سرطان الثدي.. الفحوص المبكرة مكافحة استباقية للمرض

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

يشكل سرطان الثدي تحدياً صحياً عالمياً، إذ يتم تشخيص نحو 1.38 مليون حالة جديدة سنوياً، فيما تصل الوفيات إلى نحو 458000 حالة وفاة على مستوى العالم، ويصيب واحدة من كل ثماني سيدات، أما على المستوى المحلي فتبين أنه على مدار 12 عاماً الماضية يحتل سرطان الثدي رقم واحد بسجل السرطان الإماراتي.

من جانبها، قالت الدكتورة سعاد هاشم استشاري طب الأسرة ورئيس وحدة الوقاية السريرية وتعزيز الصحة: إن هيئة الصحة بدبي تعتزم إطلاق العديد من الفعاليات والبرامج التثقيفية لحث النساء على إجراء الفحص المبكر لسرطان الثدي في جميع مراكز ومستشفيات الهيئة، كما سيتم تنظيم عدد من الزيارات لبعض الدوائر الحكومية لإجراء الفحص بواسطة جهاز ماموغرام.

وأوضحت الدكتورة سعاد أن أسباب المرض ما زالت غير معروفة ولا يوجد إلمام كافٍ بأسباب الإصابة بسرطان الثدي، ولكن هناك عوامل خطرة ومنها أن ثلث وفيات السرطان العامة تحدث تقريباً بسبب عوامل الخطر السلوكية والغذائية، مثل ارتفاع كتلة الجسم وعدم تناول الفواكه والخضار بشكل كافٍ وقلّة النشاط البدني وتعاطي التبغ أو الكحول، حيث يمثّل تعاطي التبغ أهم عوامل الخطر المرتبطة بالسرطان، وتاريخ عائلي للمرض في سيدات العائلة.

فئات عمرية

وحول أكثر الفئات العمرية الأكثر عرضة للإصابة، أفادت الدكتور سعاد بأن سرطان الثدي هو إلى حد بعيد من أكثر أنواع الأورام شيوعاً بين النساء في العالم بسبب تكاثر عدد من خلايا الثدي، بشكل غير طبيعي، وهذه الخلايا تنقسم بسرعة أكبر من الخلايا السليمة ويمكن أن تبدأ بالانتشار في جميع أنحاء نسيج الثدي، إلى داخل الغدد الليمفاوية وفي الحالات المتأخرة إلى أعضاء أخرى في الجسم، ومن أسباب حدوث ذلك وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، والتقدم في العمر فكلما تقدم العمر، زاد خطر الإصابة بسرطان الثدي، ووجود طفرة في جينات سرطان الثدي الموروثة BRCA1 أو BRCA2، وإصابة شخصية بسرطان الثدي أو سرطان المبيض.

كما أشارت إلى أن عوامل الخطورة تشمل أيضاً وجود كثافة عالية في الثدي حسب تصوير ماموغرام والتعرض لكميات كبيرة من الإشعاع، مثل تكرار تصوير العمود الفقري بالأشعة السينية لاعوجاج العمود الفقري الخلقي أو علاج داء هودجكن في سن مبكرة، وانقطاع الطمث بعد سن 55 سنة، والبلوغ المبكر – بداية الطمث في عمر 12 سنة، وعدم الإنجاب، وإنجاب الطفل الأول بعد عمر 35 سنة، وزيادة الوزن بعد انقطاع الطمث أو اكتساب الوزن الزائد لدى البالغين، واستخدام حبوب منع الحمل حالياً أو مؤخراً وخصوصاً التي تحتوي على هرمونات الاستروجين والبروجسترون، وتناول الكحول أكثر من مرة يومياً.

أعراض المرض

كما أشارت الدكتورة سعاد إلى أن هناك علامات كثيرة يمكن ملاحظتها من قبل المرأة، ومنها ظهور كتلة أو تكثـّف في نسيج الثدي - هذه الكتلة غير مؤلمة غالباً، وإفراز مادة شفافة خضراء صفراء أو مشابهة للدم من الحلمة، وتراجع الحلمة، وتغيّر حجم أو ملامح الثدي، وورم في منطقة الإبط، وظهور احمرار أو ما يشبه الجلد المجعّد على سطح الثدي، مثل قشرة البرتقال.

وعن أهمية الكشف المبكر، أكدت أن الكشف المبكر عن المرض مهم جداً حيث إن 96 إلى 98% من الحالات التي يتم اكتشاف المرض في مراحله الأولى، يتم علاجها وشفاؤها تماماً، وشددت على أهمية البدء بإجراء الفحص من عمر 40 عاماً للفحص المبكر ويمكن البدء قبل ذلك إذا كان هناك شك في ظهور المرض.

وحول أنواع الفحوص التي توفرها الهيئة، للكشف المبكر عن سرطان الثدي قالت: في الرعاية الصحية الأولية هناك (الفحص المبكر) وفحص الثدي في العيادة، وتصوير الثدي الشّعاعي (ماموغرام)، وفحص بالموجات فوق الصوتية، وفي الرعاية الثانوية - المستشفيات (يتم تحويل المريضة للفحوص التشخيصية) «الخزْعَة» أي أخذ عينة من الأنسجة، وفحص مستقبلات الأستروجين والبروجسترون، والفحوص الوراثية أو الجينيّة.

علاج جراحي

وعن حالات اللجوء إلى العمل الجراحي، كشفت أن استئصال الثدي كلّه أصبح إجراء نادراً اليوم، وبدلاً من ذلك، معظم النساء مرشحات ممتازات لاستئصال جزئي (الجزء المصاب من الثدي) أو لاستئصال الورم فقط، والعلاج الطبي مثل علاجات بالأشعّة/‏ معالجات إشعاعية والمعالجة الكيميائية، والعلاج بالهورمونات، والعلاج البيولوجي مع اكتساب العلماء والباحثين المزيد من المعرفة بشأن الفوارق بين الخلايا السليمة والخلايا السرطانية، ويتم تطوير علاجات تستهدف معالجة هذه الفوارق - العلاج على أساس بيولوجي.

وحول نسبة الإصابة بسرطان الثدي بين الرجال، قالت إنها تشكل 1 من كل 833 للرجال في حين يصيب واحدة من كل 8 سيدات.

اختبارات دورية

بدورها، شددت الدكتورة موزة البدواوي استشارية أمراض سرطان الثدي في مستشفى دبي، على ضرورة إجراء الفحوص الدورية على الثدي ابتداءً من عمر العشرين، وفي حال إصابة إحدى القريبات بعمر مبكر، فيُنصح بأن يبدأ الفحص بسن أصغر بعشر سنوات لتلك القريبة. وقالت الدكتورة البدواوي: رغم أن أبواب مراكز الرعاية الصحية الأولية في الهيئة لديها برامج للكشف المبكر، إلا أن نسبة انتشار المرض ما زالت في ارتفاع مستمر، الأمر الذي يتطلب المزيد من الإجراءات وحملات التوعية للحد من انتشار المرض.

وأوضحت أن الفحص بأشعة ماموغرام السنوي بشكل عام يبدأ من عمر 40 سنة، وهناك أجهزة أخرى للفحص لصغار السن ولحالات خاصة كأشعة الموجات الصوتية وأشعة الرنين المغناطيسي، ويمكن التصدي للمرض بالفحص الدوري، وعمل توعية مستمرة على مدى السنة. كما أشارت الدكتورة البدواوي إلى أن الوراثة تلعب دوراً مهماً لاعتباره مرضاً جينياً ينتقل من ناحية الجدة والأم والأخوات والخالة وبنات الخالة، وإذا تم اكتشاف المرض عند سيدة أو أحد أقاربها يُفضّل عمل دراسة جينية لهما. وبينت أنه كلما كان اكتشاف المرض مبكراً كان العلاج أسهل، كما أن نسبة الشفاء، تكون عالية جداً، ولكن، مع الأسف، تأتي أغلب الحالات بمراحل متقدمة، ما يدفعنا إلى البدء بالعلاج الكيماوي، ومن ثم التدخل الجراحي.

عوامل الوقاية

وأكدت أن عوامل الوقاية تشمل الزواج المبكر، والحمل في سن مبكرة، وعدم التأخير فيهما، والرضاعة الطبيعية، والأكل الصحي، وكذلك ممارسة الرياضة وعمل الفحص الدوري على الثدي.

وأظهرت الأبحاث أن تغييرات نمط الحياة قد تقلل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي حتى لدى السيدات المعرضات للإصابة به.

كما أن الوزن الزائد أو البدانة تشكل خطراً للإصابة بسرطان الثدي. وحول دور النظام الغذائي الصحي بالحد من سرطان الثدي، قالت الدكتورة البدواوي: لا شك في أن تناوُل الغذاء الصحي قد يُقَلِّل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، إضافة إلى داء السكري وأمراض القلب والسكتة الدماغية، كما أن الحفاظ على وزن صحي هو أيضاً عامل رئيس في الوقاية من سرطان الثدي.

أشارت دراسة حديثة إلى أن الارتباط بين استخدام موانع الحمل الهرمونية وسرطان الثدي، يمكن أن يتوقع حدوث حالة إضافية مؤكدة لسرطان الثدي من كل 7690 سيدة ممن يستخدمن موانع الحمل الهرمونية مدة سنة واحدة على الأقل.

7690

تتطلب مواجهة مرض سرطان الثدي، العديد من الخطوات ولعل أهمها الوعي المجتمعي بأهمية إجراء الفحوص الذاتية والمتابعة مع الطبيب، فهذا المرض يعد من أكثر أنواع الأورام شيوعاً على مستوى العالم، والكشف المبكر يعزز فرص الشفاء بمعدل يصل إلى 96 %، ولذا تشكل الفحوص المبكرة مكافحة استباقية للمرض.

ونصح أطباء في هيئة الصحة بدبي بضرورة إجراء الفحص لمن تجاوزن 20 عاماً.

تغيرات

إذا لاحظتِ أي تغيرات على ثدييك، مثل تكون تكتل جديد أو حدوث تغيرات جلدية، فاستشيري الطبيب.

كذلك، اسألي الطبيب عن موعد البدء بإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية أو الفحوص الأخرى بناءً على سجلِّك الشخصي.

 

العامل النفسي مهم في تعزيز مناعة الجسم

أكد عدد من النساء اللواتي استطلع «البيان الصحي» آراءهن، أهمية التوعية بمرض بسرطان الثدي وتقديم الدعم والمساندة للمصابات، من أجل الحفاظ على استقرار الأسرة، ولفتن إلى أهمية التركيز على الحالة النفسية في مواجهة المرض.

 

وأشارت ريهام مراد إلى ضرورة التشخيص المبكر، الذي يرفع احتمال الشفاء الكامل، لا سيما أن الثدي عضو سطحي وخارجي فإن إمكانية التشخيص المبكر ممكنة باتباع وسائل بسيطة وسهلة عدة؛ أولها الفحص الذاتي خصوصاً لمن لديهن تاريخ عائلي للمرض. ولفتت إلى دور الحالة النفسية في تحسن أو تدهور حالة المريضة، لذا لا بد من توعية ذوي المريضة وبالأخص زوجها بضرورة دعم زوجته المصابة بالمرض ومساندتها في رحلة علاجها وعدم التخلي عنها، لأنه بذلك يضاعف من آلامها ويفاقم من مرضها نتيجة تدهور حالتها النفسية.

 

تجربة مع المرض

من جهتها، استعرضت إيمان الشامي تجربة إحدى صديقاتها، قائلة: قبل أكثر من عشر سنوات تم تشخيص إصابة صديقتي بمرض سرطان الثدي، وأجرت عملاً جراحياً وبدأت برنامجاً للعلاج الكيمياوي، وسرعان ما أوقفته لعدم تحملها مضاعفاته، وقررت الاستعاضة عنه بالقيام برحلات سياحية بمساندة ذويها وزوجها، وعندما عادت أجرت التحاليل نفسها مرة أخرى، لكن النتائج كانت أفضل بكثير ومختلفة تماماً عن الفحوصات السابقة، وعادت حركتها ونشاطها وشكلها إلى حالته الطبيعية وشعرت بتحسن لافت، ما أثار دهشة أطبائها الذين تابعوا حالتها منذ البداية، ولفتت إلى أن طبيعتها المتفائلة وحالتها النفسية العالية ربما رفعت من قوة جهازها المناعي وأسهم في تسريع العلاج، واليوم، بعد تسع سنوات أصبحت ذكرى هذا المرض من الماضي.

وقالت ندى كريم: في الآونة الأخيرة حدثت طفرة في أهمية الفحص الدوري للكشف المبكر عن سرطان الثدي، وباتت النساء يولين اهتماماً خاصاً بالأمر، ويتبادلن المعلومات والتجارب لتتسع دائرة الوعي.

وثمنت ندى دور هيئة الصحة بدبي والجهات المعنية بصحة المرأة التي أسهمت كثيراً، في رفع الوعي بخطورة المرض وبأهمية الكشف المبكر عنه، ومن خلال منصاتها المختلفة استقى الجمهور الخبرات التي باتت تتردد ليل نهار واستفاد من مبادراتها وأنشطتها التي تستهدف مزيداً من التوعية حول سرطان الثدي والإسهام في العلاجات التكميلية للمريضات، وأيضاً العلاج النفسي وتوفير مجموعات لدعم المتعافيات.

قصص إيجابية

وتشكل القصص الإيجابية نافذة أمل للمجتمع، في ظل انتشار هذا المرض على مستوى العالم، عبير سامي موظفة شابة «38 عاماً»، إحدى هذه النماذج، تقول: «دون أن أدري أصبحت أحفظ عن ظهر قلب المعلومات الأولية المقلقة عن المرض، وتعلمت من خلال الحملات المتوالية على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي البرامج كيف أجري الفحص الذاتي بشكل دوري، أصبت بهلع حينما لاحظت كتلة صغيرة»، وتوجهت للفحص بأشعة «الماموغرام» على الفور، وهناك نصحتها الطبيبة المختصة بضرورة الخضوع للعلاج الكيميائي، وأكدت لها أن الأمر كان في بدايته تماماً، ما جعلها تتعافى سريعاً دون الخضوع لدورة علاج طويلة الأمد، وهي تقوم بالكشف الدوري لتحمي نفسها مستقبلاً وباتت تعتبر نفسها حملة متنقلة للتوعية بالمرض بين القريبات والمعارف، وبضرورة الكشف المبكر للتقليل من آثاره السلبية.

ونصحت عبير النساء بعدم انتظار ظهور الأعراض والكشف المبكر عن سرطان الثدي من خلال الفحص الذاتي، وإجراء أشعة الماموجرام كل عام لا سيما بعد سن الأربعين، من أجل التمتع بحياة كريمة وآمنة في جميع مراحلهم العمرية، وتعزيز السلامة الصحية والنفسية.

 

بدورها، قالت مريم النقادي: هناك ارتباط كبير بين صحة المرأة والاستقرار الأسري، وذلك انطلاقاً من أن لصحة المرأة أثراً كبيراً على صحة الأسرة، ففي معظم الحالات المرأة هي من يتخذ القرارات اليومية الحياتية.

وأكدت أن حفاظ المرأة على صحتها ينعكس إيجاباً على صحة أسرتها بشكل عام، كما أن صحة المرأة النفسية الجيدة تؤدي إلى صحة جسدية جيدة.

Email