الذكاء الاصطناعي.. «صحة دبي» تسخّر التقنية في تشخيص وعلاج الجلطات الدماغية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتسارع خطوات هيئة الصحة في دبي في إدخال أحدث التقنيات العالمية في القطاع الطبي، ضمن رؤية الإمارة الاستراتيجية وتطلعاتها المستقبلية، إذ باشر مستشفى راشد استخدام الذكاء الاصطناعي للتعامل مع الجلطات الدماغية، وذلك كأول مؤسسة حكومية على مستوى الدولة، وكأداة لسرعة التشخيص والعلاج، لاسيما في التعامل مع أمر بخطورة الجلطات الدماغية.

وتشير الأبحاث والدراسات العالمية والمحلية إلى أنه يموت في الدقيقة الواحدة بعد الإصابة بالجلطة 2 مليون خلية في الدماغ، وفي حال تأخر المريض ساعة يموت 120 مليون خلية من أصل 8 مليارات خلية، وبالتالي فإن أي تأخير في وصول المريض لأقرب مستشفى قد يسبب تلفاً للدماغ مما ينحم عنه شلل كلي أو نصفي للمريض في حال كانت السكتة حادة، لذلك بدأت هيئة الصحة في دبي وتحديداً في مستشفى راشد باستخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص السكتات الدماغية، وحققت بذلك نجاحاً باهراً.

تقنيات حديثة

وأكد الدكتور سهيل عبدالله الركن، استشاري طب الأعصاب وأخصائي السكتة الدماغية، في قسم الأعصاب في مستشفى راشد أن الهدف من إدخال الذكاء الاصطناعي لهيئة الصحة بدبي هو تسخير واستخدام التقنيات الحديثة في سرعة التشخيص لسرعة العلاج، لافتاً إلى أن الوقت هو الدماغ، فكلما تأخرنا في تشخيص الجلطة الدماغية هناك 2 مليون خلية دماغية تموت في الدقيقة الواحدة، مما يعني أنه في الساعة الواحدة تموت 120 مليون خلية دماغية، وبالتالي التشخيص مهم جداً للتدخل السريع والعلاج الصحيح.

وأضاف: من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي استطعنا في مستشفى راشد من اختصار التشخيص من 56 دقيقة قبل استخدام الذكاء إلى دقيقتين فقط، وهو شيء مهم جداً لإنقاذ مرضى الجلطات الدماغية من تلف الخلايا الدماغية وتجنيب المريض الشلل النصفي أو الكلي، وكذلك جنبنا الدولة مبالغ باهظة كانت تتحملها في عملية علاج وإعادة تأهيل المريض نتيجة التدخل الفوري من قبل الطواقم الطبية المختصة من تشخيص وتحديد حجم ومكان السكتة الدماغية، وتساعد في سرعة اتخاذ القرار، خاصة وأن استخدام الذكاء الاصطناعي يقوم في كشف الجلطات بطريقة أكثر دقة من العين المجردة، وتمكن الأطباء من معرفة الخلايا التي تعاني نقص الدم قبل حدوث تلف لها مما يفتح باب الأمل لمرضى السكتات الدماغية بالعلاج المبكر.

وأضاف أن الهيئة قامت بتدريب 240 مسعفاً من مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف على علامات وأعراض الجلطات الدماغية وكيفية التعامل معها، ونقل المريض بعد أخذ البيانات كاملة إلى أقرب مستشفى يتعامل مع الجلطات الدماغية بعد إبلاغ المستشفى بحدوث جلطة دماغية، وفور وصول المريض إلى مركز الحالات الحرجة يكون الطاقم الطبي والإشعاعي في انتظار المريض، خلال مدة تتراوح بين 8-15 دقيقة، وهو ما يعد رقماً قياسياً، خاصة وأن تعداد سكان دبي يزيد الآن على 3 ملايين نسمة.

وأضاف الدكتور الركن: إذا قارنا اليوم مع بداية تطبيق منظومة الجلطة الدماغية كانت في السابق تستغرق 59 دقيقة، الآن وصلنا بفضل الله ودعم الإدارة ممثلة بمعالي حميد القطامي مدير عام هيئة الصحة إلى 6 دقائق، يعني تم تخفيض الوقت 10 أضعاف، وفي إحدى الدول الاسكندنافية المطبقة للأشعة في الجلطات الدماغية من فترة طويلة جداً بينت أن الوقت الذي يحتاجه المريض 5 دقائق، نحن حالياً وصلنا إلى 6 دقائق، وهذا رقم قياسي، وقد وصلنا إلى المركز الأول على مستوى المنطقة في الجلطات الدماغية.

مركز متخصص

ورداً على سؤال حول حاجة الدولة لمركز متخصص بالجلطات الدماغية، قال الدكتور سهيل الركن: هذا النموذج غير مطبق على مستوى العالم ـ وإنما هناك وحدات، لأن طبيب الجلطات بحاجة إلى أطباء أشعة وفنيي الأشعة إضافة إلى طبيب القلب والضغط والسكري وطبيب باطنية وهذا صعب، ولكن ما نحتاجه هو وحدات للجلطات تتبع المنظومة الصحية للجلطات الدماغية.

كما أوضح أنه تم إنقاذ مريضين أحضرا إلى المستشفى بجلطة حادة وصلت إلى 12 نقطة، وهي الأخطر مع شلل تام في الوجه واليد والرجل مع عدم الرؤية وصعوبة في الكلام، وصلت خلال الأسابيع القليلة الماضية بواسطة الذكاء الاصطناعي عن طريق سرعة التشخيص التي قام بها قسم الأشعة وسرعة التحليل وسرعة التدخل الجراحي من قبل أطباء القسم، وغادر المريضان المستشفى وكأن شيئاً لم يحدث لهما.

وقال الدكتور الركن: إن مستشفى راشد يتعامل سنوياً مع 1000 حالة أي حوالي 83 حالة شهرياً، فيما يصل عدد حالات الجلطات الدماغية على مستوى الدولة إلى 15000 حالة سنوياً.

تجنب المضاعفات

من جانبه، قال الدكتور أيمن السباعي استشاري القسطرة العلاجية: إن استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الجلطات الدماغية خاصة إذا ما تم إحضار المريض للمستشفى في الفترة التي تتراوح بين 8-15 دقيقة يجنب المريض تماماً مضاعفات الجلطة، والمتمثلة في الإعاقة الدائمة نتيجة حدوث الشلل الكلي أو الجزئي، حيث يتم على الفور عمل أشعة مقطعية ملونة للدماغ لقياس تدفق الدم في أنسجة الدماغ، ويتم تحديد مكان الانسداد بدقة متناهية لا تزيد على دقيقتين، مما يعطي الطبيب دقة أكثر أثناء التدخل الجراحي بدلاً من نصف ساعة في السابق لتحليل الصور وإعطاء النتيجة للطبيب.

وقال الدكتور السباعي: خلال أقل من دقيقة من عمل الأشعة المقطعية الملونة للدماغ، يتم إرسال النتيجة إلى السيرفر الرئيسي للهيئة، وخلال ثوانٍ تكون النتيجة على إيميلات وموبايلات الطواقم الطبية في الهيئة لإشعارهم بالحالة.

وأضاف: إن عداد الوقت يفرق في حياة المريض، خصوصاً لمرضى الجلطات الدماغية، لذلك حرصت هيئة الصحة على استخدام الذكاء الاصطناعي في علاج الجلطات الدماغية لاكتشاف السكتات الدماغية ونزيف المخ مبكراً، والتي من شأنها أن تساعد في سرعة اتخاذ القرار، حيث إن الدقيقة فارقة في حياة مريض السكتة الدماغية، فهي تعني حياة، فيمكن أن يحصل على نتائج في خلال 30 ثانية إلى دقيقتين، وبذلك يمكن أخذ القرار في علاج المريض وإنقاذ حياته، مشيراً إلى أن تقنية الذكاء الاصطناعي تساهم في كشف الجلطات بطريقة أكثر دقة عن استخدام العين المجردة، وبذلك تستطيع أن تكتشف الخلايا العصبية في المخ التي تعاني من نقص الدم قبل حدوث تلف، موضحاً أنه في غياب العلاج يتعرض ثلث المرضى إلى الوفاة، والثلثين الآخرين إلى إعاقة خفيفة أو خطيرة.

سرعة الإنترنت

بدوره، قال الدكتور طارق فضل الرحمن مسؤول قسم العمليات الإلكترونية في قسم الأشعة في مستشفى راشد: إن الإمارات تعتبر من الدول المتقدمة جداً في الاتصالات، لافتاً إلى أن سرعة الإنترنت في الدولة تعد أهم عامل لنجاح استخدام الذكاء الاصطناعي، وممكن أن يخدم مختلف المؤسسات الطبية على مستوى الدولة، من خلال إعطاء التقرير النهائي عن حالة المريض وتوفير صور أشعة ملونة توضح بشكل دقيق جداً مكان الانسداد خلال دقيقتين، وترسل للسيرفر الرئيسي للهيئة في مستشفى لطيفة الذي يقوم بدوره بإرسال تقرير حالة المريض مع صور الأشعة إلى كل الأطباء عبر الإيميلات والهواتف، لكي يكون القرار جماعياً.

توفير الوقت والجهد

من جهته، قال الدكتور شيخ سعيد إقبال أخصائي أول قسم الأشعة في مستشفى راشد إن استخدام الذكاء الاصطناعي وفر الوقت والجهد على كل الطواقم الطبية، كما جنّب المرضى الإصابة بالإعاقات الدائمة، ووفر على الدولة تكلفة العلاج الطبيعي وإعادة تأهيل المرضى، التي غالباً ما كانت تمتد لسنوات، لافتاً إلى أن نسبة الدقة تصل في الأشعة والتقارير ونسبة الانسداد تصل إلى 100%.

وقال الدكتور أسامة البستكي رئيس قسم الأشعة في مستشفى راشد: إن قسم الأشعة يقوم شهرياً بإجراء 15000 دراسة لـ 15000 صورة شهرياً لمختلف أنواع الأشعة بمعنى 20 دراسة في الساعة، وهو ما كان يعد منهكاً لموظفي قسم الأشعة، وكان لا بد من البحث عن تقنيات تسهّل وتسرّع العملية، ومما لا شك فيه أن إدخال الذكاء الاصطناعي وفّر الوقت والمال، حيث يتم تحليل الصور خلال دقيقتين، بدقة متناهية.

Email