«عروض الشارقة» 3.. قصص وإسقاطات تتعشق فنون الأداء

أعلنت مؤسسة الشارقة للفنون، أخيراً، في مؤتمر صحفي عقدته في مبنى الطبق الطائر بمنطقة دسمان، تفاصيل الموسم الثالث من برنامج «عروض الشارقة»، وذلك بحضور الشيخة نوار القاسمي مدير المؤسسة، وطارق أبو الفتوح مدير قسم فنون الأداء وقيّم أول في المؤسسة.

وتقدم برامج هذا الموسم، التي تنطلق 27 أكتوبر الجاري وتستمر حتى 5 يناير، فعاليات متنوعة وثرية من العروض الأدائية، التي تسعى إلى اكتشاف مساحات التلاقي بين الفنانين المعاصرين والجمهور، وإظهار خصوصية مدينة الشارقة وفضائها الحيوي والنابض.

ويركز البرنامج في نسخته الثالثة على حاضر فنون الأداء، عن طريق تقديم أحدث الإبداعات المعاصرة مع مشاركة فعالة من مؤدّين محليين، إضافة للتأمل بحضور تاريخ المسرح العربي في الإبداع المعاصر، وانعكاساته في المدينة سواء في البر أو في البحر، إذ يشمل البرنامج عروضاً لكلٍ من: سليمان البسام، ماليتشو فاكا فالينزويلا، جوانا حاجي توما وخليل جريج، نصيرة بلعزة، نيكولا فتوح، وأحمد العطار.

وستكون انطلاقة الموسم يوم 27 أكتوبر على خشبة مسرح أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، مع عرض «صمت» للمخرج المسرحي سليمان البسام، الذي يتخذ من حادث انفجار مرفأ بيروت عام 2020 نقطة انطلاق العمل، بهدف البحث عن الهوة الأعمق والأكثر كارثية من الحدث ذاته في واقع عالمنا.

ويسعى البسام بالاشتراك مع حلا عمران وفريق ثنائي التنين الموسيقي، إلى تجسيد فلسفة الصمت عبر نصٍ ينساب بسلاسة ما بين الموسيقى والغناء والتجريب الصوتي والبصري، دافعاً بسيلٍ من الخواطر التي من الممكن أن تدور في ذهن كل منا في لحظة الصمت، التي تستمر لثوانٍ معدودة بعد الانفجار، كأنه قصيدة شعرية عن الألم والفن والمسرح، وتفاعل الفنان مع الوضع السياسي، والصمت كفعل مقاومة في مقابل اليأس أو الإنكار.

وتحت عنوان «معالم الذاكرة»، يأتي عرض الفنان ماليتشو فاكا فالينزويلا، الذي يقام في مدرسة القاسمية يومي 2 و3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وهو عرض يحمل للمتلقي تجربةً شعوريةً غامرةً تمزج الوثائقي بالخيالي، وتنتج عملاً مسرحياً شاعرياً بلغة يانعة ومتفردة، تعبر حيز الزمان والمكان كي تتواصل مع جوهر الإنسانية، وتحوّل ما كان مصدره شاشات صماء إلى تجربة مفعمة بالحياة، إذ يعمد الفنان مدفوعاً بفضوله الشخصي تجاه الحي الذي يقطنه في العاصمة التشيلية، سانتياغو، في خضم عزلة العالم وعزلته الشخصية أثناء جائحة كورونا عام 2020، لأن يستخدم أدوات من العالم الافتراضي لاستكشاف تحولات الذاكرة، وينسج منها خريطة شاعرية بحميمية مدهشة، فتتحول رحلته إلى غوصٍ حرٍّ في عوالم الذاكرة الجمعية للمدينة المليئة بلحظات من الحب والثورة والأمل، وكذلك الخوف والألم والتيه.

وإلى قصة ممتدة أبطالها الحجر والبشر، يأخذنا الفنانان والمخرجان السينمائيان جوانا حاجي توما وخليل جريج في عرضهما «تميد الأرض بتاريخ أورتوزيا»، الذي يقام يوم 9 نوفمبر 2024 في بيت حبيب غلوم في ساحة المريجة، ويوم 10 نوفمبر 2024 في مركز جميل للفنون في دبي.

وتعمل توما وجريج في عرضهما هذا مع ممثلين محترفين من مدينة الشارقة لتقديم نسخة جديدة من عملهما الأخير الذي تدور أحداثه في شمالي لبنان بعد عدوان 2006. ويتنقل العرض مثل كبسولة زمنية من عام 1948، عندما تم إنشاء مخيم نهر البارد على عجل لإغاثة العائلات الفلسطينية الهاربة من النكبة، إلى عام 2007 حيث نشبت حرب بين الجيش اللبناني ومجموعة متشددة في المخيم نفسه، ليكشف دمار المخيم أن تحت أرضه محطة جديدة من قصة العرض، تأخذنا إلى مدينة أورتوزيا الرومانية القديمة، والتي اختفت بعد أن اجتاحها الفيضان في عام 551 م.

ولكن ما الذي يعنيه الكشف الأثري الجديد تحت أرض المخيم؟ هل سيسفر عن «نزوح ثانٍ» لساكنيه؟ وماذا يخبرنا انهيار حضارة في الماضي عن حاضرنا ومستقبلنا؟

وتستعين مصممة الرقصات العالمية نصيرة بلعزة بثلاثة راقصين من طلبة أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، لمشاركة سبعة من الراقصين المحترفين في فرقتها، لتقديم عرضها الأخير «الغيمة»، الذي يقام يوم 8 ديسمبر على مسرح الأكاديمية.

وصممت بلعزة العرض ليتم تقديمه في فضاء يتشح بالظلمة، كأنها ترسم لوحة فنية على خلفية سوداء، وتستكشف فيه التمازج بين العنصرين الأبرز في أعمالها الفنية: الدائرة والإيقاع.

بين الدائرة رمزاً للدقة والديمومة، والإيقاع الذي يتأرجح بين التناغم تارة والتنافر تارة أخرى، مستلهمة حركات من رقصات السكان الأصليين المنحدرين من قبائل داكوتا في أمريكا الشمالية، حيث تجمعهم ممارساتهم الطقسية للرقص في نسق دائري، يحمل الفرد على الدوران حول محوره، ومن ثم تتحول الجماعة إلى فلك يضم أجراماً صغيرة تتناغم في ما بينها.

أما المخرج نيكولا فتوح فيقدم تجربته المسرحية الأولى تحت عنوان «كيف نعيش مع قطعة أثاث؟»، وذلك يومي 14 و15 ديسمبر/ كانون الأول 2024 في دار الندوة بساحة الخط، وهي عمل مونودرامي يمثل فيه فتوح منفرداً، ومتنقلاً بين العديد من الشخصيات، في أداء شبيه بتقاليد المسرحيات الكوميدية اللبنانية الكلاسيكية، مع مهارات خاصة في فن أفلام التحريك، وهو مجال دراسته في بيروت.

ويقدم الموسم تجربة مباسم «بين البر والبحر»، حيث يتم إنشاء منصة عائمة في خور الشارقة قبالة بيت عبيد الشامسي التراثي، على امتداد أيام 20، 21 و22 ديسمبر 2024. وتأتي هذه التجربة بالتعاون مع هيئة الشارقة للموانئ والجمارك والمناطق الحرة.

ويختتم الموسم عروضه مع مسرحية «الكاتب في شهر العسل» من إخراج أحمد العطار، وأداء الممثل سيد رجب، على خشبة معهد الشارقة للفنون المسرحية، يومي 4 و5 يناير/ كانون الثاني 2025.