال هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتراجع الدعم المؤسسي، واتجاه عدد كبير من الفنانين والمنتجين إلى العمل على المنصات الرقمية، ما يطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل السينما المصرية وقدرتها على المنافسة عربياً وإقليمياً.

و أكد المخرج محمد شاكر خضير خلال حديثه مع «البيان»، أن تراجع عدد الأفلام المعروضة في موسم عيد الأضحى الماضي ليس ظاهرة موسمية، بل يعكس أزمة هيكلية ممتدة منذ سنوات، مشيراً إلى أن هذه الأزمة تتجلى في ضعف الإنتاج وتراجع التنوع الفني، ما يؤثر سلباً على صناعة السينما. أوضح شاكر في تصريحات خاصة لـ«البيان»، أن شهر رمضان يساهم في تعطيل صناعة الأفلام، حيث يتوقف العديد من النجوم والفنيين عن العمل خلاله، ما يؤدي إلى تأجيل أو إلغاء بعض المشاريع السينمائية.

وأضاف شاكر: إن هذا التوقف يؤثر على جدول الإنتاج ويقلل من عدد الأفلام المتاحة للجمهور، خصوصاً في مواسم الأعياد.

وأكد أن صناعة السينما المصرية عليها أن تتخذ خطوات جادة ومهمة للعودة لإنتاج أعداد من الأفلام، مشيراً إلى أهمية التنسيق بين جميع أطراف الصناعة، بما في ذلك المنتجين والموزعين والفنيين، لضمان استدامة وتطور السينما المصرية.

ومن جانبه، قال الناقد الفني عماد يسري، في تصريحات خاصة لـ«البيان»، إن مشهد السينما المصرية اليوم يعكس حالة حزن عميقة. وأشار عماد يسري إلى أن هذا الواقع المؤلم هو نتيجة تراكمات سنوات عدة من التراجع في صناعة الأفلام، مضيفاً: إن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل مستمرة منذ سنوات عدة، حيث يقل عدد الأفلام المعروضة في مواسم الأعياد بشكل متواصل، ما يدين القائمين على الصناعة الذين لم يتخذوا خطوات كافية لتجاوز هذه الأزمة.

وأوضح يسري أن موسم العيدين، والذي كان يعتبر الأكثر جذباً للجمهور والإيرادات السينمائية، يشهد تراجعاً كبيراً بسبب انخفاض الإنتاج السينمائي، رغم توفر السيولة الاقتصادية لدى الجمهور خلال هذه الفترات، مشيراً إلى أن هذا التراجع أثر بشكل سلبي على الصناعة بأكملها.

وأضاف: إن المنصات الرقمية؛ كانت سبباً جزئياً في هذا التدهور، إذ تركز على إنتاج محتوى يجذب المشاهدين فقط، ما أدى إلى قلة الإنتاج السينمائي التقليدي.

أفق قاتم

وحول توقعاته لموسم الصيف وبقية عام 2025، أكد يسري أن الأفق يبدو قاتماً، مع احتمال عرض فيلمين فقط يحاولان إنعاش الحركة في دور العرض، لكنه حذر من دخول السينما المصرية في سنوات عجاف أكثر قسوة خلال 2026.

وخلص إلى أن الأزمة الأساسية تكمن في افتقار المادة الفنية الجذابة، حيث إن تراجع عدد الأفلام في مواسم الأعياد ليس حادثاً طارئاً بل ظاهرة مستمرة على مدار 15 عاماً، وسوف تستمر لسنوات عدة مقبلة.