التراث الشفاهي وأدب الرحلات يضيئان فضاءات «الشارقة للراوي»

تتواصل فعاليات ملتقى الشارقة الدولي للراوي، الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث في دورته الخامسة والعشرين، ليشكل منصة معرفية تجمع الباحثين والعلماء من مختلف الدول في إطار بحثٍ وحوارٍ ثري حول التراث الشفاهي وأدب الرحلات العربية.

وشهدت الفعاليات إقبالاً واسعاً من الجمهور، الذي حرص على متابعة الجلسات والمشاركة في الفعاليات وورش العمل المختلفة، كما ناقش الباحثون، من خلال أوراق علمية وجلسات حوارية موسعة، أبعاد الرحلة في التاريخ والثقافة العربية، مسلطين الضوء على الدور الإنساني والمعرفي للرحّالة في نقل التجارب وتبادل الثقافات.

مدن

في جلسة بعنوان «مدن الإمارات والخليج العربي في كتابات الرحالة والجغرافيين»، أدارها الدكتور سالم الطنيجي، قدمت ثلاث أوراق بحثية تناولت دور الرحالة والجغرافيين في توثيق المدن والموانئ الإماراتية، الورقة الأولى لطلال الرميضي تناولت رحلة رئيس البعثة الكويتية للأمم المتحدة إلى الإمارات وقطر عام 1958، محمد جاسم السداح، مستعرضة الملاحظات الدقيقة عن التعليم والمؤسسات الناشئة في الشارقة ودور التعاون الكويتي في ترسيخ الروابط الثقافية.

الورقة الثانية لوفاء سالم الحشيمي تناولت سيرة ابن جبير الأندلسي ورحلات الحج في القرنين السادس والسابع الهجريين، مركزة على التوثيق العمراني والاجتماعي ومشاهده للحياة الاقتصادية والثقافية، مما جعل كتابه مرجعاً أساسياً للباحثين.

أما الورقة الثالثة فقدمتها فاطمة المزروعي بعنوان «الظفرة بين التاريخ والأدب»، مستعرضة جهود علي الكندي المرر في توثيق تاريخ الظفرة، وطرقها الصحراوية، ومواردها المائية، والشعر الشعبي.

واختتم الدكتور سالم الطنيجي الجلسة بورقته البحثية حول وصف المدن الإماراتية عبر كتابات 4 رحالة من القرن الثالث إلى السابع الهجري.

وشهد الملتقى جلسة علمية بعنوان «التقاليد الشفاهية في الرحلات العربية»، أدارها د. خالد الشحي، سلطت الضوء على أبعاد الرحلة في الثقافة العربية من الأدب والتاريخ الشعبي والأنثروبولوجيا. وأكد د. أحمد بهي الدين أن الرحلة في التراث العربي تمثل نزوعاً إنسانياً ومعرفياً وروحياً، فيما أبرز د. سمير الضامر قدرة الرحالة مثل محمد بن بليهد على توثيق الذاكرة الشعبية والعادات والتقاليد، أما د. نجيمة طاي طاي، فقدمت دراسة عن الحكايات الخرافية المغربية.

وشهدت فعاليات الملتقى جلسة «العجائبي والغرائبي في مدونة الرحلات العربية»، حيث عرضت الباحثة الإيطالية كلوديا ماريا تريسو حضور النساء والأطفال في رحلة ابن بطوطة، فيما قدم د. عبد الحكيم طريفة ممارسات اجتماعية وثقافية مصورة في يوميات الرحالة، وناقش د. يوسف دِينغ لونغ المقارنة بين رحلات ابن بطوطة وشيو شيك، كما قدم د. أحمد علواني دراسة حول تقاطع الحقيقة والمتخيل في النص الرحلي.

إماراتيتان ملهمتان

وتجسدت حكايات استثنائية عن الشجاعة والصمود والاكتشاف في برنامج «لقاء الرحّالة»، وشهدت الجلسة مشاركة رائدتي السفر الإماراتيتين فاطمة اللوغاني وسلمى الحفيتي، اللتين أسرتا الحضور بقصص ملهمة عن تجارب امتدت عبر القارات والثقافات. وقدمت الرحالة والمستكشفة فاطمة اللوغاني سرداً شيقاً عن مغامراتها بالدراجات النارية التي انطلقت من أوروبا وامتدت إلى قارات أخرى، واستذكرت أول رحلة كبرى لها في جبال الألب، حيث كانت المرأة الوحيدة بين 15 دراجاً محترفاً، ورغم سقوطها في اليوم الأول، واصلت التحدي خلال ثمانية أيام قطعت فيها 2500 كيلومتر، مصممة على عدم الاستسلام.

بدورها شاركت الكاتبة والرحالة سلمى الحفيتي تجربتها الفريدة على جزيرة سقطرى، المشهورة بتنوعها البيولوجي النادر وثقافتها العريقة.