الإنفلونزا الموسمية.. اللقاحات تسهم في التصدي للعدوى والأمراض

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكل الإنفلونزا الموسمية تحدياً للأنظمة الصحية حول العالم، إذ تتسبّب الأوبئة السنوية خلال فصل الشتاء وتحديداً الإنفلونزا، في زيادة العبء على العيادات والمستشفيات، وانتشار العدوى التي تزيد مخاطرها لدى الحوامل وكبار السن والأطفال الأقل من عمر 5 سنوات أو المصابين بأمراض مزمنة، وتساهم اللقاحات في التصدي لانتشار العدوى والأمراض، فيما كانت هيئة الصحة في دبي أوصت بضرورة أخذ لقاحات الإنفلونزا، قبل فصل الشتاء الذي تزداد فيه حالات الإصابة.

وقالت الدكتورة منى تهلك المدير التنفيذي لمستشفى لطيفة للنساء والأطفال، إن المستشفى يستقبل يومياً 3 حالات لحوامل يتم إدخالهن إلى قسم مكافحة العدوى بسبب إصابتهن بالإنفلونزا الموسمية، حيث يعانين من ارتفاع حاد في الحرارة والجفاف والإعياء العام والتهاب الجهاز التنفسي العلوي.

وأوضحت الدكتورة منى تهلك: «إن إصابة الحامل بالإنفلونزا قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة على الأم والجنين، مشيرة إلى أن المنظمات والهيئات الطبية العالمية أصدرت توصيات بهذا الخصوص، ومنها تصنيف بعض فئات المجتمع ممن هم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الإنفلونزا الموسمية، ومنهم كبار السن والأطفال والحوامل، لأن هذه الفئات لديها قابلية فسيولوجية لمضاعفات فيروس الإنفلونزا كالالتهاب الرئوي والشعبي.

توعية

وأوضحت: أن وحدة مكافحة العدوى في مستشفى لطيفة تقوم بتوعية السيدات الحوامل بضرورة الحصول على تطعيم الإنفلونزا خلال هذا الموسم، مع العلم أن تطعيم الإنفلونزا آمن في جميع مراحل الحمل، حيث تعمل المناعة المكتسبة من التطعيم على وقاية الأم الحامل وجنينها من مضاعفات الزكام ولمدة تمتد من 3 إلى 6 أشهر.

بدوره، قال الدكتور دياري عبد الرحمن رئيس لجنة مكافحة العدوى واستشاري جراحة الأطفال في مستشفى لطيفة: «إن الحوامل معرضات بشكل خاص لمخاطر الإصابة بالإنفلونزا، وإن تطعيم المرأة الحامل يمكن أن يحميها من المضاعفات، بالإضافة إلى ذلك فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن التطعيم ضد الإنفلونزا أثناء الحمل يمكن أن يحمي الطفل من الإنفلونزا حتى سن 6 أشهر.

وبيّن أن أفضل فترة لتلقي لقاح الإنفلونزا قبل الحمل، أي خلال التخطيط لهذه المرحلة، وذلك بالطبع بعد استشارة الطبيب، لافتاً إلى أن التطعيم عادة ما يحتاج إلى فترة أسبوعين حتى تكتمل فاعليته داخل الجسم، وأن الحوامل يصبحن أكثر عرضة للإصابة بالعدوى بشكل عام خلال فترة الحمل نتيجة تراجع قوة الجهاز المناعي لديهن خلال هذه الفترة، ما يسهل إصابتهن بالإنفلونزا على نحو أسرع خلال الحمل.

وأضاف: إذا كانت المرأة تعاني من أحد الأمراض المزمنة كالربو أو السكري أو ارتفاع ضغط الدم، فتنصح بضرورة تلقي التطعيم خلال الثلث الأول من حملها، إذ يمكن أن تتسبب إصابة الحامل بالإنفلونزا في تعرضها لمضاعفات خطيرة، كالإصابة مثلاً بالالتهاب الرئوي الذي يستلزم تلقي العلاج داخل المستشفى.

وشدد الدكتور دياري على ضرورة تلقي الحامل لقاح الإنفلونزا، نظراً لأنها أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، فضلاً عن ارتفاع خطر المضاعفات لديها، مبيناً أن الحمى المرتفعة تزيد من خطر الولادة المبكرة والإجهاض، كما أنها تزيد من خطر حدوث اضطرابات في الإمداد كنقص الأكسجين.

تطعيم

بدوره، قال الدكتور علي السيد مدير إدارة الصيدلة: إن هيئة الصحة بدبي توفر مطعوم الإنفلونزا على مدار العام في مراكز الرعاية الصحية الأولية للحجاج والمعتمرين، لافتا إلى أن الإدارة قامت بتوفير أكثر من 30 ألف مطعوم في المرحلة الأولى من الإنفلونزا الموسمية، وستقوم بتوفير نفس الكمية في المرحلة الثانية إذا ما اقتضت الحاجة لذلك.

من جانبها، أوضحت الدكتورة بدرية الحرمي مدير إدارة الصحة العامة بأن الإنفلونزا الموسمية هي عدوى فيروسية حادة تنتشر بسهولة من شخص لآخر وتصيب جميع الفئات العمرية. تؤثر بشكل رئيسي على الجهاز التنفسي وخاصة الأنف والبلعوم والرئتين. ويسببها أحد فيروسات الإنفلونزا. وتتراوح الإصابة ما بين خفيفة وشديدة، وقد تؤدي إلى الوفاة أحياناً (إذا ما أصابت الفئات ذات عوامل الخطورة المرتفعة).

عدوى

وأضافت: تعتبر الإنفلونزا من الأمراض المعدية سريعة الانتشار بسهولة في الأماكن المزدحمة بما فيها المدارس، وتنتقل عن طريق استنشاق الرذاذ المتطاير في الهواء عند قيام شخص حامل للعدوى بالسعال أو العطس أو التحدُّث، حيث يمكن أن تستنشق الرذاذ مباشرةً، أو تلتقط الجراثيم من لمس الأسطح الملوثة بالفيروس مثل الهاتف أو لوحة مفاتيح الكمبيوتر، ومن ثم لمس العين أو الفم والأنف.

وبينت أن فترة الحضانة تتراوح في المتوسط من 2-4 أيام ومن المحتمل أن يصبح الأشخاص المصابون بالفيروس ناقلين للعدوى قبل ظهور الأعراض بيوم واحد أو منذ أول يوم تظهر فيه الأعراض، وحتى خمسة إلى سبعة أيام بعد ظهورها. كما يمكن أن تستمر هذه الفترة لمدة زمنية أطول عند الأطفال والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة.

وأوضحت: أحياناً قد يَصعب التفريق بين نزلة البرد والإنفلونزا، حيث إن كليهما من أمراض الجهاز التنفسي، لكنّ هناك اختلافاً في نوع الفيروسات المسببة، وفي بداية الأمر، قد تبدو الإنفلونزا مشابهة لنزلة البرد والزكام، مع سيلان في الأنف وسعال والتهاب في الحلق. ولكن نزلة البرد والزكام تحدث ببطء، في حين أن الإنفلونزا تحدث فجأة، كما وتتشابه أعراض المرضين، ولكنها تكون أكثر حدة في حالات الإنفلونزا، ويمكن أن تسبب بمضاعفات خطيرة وقد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة.

وأشارت إلى أن معظم المصابين بالإنفلونزا يتعافون من دون علاج ولا يحتاجون سوى الراحة في المنزل وشرب الكثير من السوائل، لكن عند زيادة حدة المرض واستمراره أو الأشخاص المعرضين للمضاعفات تجب عليهم رؤية الطبيب الذي قد يصف أدوية مضادة للفيروسات التي تساعد في تقليل مدة المرض ومنع حدوث مشاكل أكثر خطورة.

الوقاية

وقالت الدكتورة الحرمي: إن الطريقة الأفضل للوقاية من الإنفلونزا ومضاعفاتها الخطيرة هي بالحصول على لقاح الإنفلونزا كل عام، حيث يعتبر أخذ لقاح الإنفلونزا أكثر التدخلات نجاحاً وفعالية.

وأضافت: يحظى لقاح الإنفلونزا الموسمية بسجل ناجح من السلامة والفعالية، حيث تم إعطاء هذا اللقاح لمئات الملايين من الأشخاص على مدار ستين عاماً، كما أجريت العديد من البحوث والدراسات التي تدعم سلامة اللقاح ومأمونيته، حيث يمكن للقاح الإنفلونزا وقاية البالغين الأصحاء من حدوث المرض بنسبة نجاح تصل إلى 90%. كما يمكنه الإسهام في الحد من حدوث حالات مرضية شديدة أو مضاعفات بين المسنين بنسبة 60% تقريباً. والحد من حدوث الوفاة بسبب المرض أو مضاعفاته بنسبة 80%، ويُعطى لقاح الإنفلونزا عن طريق الحقن العضلي في أعلى الذراع. أما الأطفال الصغار أقل من عمر السنة فيعطى في الفخذ. ولا يوجد تعارض بين هذا التطعيم وأي تطعيمات روتينية أخرى ويمكن إعطاؤه في نفس الوقت مع تطعيمات أخرى.

ولفتت إلى أنه يجب أخذ لقاح الإنفلونزا حال توفره، ويُنصح بأخذ لقاح الإنفلونزا قبل حلول موسم الشتاء (في الفترة ما بين سبتمبر إلى أكتوبر) ولكن يجب الاستمرار بأخذ اللقاح في أي وقت طوال فصل الشتاء حتى مارس ما دامت فيروسات الإنفلونزا سارية ومنتشرة.

وأضافت: من الأولويات الاستراتيجية لهيئة الصحة بدبي توفير تغطية صحية شاملة لوقاية المجتمع من الأمراض المعدية والسيطرة عليها، وإن نجاح الحملة السنوية التوعوية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية يتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات الصحية المختلفة بالدولة ورفع كفاءة العاملين في المجال الصحي بأحدث التوصيات العالمية لمنع انتشار المرض والتقليل من الإصابة به، وبذلك فإن الهيئة حريصة مع بدء موسم الإنفلونزا على رفع الوعي المجتمعي من خلال الأنشطة والحملات التوعوية المتنوعة التي تحث بضرورة أخذ اللقاح سنوياً، حيث يعتبر من أفضل التدخلات فعالية ونجاحاً، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من حملات التطعيم لموظفي المؤسسات الحكومية.

وأكدت أن لقاح الإنفلونزا آمن ويعطى للأشخاص ابتداء من عمر ستة أشهر، ولهذا دعت الجميع للتوجه لمراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لهيئة الصحة بدبي لأخذ اللقاح واتباع العادات الوقائية السليمة للحد من انتشار المرض.

Email