الكتاب الورقي والإلكتروني.. منافسة معرفية وعلاقة تكاملية

مع تطور التكنولوجيا، دخل عالم القراءة في تحول جذري، فبعد أن كان الكتاب الورقي هو الوسيلة الوحيدة للحصول على المعرفة، باتت الكتب الإلكترونية بديلاً أكثر جاذبية لدى البعض.. هذا التطور أثار جدلاً واسعاً حول مستقبل الكتاب الورقي، فبين من يرى أنه لا يمكن الاستغناء عنه، وما زال يحتفظ بسحره، رغم مكانة الكتاب الإلكتروني التي لا تضاهى، ومنهم الكاتب والشاعر إبراهيم عادل، وبين من يفضل الكتاب الإلكتروني، لسهولة الوصول إليه وتخزينه، ومنهم الروائي صبحي شحاتة.

يؤكد الشاعر إبراهيم عادل أن الكتاب الورقي ما زال له سحر خاص، ومتعة مختلفة أثناء القراءة منه، وأنه لا يزال فارضاً وجوده، ويضيف: «يبقى للكتاب الورقي سحره ومريدوه على مستوى العالم، وها هي معارض الكتاب تمتلئ بالزوار في كل أنحاء الوطن، رغم انتشار الهواتف والكتب الإلكترونية، وما زلنا نشتري الكتب الورقية، ونحرص على اقتناء ما نحب منها، ربما بنسبة أقل، لكنها مستمرة. ولا أظن أن ذلك سيتوقف، بل سيسهم الكتاب الإلكتروني في انتشار الورقي على مستويات مختلفة».

منصات القراءةويردف: «بدأ الكتاب الإلكتروني غريباً، وما زلت أذكر استغراب أصدقائي حول قراءتي للكتب إلكترونياً، لقد تعودت عليه، وأحببته لأسباب عديدة، أولها مجانية الكتب، وهي التي كانت سبباً مباشراً في مشكلات عديدة مع دور النشر، لكن الجميل ما حدث في السنوات الأخيرة، وهو وجود عدد من منصات القراءة الإلكترونية، التي حققت المعادلة المستحيلة، ووفقت بين الناشرين والقراء، وساهمت في نشر الكتب على أوسع نطاق، وباشتراك سنوي مناسب جداً، لا سيما في وقت ارتفاع سعر الكتب الورقية حالياً».

ويضيف إبراهيم عادل صاحب المجموعة القصصية «التحديق في العيون»: «ليس من شك في أن وجود الكتاب إلكترونياً تحوّل إلى ظاهرة كبرى، ليس فقط لانتشار الكتب ووجودها في أماكن لم يكن من السهل الوصول إليها، إنما في إثراء عملية القراءة بشكل عام، من خلال النشاط المتزايد، والسباقات بين دور النشر والقراء، وزيادة مساحة الوعي والمعرفة بعناوين ومؤلفات جديدة، متاحة بمجرد نقرة أصبع».

وفي رأيه، فإن هناك علاقة تكاملية بين الكتاب الإلكتروني والورقي، بحيث يسهم نشر الكتاب إلكترونياً أولاً، على توفير دعاية مسبقة للكتاب بين جمهور محبي القراءة الورقية، ويصبحون في انتظار توفره بالمكتبات.

في المقابل، يرى الروائي صبحي شحاتة، أن الكتب الورقية تشهد تراجعاً ملحوظاً في مجال التوزيع والاستخدام، غير أنها لن تختفي تماماً، ويضيف: «هناك فئة من الناس تفضل اقتناء الأشياء القديمة، وتجد متعة في امتلاك الكتب الورقية، ومع ذلك، لن يكون بإمكان هذه الكتب منافسة الكتب الإلكترونية، من حيث سهولة الاستخدام والمرونة؛ فالكتاب الإلكتروني يتيح للمستخدمين حمل مكتبة كاملة على جهاز صغير مثل الهاتف المحمول، الأمر الذي يوفر مساحة كبيرة، ويحمي الكتب من التلف. وبالتالي، فإن الكتب الورقية في طريقها لأن تصبح قطعة متحفية، تعكس عادات وأزمنة سابقة».

وحسب رأي شحاتة فإن إقبال الجمهور على زيارة معارض الكتب، لا يمثل إقبالاً على قراءة الكتاب الورقي، ويعتبر هذا الإقبال من مظاهر الاحتفاء بالمعارض، وليس بالضرورة لقراءة الكتب، متابعاً: «ثقافتنا تعتمد بشكل كبير على الرغبة في امتلاك الكتاب، وهذا ما يظهر جلياً في الإقبال الكبير على زيارة معارض الكتب، وشراء الكتب بكميات كبيرة.

ومع ذلك، فإن الكثيرين يكتفون بامتلاك هذه الكتب دون قراءتها، حيث يحفظونها في مكتباتهم، كنوع من التجميع. كما أن الذهاب إلى معارض الكتب لا يعد دليلاً كافياً على تفضيل القراءة الورقية، إذ يمكن أن يكون الدافع وراء ذلك، هو التسلية والتنزه، أو الرغبة في المشاركة في الحدث الثقافي».

ويؤكد على انتشار الكتاب الإلكتروني بشكل واسع خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل توفير العديد من المواقع والتطبيقات التي تقدم الكتب الإلكترونية مجاناً، أو مقابل رسوم رمزية، مضيفاً: «هذا الانتشار الكبير للكتاب الإلكتروني، يعكس وجود طلب متزايد عليه، ما يدل على أن القراء يبحثون عن خيارات متنوعة، تلبي احتياجاتهم».

ويلفت الروائي إلى أن الكتاب الإلكتروني هو المستقبل، قائلاً: «لذلك، يجب على الإنسان أن يتكيف مع التغيرات التكنولوجية، وأن يعتاد على القراءة الإلكترونية، وأن يجعل الكتاب الإلكتروني جزءاً من حياته اليومية».

ويتابع صاحب رواية «الضعف»: «أؤمن بمواكبة العصر والتطور، فالوصول إلى الكتاب الإلكتروني بات أسرع وأسهل، وفي كثير من الأحيان يكون مجانياً. على النقيض من ذلك، يتطلب الحصول على الكتاب الورقي الكثير من البحث والجهد، بالإضافة إلى التكلفة العالية. كما أن هذه الكتب معرضة للتلف أو الضياع».