تشكيلة واسعة من الجداريات الملهمة والأعمال الفنية والمنحوتات المبتكرة، تزين ساحات وجدران حي الشندغة التاريخي الذي يستضيف النسخة الـ 13 من مهرجان سكة للفنون والتصميم، التي تقام تحت رعاية سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، حيث يشهد المهرجان - المبادرة التي تندرج ضمن استراتيجية «جودة الحياة في دبي» - والذي يستمر حتى 9 فبراير المقبل، عرض أكثر من 350 عملاً فنياً وتركيباً، تمثل إبداعات نخبة من الفنانين والمبدعين الرواد والناشئة من المواطنين والمقيمين على أرض الدولة ودول الخليج، الذين يمتازون بتفرد توجهاتهم الفنية، ما يجسد رؤية «دبي الثقافية» الهادفة إلى ترسيخ مكانة الإمارة مركزاً عالمياً للثقافة، حاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.
روح التراث
وفي نسخة هذا العام، يقدم «سكة» 13 جدارية امتازت بتنوع أفكارها وأساليبها، وعلى رأسها جدارية «تراث الليل» للفنانة إيمان الراشدي، التي تحتفي من خلالها بالهوية الثقافية والمرأة الإماراتية التي تمثل روح التراث المحلي، وتعكس جدارية «لعبة الطفولة» للفنانة بيريهان العشماوي جوهر الإبداع والتعبير في مرحلة الطفولة، فيما اعتمد كريم جباري في جداريته «روابط متجذرة» على أشعار الشاعر الراحل نزار قباني ليعبر من خلالها عن أهمية التواصل وتعقيدات المشاعر الإنسانية.
في حين شكلت جدارية «أحلم بكبر» للفنان نوي بيرو احتفاءً بإمارة دبي وتطورها الاجتماعي والاقتصادي، وقدرتها على حفظ تراثها الثقافي الغني، بينما استلهم بريدراغ رادوفانوفيتش جداريته «سفرة» من عناصر البساط الصربي الذي يمثل مكاناً والاتحاد، أما جدارية «التعقيد» فتعبر عن اللغة البصرية الخاصة التي يتميز بها الفنان رافاييل جيرلاخ، وتحمل جدارية «لحظات خالدة» بصمات الفنانة ضحى الحلامي والفنان سقاف السقاف.
وتبرز جدارية «النباتات البرية في الإمارات» إبداعات المصممة شيخة حمودة المرزوقي من جامعة زايد، فيما يعبر الفنان الغرافيتي سباز من خلال جدارية «الطبيعة الحية» عن نظرته للطبيعة، في حين تعكس جدارية «روح الأرض» للفنانة دينا السعدي ما تتميز به الدولة من تنوع بيئي وتراثي.
وتمثل جدارية «بذور الغد، انطباعات ثقافية» للفنانة مريم عيد المنصوري تكريماً للأجيال السابقة، كما تعرض مريم العبيدلي في «جدارية متحركة افتراضية» رسومات تتجاوز حدود الواقع.
ويعرض المهرجان أكثر من 40 منحوتة وعملاً فنياً تركيبياً مبتكراً، ومن أبرزها منحوتة «قواقع» للفنان الدكتور محمد يوسف، رئيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، الذي استلهم عمله من تقنية النحت بالحجر والتجويف، ليجسد من خلاله قصة قوقعتين، تحملان الكثير من الأسرار، ومن خلال موقعهما على البحر ترويان قصة دبي وجوهرها وجمالياتها.
فيما تعرض الفنانة عزة القبيسي منحوتتها الفنية «قلب دبي» (سلسلة بين الخطوط)، ويعبر الفنان السوري أكثم عبد الحميد عبر منحوتاته «التراكم الثقافي»، عن تراكم الخبرات والتجارب الإنسانية عبر السنين.
«سماء مرصعة بالنجوم في دبي»
وتمثل منحوتة «سماء مرصعة بالنجوم في دبي» للفنان الصيني ليو يانغ أسلوباً جديداً في النحت، وتتميز باستخدام أشكال دائرية متناغمة وتحولات ديناميكية في الضوء لالتقاط روعة السماء المرصعة بالنجوم..إلى جانب العديد من الأعمال الأخرى الفريدة.
وتبرز الأعمال الفنية التركيبية التي يحتضنها المهرجان العديد من الرؤى الفنية المبتكرة، ومن بينها العمل المشترك «صخام» للفنانة روضة المزروعي والفنان ساهل راثا، حيث يدمجان فيه بين الممارسات التقليدية والتعبير الفني الحديث، أما عمل «عقدة في الزمن» لـ «استوديو دي 4» فيكرم الاستخدام الدائم للخيوط والحبال التي لعبت دوراً مهماً في الحرف اليدوية التقليدية المحلية مثل صناعة الشباك والحبال وغيرها.
ويجمع المبدع سبايشل فورسس في عمله «عقدة بلا قياس» بين التراث البحري والنسيجي لدبي.
وخلال المهرجان تقدم وكالة «ليكسيكون لور» عملها «سرديات لا نهائية» المستلهم من تطور منطقة الشندغة، ويجمع بين جمال الماضي ورؤية المستقبل، في حين تستكشف رنيم الحلقي عبر عملها التركيبي «ومضان الذاكرة الأبدية – أجراس المدينة» قوة الكلمات والأصوات التي تنتقل من مكان إلى آخر بواسطة الرياح، بينما شكل الدعم والإحساس بالأمان محور منحوتات «هنا من أجلك» من إبداع دون.
ويعرض الفنان راشد الملا في المهرجان عمله «مرن» المستوحى من برج راشد بواجهته المميزة التي تستمد جذورها من الزخارف المعمارية الإسلامية والعربية.
ويحتفي جاسم النقبي وحمد المطوع عبر عملهما «لمّة الكجوجة» بحرفة التلي.كما تجسد منحوتات «شواهد الغيث» للفنانة سلمى المنصوري العناصر التقليدية التي اندثرت بفعل التحضر، بينما تجمع الفنانة مهرة الفلاحي عبر عملها «زهور بلادي» بين نوعين من الزهور التي تنمو في أبوظبي ودبي والفجيرة، وتسرد مريم الزعابي عبر عملها «كواشي» حكاية المرأة الإماراتية، التي تحمل إرثها الثقافي الغني بفخر.
في المقابل، استلهمت المصممات أمنة بن بشر ودنى العجلان ودانية العجلان من «ون ثيرد استوديو» عملهن «لحظة تكوين» من سورة الرحمن، أما ريم المزروعي فتعرض مجموعتها «رحلة تنكشف» المستوحاة من علاقة الفتاة مع الأرض والماء والهواء.
وتسعى ساره الأحبابي من خلال «عابر الضوء» إلى استكشاف أحياء المدينة الحضرية والتأمل في ثنائية الظهور والاختفاء، بينما أبدعت رقية الهاشمي في عملها «حيث تتذكر الجذور» في التعبير عن نظرتها للطبيعة والأشجار، واستلهم تصميم «أشكال عابرة» للدكتور عارف مقصود والمهندسة سارة عصام علاونة من جامعة الشارقة، من التراث الثقافي والطبيعي للدولة، وتحاول زينب الهاشمي في عملها «من درايشهم» استكشاف السرديات الخاصة والعامة، كما نجحت المبدعة ميثا العميرة وزميلتها آمنة الزعابي في تحويل مواد طبيعية عثر عليها في موقع حي الشندغة التاريخي، إلى تحف بيئية في «الطبيعة ومفارقاتها».