«الراوي في يوبيله الفضي».. من المحلية إلى العالمية

أكد الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا المنظمة لفعاليات الدورة الخامسة والعشرين لملتقى الشارقة الدولي للراوي، أن مواكبة الحداثة وملاحقة التطورات ضرورة ملحة لصون التراث ونقله للأجيال، مشيراً إلى أن رحالة وسائل التواصل الاجتماعي باتوا أكثر تأثيراً ومقنعين، ما يجعل المزاوجة بين الأصالة والتقنيات الحديثة أمراً لا مفر منه.

جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية، التي أقيمت تحت عنوان «الراوي في يوبيله الفضي.. من المحلية إلى العالمية»، بمشاركة د.عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي، المنسق العام للملتقى، وأدارتها الإعلامية هند خليفات، وذلك وسط حضور جماهيري واسع، من مثقفين وباحثين وطلاب جامعات وجمهور مهتم بالسرد والحكاية الشعبية.

وأوضح المسلم خلال الجلسة أن ملتقى الشارقة للراوي منذ انطلاقته قبل ربع قرن شكل جسراً للتواصل بين الثقافات، من خلال استقطاب رواة من الخليج والعالم العربي ثم من دول أخرى، ليغدو منصة معرفية رائدة تعنى بالتراث غير المادي. وأشار إلى جهود إمارة الشارقة في دعم الرواية الشعبية وتوثيقها، مؤكداً أن الثقافة بكل عناصرها، ومن ضمنها التراث، تمثل قاعدة أساسية لمكانة الإمارة العالمية في كل المجالات، لا سيما في الحقل الثقافي.

وتطرق الدكتور عبدالعزيز المسلم إلى التحديات التي تواجه الرواة التقليديين أمام زخم منصات التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن بعض الرحالة الرقميين يتمتعون بجاذبية تقنع الجمهور رغم افتقارها للمصداقية أحياناً، في حين يعجز الرواة الأصليون عن استثمار هذه الوسائل الحديثة. وقال: «إن الذاكرة الشعبية مهددة بالنسيان إن لم تتجدد أدواتها. ودعا إلى تفعيل الشراكات وتوظيف التقنيات الحديثة، لتقديم التراث بأسلوب يلائم اهتمامات الأجيال الجديدة».

وبين رئيس معهد الشارقة للتراث أن الملتقى لم يكتفِ بدور المنصة الحوارية بل تحول إلى مشروع بحثي وتوثيقي متكامل، عبر إصدارات علمية وموسوعات توثق الحكايات والرواة، إضافة إلى تنظيم ورش ودورات تدريبية تسعى لإعداد جيل جديد من الحكواتيين، لافتاً إلى أن الملتقى لعب دوراً مهماً في إدخال مفاهيم التراث الشفهي ضمن حوارات اليونيسكو حول صون التراث الثقافي غير المادي، ما عزز مكانته الدولية.

كما تطرق المسلم للدعم الكبير الذي يحظى به الرواة محلياً، إذ جرى تكريم الكثير منهم وتوفير الرعاية الاجتماعية والسكن لهم، تقديراً لإسهاماتهم في حفظ الذاكرة الشعبية.