اختُتمت فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان «أيام العربية» في منارة السعديات، بعد ثلاثة أيام حافلة بالعروض الأدائية، والجلسات الحوارية، والإبداعات الفنية، التي احتفت باللغة العربية بصفتها لغة نابضة بالخيال والإبداع والاستمرارية الثقافية.
وتحت شعار «جونا عربي»، حظي المهرجان بتفاعل واسع من مختلف فئات الجمهور، جامعاً بين الموسيقى والسينما والذكاء الاصطناعي والتصميم والفنون الحية والسرد القصصي، قدم البرنامج تجربة تفاعلية مع تجليات الإبداع العربي المعاصر.
واستكشف الزوار مجموعة من الأنشطة التي ربطت الأنماط الكلاسيكية بالممارسات الإبداعية الراهنة، مسلطة الضوء على قدرة اللغة على تشكيل المشهد الفني والثقافي.
في القاعة الرئيسية، تناولت النقاشات مستقبل الإبداع العربي من خلال الأفلام والموسيقى والفنون، إذ جمعت جلسة «الشباب وصناعة المحتوى العربي» بالتعاون مع استوديو الفيلم العربي، المخرجين ماجد الزبيدي وندى جاهد، وأدارتها زينب الشكيلي، للحديث عن السرد الأصيل والفرص السينمائية الجديدة في المنطقة.
تحدثت ندى جاهد عن أبرز المهارات التي اكتسبتها خلال إخراجها الفيلم الوثائقي «نور عيني» والتحديات التي واجهتها حتى تحول حلمها في الإخراج إلى حقيقة.
وأكدت جاهد أن السينما العربية لها دور كبير في تعزيز الهوية العربية خاصة، من خلال الفيلم الوثائقي بما يتيحه من إمكانية توثيق تجارب إنسانية عميقة وهو ما تم خلال فيلم «نور عيني»، والذي من خلاله استطاعت توصيل رسائل معينة من المجتمع عبر أحداث الفيلم، من حيث توثيق عادات وتقاليد وثقافة نابعة من المجتمع الذي دارت فيه أحداث الفيلم الذي يبين هوية المجتمع واللغة السائدة فيه وأفكاره وتوجهاته.
من جهته قال ماجد الزبيدي، وهو خريج برنامج «استوديو الفيلم العربي» إن خبرته السابقة في صناعة المحتوى تختلف كلياً عن مضمون برنامج الفيلم العربي، الذي وجد فيه فرصة لثقل موهبته والتعبير عنها من خلال فيلم «مبروك يالك ولد»، فالتجربة ليست فقط عملية، بل احترافية طول كل مراحل الإنتاج بالشكل نفسه المتعارف عليه في صناعة الأفلام السينمائية الاحترافية عالية المستوى، منوهاً إلى الفيلم يتناول أحاسيس الأب في ليلة قدوم مولوده الأول، وما يعتري الشباب من خوف وقلق في تحمل المسؤولية.
السينما واللغة العربية
وعن علاقة صناعة السينما بدعم وتعزيز اللغة العربية، أكد الزبيدي أن اللغة العربية موجودة في الأفلام ومن خلالها يتم إيصال رسائل نابعة من المجتمع الذي انبثق منه هذا الفيلم أو ذاك، داعياً الشباب إلى حسن استغلال فرص دعم صناعة المحتوى وإنتاج الأفلام في الإمارات التي توفر فرصاً ومنصات داعمة عدة لجهود الشباب في عالم صناعة المحتوى وإنتاج الأفلام، حيث تتوافر هذه المنصات، ولكن على كل شاب أن يبحث عما يثير فضوله، سواء كان في مجال الكتابة الدرامية أو غيره من مجالات الإبداع السينمائي وصناعة المحتوى، وهذا يدفعه للقراءة والتعلم حول هذا الشغف، ثم يقوم بتجريب أدوار مختلفة حتى يعرف كيف يجد نفسه، وكذلك عليه الحضور في أوساط هذا العمل، ما يفتح له آفاقاً واسعة للتعلم والارتقاء.
وأشار إلى دور السينما في تقريب الأجيال الجديدة من اللغة العربية، عبر إنتاج أعمال جيدة وموضوعات تتلاقى مع شغف الشباب، من حيث وجود محتوى شائق ومنتَج بشكل جيد، وهذا بحد ذاته يثير صناع المحتوى الشباب لمحاكاة مثل هذا العمل الناجح واستلهام ما فيه من محتوى عربي، سواء باللغة الفصحى أو اللهجات الدارجة، ما يمنح الفرصة للجمهور أو صناع المحتوى الشباب لمزيد من التعلق باللغة العربية.
وفي الأمسية الختامية، استضافت القاعة الرئيسية أيضاً جلسة عنوانها «أصوات وجماليات: العربية مصدراً للإلهام»، بالتعاون مع مجموعة أبوظبي للموسيقى والفنون، وأدارها أستاذ النقد الأدبي الدكتور نزار قبيلات، وناقش خلالها الموسيقار إيهاب درويش رئيس جمعية الموسيقيين الإماراتيين، والشاعر عبدالرحمن الحميري الفائز بلقب أمير الشعراء 2025، كيف يُمكن للغة العربية أن تُشكل المقطوعات الموسيقية والهوية الإبداعية والإحساس الفني.
وقال نزار قبيلات، في بداية الجلسة، إن اللغة العربية قادرة على أن تُحمل إلى عالم الألحان الموسيقية، ما يمنحها عوالم وآفاقاً واسعةً من الجمال اللامتناهي.
ولفت إيهاب درويش إلى أن الموسيقى تتحاكى مع الطبيعة وتستلهم منها، سواء كانت بحراً أو صحراء أو سماء، فالعلاقة بين الشعر والموسيقى تقوم على أن كليهما يستلهم أدواته من الطبيعة، بما فيها من نبض وإيقاع نراه واضحاً في المقامات العربية التي تشكل أساساً للغة العربية.
من جهته أوضح عبدالرحمن الحميري أنها المرة الأولى التي يشارك فيها بندوة حوارية أكثر منها أمسية شعرية، وهي تجربة ثرية بالنسبة له للالتقاء بجمهور واسع في فعالية مهمة بحجم مهرجان أيام العربية.


