الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي.. حراك متنامٍ يعيد تشكيل علاقة الصغار بالقراءة

انطلقت «الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي» عام 2009، كفكرة تسعى لأن تضع أدب الطفل العربي في المكان الذي يستحقه عالمياً، وأن تقول بثقة إن القصص المكتوبة بالعربية قادرة على منافسة أفضل ما كُتب في أدب الطفل في أي لغة أخرى.

وخلال ما يزيد على عقد، تحولت هذه الفكرة إلى حراكٍ ثقافي متنامٍ، من 47 مشاركة من 8 دول عربية في الدورة الأولى إلى ما يزيد على 300 مشاركة سنوياً من أكثر من 20 دولة من الوطن العربي والعالم.

وبين البداية والاتساع، ارتقت الجائزة من حدود التكريم الأدبي إلى صناعة أثرٍ طويل المدى يرتكز على تعزيز أدوار المؤلفين والرسامين والناشرين، بما يعيد تشكيل علاقة الطفل العربي بالقراءة.

ولا يمكن قراءة تطور الجائزة بمعزلٍ عن المشهد الثقافي في الشارقة؛ ذلك المشهد الذي ترسخ برؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقيادة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، حيث تحولت القراءة والنشر إلى ركيزتين للتنمية الثقافية المستدامة.

=وعن الجائزة وهدفها، أكدت مروة العقروبي، رئيسة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، أن الجائزة منذ البداية كانت تهدف إلى بناء مساحة إبداعية حقيقية تعكس الطفل العربي كما هو، وتمنحه قصصاً يرى فيها ذاته ولغته ومشاعره وواقعه، ضمن سردٍ صادق يحاكي أحداث يومه ويشعره أن الأدب جزء من واقعه وتجاربه.

وأضافت أن عالم الأطفال اليوم لم يعد بسيطاً أو محدود الأسئلة، بل صار أكثر تعقيداً وتشابكاً، وهو ما يجعلهم بحاجة إلى قصص تعينهم على فهم ما حولهم، وتمنحهم أدوات للتأمل والتفسير والتوازن، وتفتح أمامهم آفاقاً أوسع لرؤية الحياة.

وأشارت العقروبي إلى أن الرؤية الثقافية في الشارقة تنطلق من إيمانٍ راسخ بأن الثقافة تبدأ منذ الطفولة، وأن الاستثمار في خيال الطفل هو استثمار في المستقبل المشترك؛ لأن الخيال هو البذرة الأولى للمعرفة والوعي والقدرة على التخيل والتغيير.

واختتمت: «إن الجائزة، في كل دورة، تكشف أصواتاً جديدة وطرائق مختلفة لرؤية العالم، وتعيد ترسيخ الإيمان بقوة اللغة العربية وقدرتها على حمل قصصٍ ذات معنى إنساني واسع»، مشيرة إلى أن قصة الجائزة مستمرة، وستظل تبدأ دائماً بتلك العبارة التي تشبه ذاكرة الطفولة العربية: «كان يا ما كان».

وطيلة السنوات العشر الماضية، كرمت الجائزة أكثر من 100 مؤلف ورسام وناشر، وأسهمت في تحفيز إنتاج ما يقارب 400 كتاب للأطفال واليافعين باللغة العربية. ومع انقضاء تلك السنوات، لم تتوقف الجائزة عند فكرة «الكتاب» كمنتجٍ مطبوع فحسب، فمنذ 2017 وسعت فئاتها لتشمل الرسامين، في خطوة تعترف بأن الصورة شريك أساسي في صناعة خيال الطفل.

ومع تعزيز مكانتها، انعكس أثر الجائزة على حضور الكتاب العرب ليتخطى الحدود الجغرافية العربية، فمجموعة من الكتب التي كرمت في الشارقة للمرة الأولىز.

وجدت طريقها لاحقاً إلى معارض دولية كبرى مثل معارض «بولونيا لكتاب الطفل»، و«فرانكفورت» و«لندن» الدوليين للكتاب، لتصبح الجائزة نقطة عبور نحو فرص عالمية، ومسارات مهنية جديدة لصناع كتاب الطفل العربي.

وليس ذلك فحسب، فكثير من تلك الكتب ترجمت إلى لغات عالمية، إذ ترجم أكثر من 40 كتاباً من الأعمال الفائزة إلى لغات تشمل الإنجليزية والفرنسية والتركية والكورية، ما أتاح لقراء جدد التعرف إلى أدب الطفل العربي.