برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تتواصل فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي الذي تنظمه دائرة الثقافة، وتجري فعالياته في منطقة الكهيف.
وفي حضور أحمد بورحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة مدير المهرجان، استهلت أنشطة اليوم الثالث من المهرجان بالمسامرة الفكرية التي جاءت تحت عنوان: «المسرح الصحراوي وجماليات السير الشعبية العربية». أدار جلسات هذا اليوم الفنان عبدالله راشد (من الإمارات).
وجاءت المداخلة الأولى تحت عنوان: «جماليات القيمة في شكل ومضمون المسرح الصحراوي»، قدمها الناقد المصري عبدالرازق حسين، الذي أعرب عن إعجابه بتجربة المهرجان، معتبراً أنه منصة جديدة وفاعلة لاستعادة ومقاربة التراث العربي.
وفي حديثه عن مضامين المسرح الصحراوي، أشار عبدالرازق حسين إلى أن الحكايات والسير والملاحم الشعبية العربية تعد من أهم مصادر القيمة في بناء الحبكة والأفكار والشخصيات للعروض المسرحية، وأكد أن هذه السير، بما تقدمه من صور للبطولة والفروسية وإغاثة الملهوف، تعبر عن الأخلاق والقيم الاجتماعية العربية، وتمثل تعبيراً فنياً ملهماً عن الهوية العربية والشعور الجمعي.
وفي حديثه عن أشكال عروض المسرح الصحراوي، أوضح عبدالرازق حسين أن تقديم العروض في الفضاء الصحراوي المفتوح يمثل تجاوزاً لنمطية «العلبة الإيطالية» للمسارح المغلقة، ويحول عناصر الطبيعة (مثل الكثبان والرمال والتلال) إلى جزء عضوي من مشهد العرض.
ونوه بأن المخرج المبدع يستطيع التغلب على المشاكل الفنية للفضاء المفتوح (كالصوت والإضاءة) وتحويلها إلى قيمة جمالية مضافة باستخدام التقنيات الحديثة لخلق فرجة مسرحية مبهرة وفريدة تتخطى حدود وإمكانات المسارح التقليدية.
وفي مداخلته المعنونة «موقع السيرة الشعبية في الفرجة الصحراوية»، اتخذ الباحث التونسي يوسف مارس، «السيرة الهلالية» نموذجاً لإبراز الإمكانات المسرحية المتوفرة في السير الشعبية العربية، وأشار إلى أن أحداث السيرة الهلالية تتجسد في المسرح الصحراوي عبر مجموعة من المؤدين الذين يدمجون بين الحكي والتشخيص.
وأكد الباحث التونسي أن شكل العرض يأتي في هيئة «حلقة»، وهو ما يتيح للممثلين إشراك المتفرجين على نحو يسهم في تعزيز تفاعلهم وفي خلق فرجة إبداعية متكاملة في مضمونها وشكلها.
وأكدت الباحثة العمانية الدكتورة وفاء الشامسي، في مداخلتها «المسرح الصحراوي وجماليات الحكاية الشعبية»، أن مشاهداتها لعروض المهرجان في دوراته السابقة أثبتت أن السير الشعبية، من خلال حبكاتها وشخصياتها ومشهدياتها، قابلة للتحول إلى عروض حية تتناغم مع الفضاء الصحراوي في انفتاحه واتساعه.
وأضافت الشامسي أن السمات الملحمية لهذه السير – بطابعها البطولي، ولغتها المركبة، وطابعها الجماعي – تعد من أهم الممكنات التي يمكن توظيفها في تطوير تقنيات الأداء والإخراج المسرحي في البيئات الطبيعية المفتوحة. وخلصت إلى أن المسرح الصحراوي هو مشروع ثقافي يعيد الاعتبار لجماليات المكان والإنسان والذاكرة.

