رحيل صنع الله إبراهيم ضمير السرد ومرآة المجتمع

ودع المشهد الثقافي العربي الأديب والروائي المصري الكبير صنع الله إبراهيم، الذي غيبه الموت أمس في أحد مستشفيات القاهرة إثر إصابته بالتهاب رئوي، عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد مسيرة حافلة بالإبداع جعلت منه أحد أبرز أعمدة السرد العربي المعاصر، وصوتاً أدبياً ظل وفياً لقضايا الوطن والإنسان.

وُلد الراحل عام 1937، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، لكن مساره تبدل مبكراً بعد سجنه 5 سنوات، وهي تجربة صقلت وعيه الأدبي والسياسي، وأطلقت شرارة الإبداع لديه.

التقى كبار الأدباء والمفكرين، وبدأ ممارسة الكتابة بعمق وتأمل، ليصدر بعد الإفراج عنه روايته الأولى «تلك الرائحة» عام 1966، التي شكلت صدمة أدبية وقت صدورها، ورسخت اسمه في الوسط الثقافي، تلتها أعمال مهمة مثل «بيروت بيروت»، «العمامة والقبعة»، و«التلصص»، والتي تميزت بمزج الوثائق بالخيال وبقراءتها النقدية للتاريخ والسياسة.

جوائز وتكريمات

حصل صنع الله إبراهيم على جوائز دولية بارزة، منها جائزة «ابن رشد للفكر الحر»، وجائزة «كفافيس الدولية»، لكنه بقي وفياً لمواقفه المبدئية، معتبراً أن دور الأديب فضح الزيف والانتصار للحقيقة.

وأكد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، أن رحيله يمثل خسارة كبيرة للساحة الأدبية العربية، إذ ترك إرثاً خالداً أثر في أجيال متعددة.

ونعى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلماني، الراحل، مؤكداً أنه كان جديراً بالترشح لجائزة نوبل، واصفاً إياه برمز من رموز القوة الناعمة.

وعبّر الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، علاء عبدالهادي، عن حزنه لفقدان السرد العربي ركناً من أركانه.

ونعاه نقيب الصحافيين، خالد البلشي، بوصفه مثقفاً حراً وضميراً إنسانياً نادراً، برحيله يخسر الأدب العربي أديباً حمل هموم الناس في كتاباته، وترك وراءه أعمالاً ستظل شاهدة على زمنها، وعلى كاتب آمن بأن الكلمة فعل مقاومة وبوصلة للتغيير.

كما ودعته الفنانة حنان مطاوع عبر حسابها الرسمي على «فيس بوك» بكلمات مقتبسة من الأديب الراحل: «لا أكتب كي أريح القارئ، بل كي أزعجه وأدفعه للتفكير.. التاريخ لا يُكتب في الصحف، بل في وجوه الناس.. الكتابة ليست مهنة، بل موقف من العالم». وختمت بالقول: «وداعاً صنع الله إبراهيم».