حطت رحلة الهجن بنسختها الثانية عشرة، رحالها، أول من أمس، في دبي، بعد أن قطعت مسافة 1050 كم بين الكثبان الرملية لصحراء دولة الإمارات العربية المتحدة لقافلتها، التي ضمت 29 مشاركاً من 18 جنسية، في الرحلة التي استغرقت 21 يوماً على ظهر المطية وسط الكثبان الرملية، والتي بدأت من منطقة السلع، لتعود إلى وجهتها الختامية في القرية التراثية بالقرية العالمية.
وانطلقت الرحلة من منطقة السلع في العاصمة أبوظبي، وقطع المشاركون محطات عدة أبرزها: السلع، وند الشبا، وقرن وكر العقاب، ورقعة روضة، ورملة ساحب عظيبة، والهرِة، ورملة بن مريود، والعبدلية، وجنوبي يو بلق، وجنوبي بطين ليوا، وغربي محمية المها العربي، وسبخة الدعيسية، ومحمية المها العربي، وسيح الحايرة، وجنوبي الخزنة بدع عامر، ونقا حمدان، والعجبان رملة مدران، وسيح السلم، وصولاً إلى القرية التراثية في القرية العالمية بدبي.
وأكد عبد الله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، أن جوهر رحلة الهجن يتجلى في ما تحمله من معانٍ راسخة قائمة على الالتزام، وروح التعاون والصبر، وهي قيم برزت بوضوح خلال اجتياز القافلة للعديد من التحديات، التي فرضتها وعورة بعض المسارات الصحراوية، إلى جانب الظروف الجوية والمناخية، التي رافقت الرحلة، ما استدعى في مراحل عدة زيادة ساعات الترحال اليومية للحفاظ على خط سير الرحلة، وفق المخطط المعتمد.
وقال بن دلموك: «تعد هذه الرحلة مصدر فخر كبير لنا، فهي واحدة من الرسائل الأساسية، التي ننقل من خلالها رؤيتنا في حفظ وصون تراث الوطن منذ تأسيس المركز، وتحمل في تفاصيلها قيماً إماراتية أصيلة، في مقدمتها التعايش والمحبة، وهي قيم نحرص على ترسيخها من خلال تجربة واقعية تعاش على أرض الصحراء».
وأوضح أن الرحلة شكلت كذلك منصة حقيقية لنقل الموروث الإماراتي إلى المشاركين من مختلف الجنسيات، من خلال معايشتهم اليومية لتفاصيل الحياة الصحراوية وقيمها، مؤكداً أن هذه التجربة الميدانية أسهمت في تعريفهم بعادات المجتمع الإماراتي وتقاليده، وعززت لديهم فهماً أعمق لمعاني التعايش والتعاون، بما يجعل رحلة الهجن جسراً ثقافياً وحياً يربط بين الشعوب، ويعكس صورة دولة الإمارات موطناً للتسامح والانفتاح.
ختام يليق بالمسيرة
وحطت القافلة رحالها في القرية التراثية بالقرية العالمية، التي تزينت بالورود، وفاحت بأريج البخور والزعفران، فيما صدحت الفرقة الحربية بالأهازيج الشعبية، وسط حضور جماهيري غفير جاء لاستقبال المشاركين بعد أن قطعوا قرابة 1050 كيلو متراً على ظهور الهجن، وشهدت مراسم الختام تكريم المشاركين ومنحهم شهادات تقدير، في أجواء احتفالية تراثية جسدت روح الرحلة وقيمها. وعاشت القرية التراثية لحظات مؤثرة لا تنسى مع حضور أهالي وعائلات وأصدقاء المشاركين، الذين رافقوا الرحلة معنوياً طوال أيامها، في تجربة إنسانية، اختلطت فيها مشاعر الفخر والإنجاز بعد أيام طويلة بين كثبان الصحراء.
وقال المشارك الهولندي مورغان فان برينك إنه قرر خوض هذه التجربة الفريدة لما تحمله من عمق إنساني، مشيراً إلى أن الرحلة كانت في بدايتها صعبة، لكنها علمته معنى الصبر، وبناء علاقة قائمة على الثقة مع الهجن، مضيفاً أن الوجود في قلب الصحراء كان أشبه باكتشاف عالم جديد مع كل خطوة.
واعتبر المواطن سلطان علي الرزي أن رحلة الهجن منحته سلاماً داخلياً وتجربة لا تقاس بالمسافات.

