قدمت مكتبة محمد بن راشد أمسية ثقافية استثنائية بعنوان «المتنبي بين عبقرية الكلمة وإبداع الريشة»، بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية، وبمشاركة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، مؤلف كتاب «عيون العجائب فيما أورده أبو الطيب من اختراعات وغرائب»، والفنان التشكيلي العراقي الدكتور محمود شبّر، حيث تضمنت الأمسية جلسة حوارية أدارها الدكتور سليمان الهتلان.
حضر الجلسة الحوارية معالي محمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، وأعضاء مجلس الإدارة والموظفون، إضافة إلى جمهور واسع من الأدباء والفنانين والمثقفين والمهتمين بالفنون الأدبية والبصرية.
وتناولت الجلسة الحوارية، محاور عدة، أبرزها مفهوم «الاختراع الشعري» عند العرب واختيار المتنبي نموذجاً له، إضافة إلى موقعه في النقدين القديم والحديث، والبعد الجمالي والبصري الذي أضافته اللوحات التشكيلية للنصوص الشعرية، ودور الفن التشكيلي في إغناء تجربة القراءة.
وفي مداخلة تعليقاً على الجمع بين الكتاب والفن التشكيلي، قال معالي محمد أحمد المر: «أنا من محبي المتنبي، وقد جمعت خلال السنوات الماضية مكتبة كبيرة تضم عشرات الكتب والدراسات والشروح حوله، وأهديت هذه المجموعة إلى المكتبة لتكون نواة لمركز بحثي يختص بالمتنبي، على غرار ما تقوم به بعض المراكز العالمية التي تحتفي بأعلام الأدب».
وأضاف: «المتنبي شاعر متفرّد، تميّز بين معاصريه مثل أبي تمام والبحتري، وظل تأثيره ممتداً حتى يومنا هذا، كما ظل شكسبير قمة في الأدب الإنجليزي لم يتجاوزها أحد. ومن اللافت أن الدراسات العربية عنه قليلة مقارنة بغزارة إنتاجه وأثره الكبير».
وأشار معاليه إلى أهمية إصدار كتب تمزج بين النص الشعري والخط العربي والرسوم التشكيلية، وأهمية أن يصبح هذا التقليد الثقافي جزءاً من اهتمامنا بالشعر العربي كما هو الحال في الأدب الفارسي. وأردف: «إن ديوان المتنبي يستحق أن يُقرأ ويُستمع إليه مراراً، فالتجربة السمعية للنصوص الشعرية تكشف أبعاداً جديدة من جمالياتها».
وصاحب الفعالية افتتاح معرض فني مميز يضم 21 لوحة للكتاب من إبداع الدكتور محمود شبر، حيث تبرز الأعمال النصوص نفسها من خلال المزج بين الحرف والفكرة البصرية.
وقال الدكتور علي بن تميم: «إن الفكرة الأساسية التي دفعته لكتابة «عيون العجائب» كانت الرغبة في تناول جانب لم يُبحث فيه بعمق في دراسات المتنبي»، مشيراً إلى أنه اختار «أربعين بيتاً» محوراً للبحث، لأن معظم قصائد المتنبي تراوح بين الأربعين والخمسين بيتاً.
وأشار إلى أن مفهوم «الاختراع» عند المتنبي فعل لغوي وابتكاري أضاف للشعر العربي عناصر جديدة، مستشهداً بأمثلة من الديوان حين جمع المتنبي بين الخيل والكتاب في صورة واحدة، كما في البيت «أعزُّ مكانٍ في الدنى سرجُ سابحٍ وخيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ».
وأضاف أن هذه التركيبات تُظهر قدرة المتنبي على المزج بين الثابت والحركة، وبين السكون والداخل الحي للنص، وهو ما اعتبره «اختراعاً لغوياً» يؤسس لشعرية جديدة.
من جانبه، قال الدكتور محمود شبّر إن الفكرة كانت دمج اللغة الشعرية مع مفردات الخطاب البصري العربي الإسلامي التي اعتبر أنها في كثير من المدارس الحديثة مستوردة من الغرب.
