«في رحاب اللغة العربية» أمسية تزدان بالخط وتتألق بالقصيد في الشارقة

احتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 من شهر ديسمبر من كل عام، نظم النادي الثقافي العربي بالشارقة، بالتعاون مع جمعية حماية اللغة العربية بالشارقة، مساء الأحد، أمسية «في رحاب اللغة العربية»، تضمنت معرضاً خطياً، ومحاضرة بعنوان «دور الشارقة في صناعة نهضة لغوية عربية جديدة»، إضافة إلى جلسة شعرية.

واستهلت الأمسية بافتتاح معرض للخطاط الفنان تاج السر حسن، عرض فيه جملة من أعماله تلخص تجربته مع فن الخط. وتميز تاج السر بأسلوبه الخاص، لا سيما تطويع مرونة الحرف العربي في صناعة الدائرة التي برع فيها.

وفي بداية الأمسية ألقى الدكتور سعيد بالليث الطنيجي، رئيس مجلس إدارة جمعية اللغة العربية، كلمة قال فيها: «إن اللغة العربية اليوم لغة حية ومرنة، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في علاقتنا نحن بها، في ممارستنا لها، وفي حضورها في التعليم، والإعلام، والتقنية، وفي وجدان الأجيال الجديدة.

ومن هذا المنطلق، جاءت رسالة جمعية حماية اللغة العربية، رسالة لا تقوم على الحنين إلى الماضي، بل على الوعي بالمستقبل، ولا تكتفي بالشعارات، بل تؤمن بالعمل المؤسسي، وبالشراكة، وبالتأثير المجتمعي، إيماناً منا بأن حماية اللغة ليست ترفاً ثقافياً، بل ضرورة وجودية، وحفظاً للهوية، ومسؤولية مشتركة».

وأضاف: «لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نشيد بالدور الريادي الذي تضطلع به دولة الإمارات العربية المتحدة في خدمة اللغة العربية، من خلال سياسات واضحة، ومبادرات وطنية، ومشاريع ثقافية وتعليمية جعلت من العربية ركيزة أساسية في بناء الإنسان وتعزيز الهوية.

وتتجلى هذه الرؤية بوضوح في إمارة الشارقة، بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي جعل من اللغة العربية مشروعاً حضارياً، ومن الثقافة نهجاً، ومن الكتاب والعلم ركناً أساسياً في نهضة الإمارة وحضورها العالمي».

وشهدت الأمسية محاضرة بعنوان «دور الشارقة في صناعة نهضة لغوية عربية جديدة» ألقاها الدكتور أمحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع الشارقة للغة العربية، وأدارها الإعلامي يب مولاي الحسن.

وأوضح د. المستغانمي أن العربية في الشارقة هي في عرينها الذي لا تظلم فيه، فالشارقة اليوم في اعتنائها بالعربية وعلومها تماثل قرطبة وغرناطة في زمانهما، بل تفوقهما، بما أطلقه فيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، من مؤسسات ترعى اللغة العربية وتعزز وجودها على جميع المستويات.

فما بيوت الشعر التي ترعاها دائرة الثقافة في الشارقة، ومجمع الشارقة للغة العربية، وجمعية حماية اللغة العربية، ومؤسسات أخرى كثيرة إلا شواهد حية على الاهتمام الكبير الذي توليه الشارقة للغة الضاد.

وعن التحديات التي تواجه العربية اليوم، قال د. المستغانمي إن أهمها الازدواجية اللغوية المتمثلة في وجود لغات أجنبية تنافس العربية في البلدان العربية، وكذلك انتشار استخدام اللهجات إعلامياً وتربوياً، ثم تحديات الذكاء الاصطناعي وضرورة مواكبة العربية له بسرعة.

وفيما يتعلق بالخطوات العملية لحماية اللغة، حدد د. المستغانمي ثلاث خطوات: الأولى أن نعمل في المدرسة والبيت على صناعة الملكة اللغوية للطفل، وذلك بترسيخ عادة القراءة لديه، لأن القراءة هي التي تشكل المخزون اللغوي والأسلوبي للطفل.

وهذا ما وعاه صاحب السمو حاكم الشارقة عندما وجه بتوزيع المكتبات على كل أسرة من أسر الإمارة. وثانياً: أن نعوّد الأطفال الحفظ فهو مفتاح للغة، حفظ القرآن والحديث والشعر والنثر.

وثالثاً: أن نعلمهم علوم اللغة كالنحو والصرف وغيرها، فبها يستقيم اللسان وينشأ الفهم الصحيح للكلام، فإن الإعراب جمال الكلام. أما رابعاً وأخيراً: أن نعودهم التدرب الدائم على الكلام بها والكتابة بها، وفي هذه المرحلة ينبغي للطالب أن يقلد الخطباء والكتاب والشعراء العظام وينسج على منوالهم حتى تستقيم ملكته، وبعد ذلك يستقل بإبداعه.

واختتمت الأمسية بجلسة شعرية اشترك فيها الشعراء: طلال الجنيبي، وداوود جاه، وأحلام بناوي، الذين قدموا قصائد تفيض بجمال الأساليب العربية الأصيلة الزاخرة بالحداثة الشعرية، تأكيداً لقدرة هذه اللغة وعبقريتها في الجمع بين أصالة الكلمة العربية والأسلوب العربي ومعاصرتهما.