زيادة التوتر والخوف بعد الإصابة يضعفان جهاز المناعة

الطاقة الإيجابية ركيزة أساسية في الخطة العلاجية ومقاومة الأمراض

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

ثمة علاقة وطيدة بين الحالة النفسية وصحة الجسم، فإذا سيطر على الإنسان الجزع والخوف والتوتر الزائد جراء الإصابة بمرض ما فإن مناعة الجسم تضعف وقد تتفاقم الحالة الصحية، لذا فإن الطاقة الإيجابية والحالة النفسية للمريض تلعب دوراً فاعلاً في التصدي للمرض، وقد تسهم في التخلص منه أو تكون أحد أهم العلاجات الفعالة في التغلب على المرض لا سيما الأمراض المزمنة كالسكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب بأنواعها، والصداع النصفي وآلام الرأس والمعدة والعظام وكذلك أمراض السرطان، التي تتطلب من المريض التعايش والصبر وقوة الإرادة في مسيرة العلاج.

وهناك أمثلة كثيرة لأشخاص رفضوا الاستسلام للمرض واستطاعوا بعزيمتهم وقوة إرادتهم التغلب على أخطر الأمراض ويعيشون حياتهم الطبيعية، بل وينصحون غيرهم من المرضى بالتحلي بالقوة والطاقة الإيجابية وعدم الاستسلام للمرض.

وأكد أطباء في هيئة الصحة بدبي أن الحالة النفسية لأصحاب الأمراض المزمنة أو المستعصية تمثل نحو 60% من العلاج لأن الجهاز العصبي يؤثر على الجهاز المناعي في الجسم، وكلما ارتفعت نسبة التوتر والقلق والانفعال تدهورت وظائف جهاز المناعة ما يضعف في مقاومة الأمراض وتحديداً الأمراض السرطانية التي تخترق الجسم، وتتيح له الفرصة لكي ينمو ويترعرع، بسبب تراجع نسبة الخلايا الليمفاوية المسؤولة عن توفير الحماية للجسم من الإصابة بهذه الأورام والأمراض بأنواعها المختلفة.

 

ارتباط وثيق

ووصفت الدكتورة سامية الخوري استشارية الطب النفسي في مستشفى راشد علاقة العامل النفسي بالحالة المرضية، مشيرة إلى أن العاملين النفسي والجسمي عند الإنسان مرتبطان ولا ينفصلان أو يتجزآن، وما يصيب أحدهما يؤثر في الآخر سلباً وإيجاباً، وقد أثبتت ذلك الدراسات والأبحاث إضافة إلى الخبرة السريرية والعملية في التعامل مع الحالات المرضية المختلفة.

وأضافت: من المتعارف عليه في الممارسة الطبية أن يكون العامل النفسي من العوامل الأساسية التي تدخل في الحسبان عند التشخيص والعلاج، بل وفي كثير من الأمراض قد تكون الأعراض الجسمية أهم ما يعانيه المريض النفسي، والتي تثبت الفحوص والتحاليل المختبرية عدم وجود أية أسباب عضوية من الممكن أن تفسر ذلك، وهو ما يسمى المصطلح النفسي بالتجسيم، وهو تحول الضغوط والأزمات النفسية إذا لم تجد لها متنفساً أو تفريغاً إلى علامات ومظاهر مرضية قد تشمل أجهزة الجسم.

أعراض منتشرة

وأشارت الدكتورة الخوري إلى أن لكل جهاز أعراضه الخاصة به في الجسم، فعند القلق مثلاً تكثر حالات الصداع التوتري المتكرر والأرق والشعور بالتعب وآلام المفاصل والعضلات المصاحبة للعصبية والتوتر وكثرة التفكير، وعند الخوف يصاب الشخص بالدوار والغثيان والرعشة والاختناق، ويشعر كأنه سيسقط مغشياً عليه أو يفقد وعيه، ما يؤدي إلى تفاقم أعراض الخوف، أما في حالات الاكتئاب فتتميز بهبوط الطاقة والحيوية والشعور بالإعياء والإرهاق وضعف التركيز والذاكرة واضطراب النوم والأكل.

وترى استشارية الطب النفسي في مستشفى راشد أن الحالة النفسية التي تصاحب إبلاغ المريض بمرضه خاصة الأمراض المزمنة يجب ألا تدفعه إلى القلق والتوتر بما سيحل به، بل عليه أن يحاول أن يمارس حياته الطبيعية والابتعاد عن هواجس تبعيات المرض، لأنها تؤثر على حالته النفسية من العلاج لأن الجهاز العصبي يؤثر على الجهاز المناعي في الجسم، وكلما ارتفعت نسبة التوتر والقلق والانفعال تدهورت وظائف جهاز المناعة، ما يضعف في مقاومة الأمراض.

وأوضحت أن مرضى ضغط الدم مثلاً هم الأكثر تأثراً بالعوامل النفسية المحيطة بالمريض، لأن حالات الضغط والتوتر النفسي تدفع الجسم لإنتاج كمية من الهورمونات لمواجهة حالات الضغط، وترفع هذه الهورمونات ضغط الدم عند الشخص لفترة من الزمن، بحيث يؤدي إلى زيادة في ضربات وانقباض الشرايين والقلب.

وأضافت: «يكون هذا التأثير بصورة مؤقتة خلال الانفعال والغضب والقلق، ولكن عند استمرار هذه الحالة النفسية لمدة طويلة يصبح تأثير الهرمونات أعظم، فيسبب ذلك ارتفاعاً في ضغط الدم، ويلعب العامل النفسي دوراً مهماً في حدوث ارتفاع ضغط الدم، خاصة إذا كان المريض يعاني حالة نفسية مزمنة ومتكررة سواء كانت هذه الحالة متعلقة بالبيت أو بالعمل».

وأشارت الدكتورة سامية الخوري إلى أن تأثير العامل النفسي قد يكون على الدماغ في الزيادة في فرصة الإصابة بالجلطات الدماغية التي قد تكون نتيجة ارتفاع ضغط الدم، ما يسبب في انفجار في الأوعية الشريانية في الدماغ، ومن ثم النزف الداخلي وهذا يسبب إعاقة قد تكون دائمة مثل الشلل النصفي أو فقدان البصر والكلام.

كما أن من أحد أسباب القولون العصبي الحالة النفسية والمزاجية السيئة للغاية، فعندما تشعر الإنسان بالتوتر الزائد والقلق غير المحتمل فإنه يشعر بالآلام الحادة في القولون، مع الشعور بتقلصات البطن وتشنجات عضلات المعدة والأمعاء، ويصل الأمر أحياناً إلى حدوث بعض الاضطرابات في الجهاز الهضمي مع زيادة حالات الإمساك المزمنة والإسهال أيضاً هذا إضافة إلى التعرض لمخاطر قرحة المعدة.

 

التغلب على المرض

من جانبه، قال الدكتور عمر المرزوقي استشاري الجراحة العامة في مستشفى راشد: إن العامل النفسي يلعب دوراً في العلاج، ومثال ذلك الكثير من مرضى السرطان الذين تغلبوا على هذا المرض المرعب الذي يصيب الإنسان ويشعره بقرب نهايته.

وأوضح أن العلاقة بين الضغط النفسي لدى الفرد وحالته الصحيّة والجسدية هي علاقة عكسيّة؛ فكلما زاد الضغط النفسي على الفرد انخفضت الصحّة العامة لديه، وتراجَعت وتدهورت، بينما انخفاض الضغط النفسي يَترتّب عليه الحصول على صحّة جيّدة، ويَعود السبب في ذلك إلى التغيّرات الفسيولوجية في الجسم؛ فأيّ تأثير نفسي يكون أشبه بحدس إنذار يترتّب عليه ردود فعل في معظم أجزاء الجسم، وهذه التغيرات التي تطرأ على الجسم نتيجة الحالة النفسية التي يمر بها الشخص يُسمّيها البعض استجابات التهيؤ.

ويُمكن ملاحظة ردود الفعل المُشار لها عندما يتعرّض الفرد لموقف يدفعه للحديث أمام جمع من الناس؛ حيثُ تطرأ عليه بعض التغيّرات مثل حركة الرموش، والعرق، وجفاف الحلق، وزيادة ضربات القلب، وصعوبة التنفّس؛ فكلّ هذه التغيرات نتجت عن الضغط النفسي الذي وُضع فيه الفرد، حيث بينت دراسة أجريت على مجموعة من الأشخاص كان الهدف منها بيان الحالة النفسيّة وأثرها على جهاز المناعة لدى الإنسان، فكانت النتيجة المذهلة أنّ جهاز المناعة ينخفض تركيزه في الجسم عند التعرّض للضغط النفسي.

وأكد الدكتور المرزوقي أن السيطرة على المرض لا تقتصر فقط على الأبحاث العلمية وطرق العلاج الحديثة، والتي لن تصنع بمفردها شيئاً، حيث أكدت العديد من الأبحاث والدراسات أن الدعم النفسى يرفع نسبة الشفاء وأن الحالة النفسية القوية لها تأثير كبير على تقوية جهاز المناعة، ومن ثم مقاومة الأمراض المزمنة ومن ضمنها مرض السرطان.

مخاطر

أكد الدكتور عمر المرزوقي أن الحالة النفسية السيئة تؤثر كثيراً على الحالة الصحية فمثلاً مستويات السكر في الدم تزيد من احتمالية الإصابة بداء السكري وربما التعرض لغيبوبة السكر نتيجة لارتفاع نسبة السكر بالدم ونفس الشيء على الضغط، فعند حالات التوتر والضيق يزداد ارتفاع نسبة الضغط بالدم وفي تلك الحالتين هناك احتمال كبير يؤدي إلى الوفاة.

 

Email