13 محوراً ومبادرة في «استراتيجية الصحّة النفسية» تعزز استقرار وسعادة المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

تكمن الأهمية الكبرى للصحة النفسية بأنها تزرع السعادة والاستقرار والتكامل بين الأفراد، وتمنح الاستقرار الذاتي، وتُنشئ أفراداً مستقرّين وأسوياء، كما تعزز الاستقرار الأسري بالتماسك والتآزر وتزيد المجتمع قوةً وتماسكاً.

هيئة الصحة بدبي أولت جل اهتمامها للصحة النفسية وأعدت خطة استراتيجية تمتد حتى عام 2021، تم اعتمادها من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي ضمن الجهود الدؤوبة التي تقوم بها الإمارة لتعزيز الصحة النفسية والوضع الصحي للسكان بشكل عام.

وأوضحت الدكتورة نادية الدباغ استشاري الأمراض النفسية في الهيئة بأن الاستراتيجية تركز على 4 محاور رئيسة تتعلق بالحوكمة والتنظيم، والتوعية والوقاية والتدخل المبكر، وتقديم الخدمات، والتعافي والتكامل المجتمعي.

9 مبادرات

وأضافت أن استراتيجية الصحة النفسية تتضمن 9 مبادرات استراتيجية متنوعة تتعلق بتشريعات الصحة النفسية، وحوكمة الصحة النفسية، والترويج والتوعية، والوقاية من الأمراض النفسية، والتدخلات المبكرة، وتقديم خدمات الصحة النفسية المبتكرة، وتنمية القوى العاملة والمحافظة عليها والتوظيف، ومرافق الصحية النفسية والبنية التحتية، وبرامج تمكين المريض

وقالت إن مبادرة تشريعات الصحة النفسية بتحديث قانون وسياسة الصحة النفسية بالتعاون مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع لتوفير الحماية وضمان حقوق المرضى والعاملين في مجال الصحة النفسية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، وتمكينهم من تلقى خدمة عادلة وجيدة ومرتكزة على المريض، كما تركز مبادرة حوكمة الصحة النفسية على إنشاء جهة مركزية لإدارة وتنظيم الصحة النفسية وتشرف على تنفيذ جميع مبادرات الصحة النفسية في هيئة الصحة بدبي.

وتقوم مبادرة الترويج والتوعية لبرامج الصحة النفسية بتطوير وتنفيذ حملات وبرامج التوعية بالصحة النفسية بهدف الحد من الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية وتحسين الوعي بشأن علامات وأعراض حالات الصحة النفسية وتحسين الوعي بشأن عوامل الخطر المرتبطة بحالات الصحة النفسية والتشجيع والمساعدة في البحث عن التدخل المبكر.

كما لفتت الدكتورة الدباغ إلى أن مبادرة الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة النفسية الإيجابية في المجتمع تهدف الى تحسين السعادة المجتمعية والعافية في المجتمع وتعزيز القدرة على التكيف ومهارات التكيف لدى الشباب والآباء والمعلمين والموظفين، وزيادة الكشف المبكر عن حالات الصحة النفسية من أجل تعزيز السلوك الملائم للبحث عن المساعدة وتحسين النتائج الصحية.

وتهدف مبادرة التدخل المبكر إلى تحسين الكشف والتقييم المبكر والتحويل المناسب إلى الخدمات المتخصصة، وتحسين الثقة والمشاركة لمقدمي الرعاية الصحية الأولية، وتعزيز المشاركة المجتمعية، والوقاية والحد من تقدم الأمراض النفسية.

وأفادت بأن مبادرة خدمات الصحة النفسية المبتكرة تهدف إلى تحسين نوعية الخدمات الصحية النفسية وإمكانية الوصول إليها بشكل عام، وزيادة اعتماد النظام على الرعاية المجتمعية والرعاية الذاتية للحد من العبء على الرعاية الثلاثية والطويلة الأجل، والخدمات مرتكزة في المجتمع وليس في مرافق الرعاية الثانوية والرعاية المتقدمة وتركز مبادرة تنمية القوى العاملة في مجال الصحة النفسية إلى زيادة القوى العاملة في المجال ذات الجودة العالية والمدربة تدريبا جيدا لتلبية الطلب على الخدمات وتحسين نظم الحوافز للمهنيين في مجال الصحة النفسية والأخذ في عين الاعتبار أن الصحة النفسية مهنة ذات قيمة كبيرة.

كما تركز مبادرة مرافق الصحة النفسية والبنية التحتية على إنشاء مرافق الصحة النفسية والبنية التحتية لتقديم النموذج المطلوب للرعاية من خلال توسيع الخدمات والمرافق الحالية وإنشاء برامج جديدة ومراكز علاج صحي نفسي بهدف ضمان توفير خدمات الصحة النفسية المتخصصة اللازمة لتلبية احتياجات الفئات الضعيفة (الخدمات التي تتراوح بين الوقاية والعلاج) وتوفير مرافق متكاملة في جميع أنحاء دبي من خلال ضمان تنفيذ نظام معلومات الصحة النفسية الموحد، والمساهمة في صنع القرار القائم على الأدلة في الممارسة السريرية واتخاذ القرارات العليا إضافة إلى تحسين القدرة على تسجيل جميع حالات الصحة النفسية باستخدام سجل الصحة النفسية وتتبع رحلة المريض من خلال نظام إدارة الحالات.

وقالت الدكتورة الدباغ إن مبادرة برامج تمكين المريض تهدف إلى توفير الرعاية الموجهة نحو التعافي التي تركز على أن يتم التحاق المريض في مركز الرعاية وضمان أن نظام الرعاية الصحية مصمم لتلبية احتياجات ورغبات المرضى، وتزويد المرضى بالفرص والبيئة لتطوير المهارات والثقة والمعرفة للانتقال من كونهم متلقين سلبيين للرعاية إلى شريك نشط في الرعاية الصحية إضافة الى تعزيز محو الأمية الصحية وحماية وتعزيز حقوق المريض.

كما تهدف المبادرة الى تمكين المرضى من اتباع نظام الرعاية الذاتية، وتحسين خدمات الرعاية الصحية النفسية الشاملة الموجهة نحو التعافي، وتعزيز نظام الرعاية الصحية التي تلبي احتياجات ورغبات المرضى على النحو المحدد من قبل المرضى أنفسهم.

مقومات النجاح

من جانبها، أشارت فرح خضر عقل أخصائي التخطيط الاستراتيجي بهيئة الصحة بدبي إلى عوامل ومقومات نجاح هذه الاستراتيجية المتمثلة في توفر الموارد المالية الكافية لتنفيذ المبادرات المختلفة في إطار الاستراتيجية واستدامة النتائج، والتعاون والتنسيق والمشاركة الفعالة بين الشركاء والمعنيين في تنفيذ المبادرات، ودعم القيادة العليا لوضع الصحة النفسية كأولوية على مستوى الإمارة وليس فقط على مستوى هيئة الصحة في دبي، إضافة إلى وجود الفريق المؤهل بالمهارات اللازمة لإدارة تنفيذ الاستراتيجية وضمان نجاحها لتحقيق الأهداف المرجوة منها.

وأكدت الاستراتيجية تهدف إلى ضمان فعالية توفير خدمات الصحة النفسية المتخصصة اللازمة من الوقاية إلى العلاج لتلبية احتياجات الفئات الضعيفة في المجتمع مثل الأطفال والمراهقين والنساء والمسنين وكبار السن والمرضى النفسيين وأصحاب الهمم والأسر.

وأشارت إلى أن هيئة الصحة بدبي تتطلع للتعاون والتنسيق مع شركائها الاستراتيجيين وجميع المعنيين على المستوى الوطني والمحلي في تنفيذ الاستراتيجية من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية في إعداد نظام فعال للصحة النفسية في الإمارة مبني على أفضل المعايير والممارسات العالمية في الأنظمة عالية الأداء في مجال الصحة النفسية ونموذج منظمة الصحة العالمية لتوفير الخدمات المثلى في مجال الصحة النفسية وذلك من خلال زيادة اعتماد النظام على الرعاية المجتمعية والرعاية الذاتية والرعاية الصحية الأولية للحد من العبء على الرعاية الثلاثية وطويلة الأجل ذات التكلفة العالية، بالإضافة الى تحسين الكشف والتقييم المبكر والتحويل إلى الخدمات المتخصصة في الوقت المناسب وعند الحاجة لذلك، وتعزيز الصحة النفسية وزيادة الوعي حول أمراض الصحة النفسية والأعراض وعوامل الخطر المرتبطة بها والتركيز على تحسين نوعية وجودة خدمات الصحة النفسية، وتسهيل الوصول إليها وتوفير سجل موحد للصحة النفسية في إمارة دبي لتسهيل تتبع رحلة المريض من خلال نظام إدارة الحالات وتطبيق برامج التوعية والوقاية والتدخل المبكر للحد من مضاعفات الأمراض النفسية وتقليل الوصمة (النظرة السلبية) المرتبطة بها.

كما تتطلع الهيئة إلى توحيد التشريعات والأنظمة ومعايير التراخيص للمهنيين العاملين في هذا المجال ومرافق الصحة النفسية تحت مظلة واحدة على مستوى إمارة دبي وتعزيز التعاون بين الشركاء والمعنيين في مجال الصحة النفسية من اجل تنفيذ المبادرات الاستراتيجية والوصول نحو مجتمع أكثر صحة وسعادة.

 

أحدث العلاجات

بدورها، أكدت الدكتورة سامية أبل، استشارية الطب النفسي في مستشفى راشد، أن هيئة الصحة في دبي توفر أحدث العلاجات العالمية لمختلف الأمراض النفسية، بما في ذلك العلاج باستخدام الجلسات الكهربائية، وهو نوع مهم ومفيد في علاج الاضطرابات الوجدانية، مشيرة إلى أن استخدام الجلسات الكهربائية يبدأ عندما لا تستجيب حالات الاكتئاب الشديدة للعقاقير المضادة للاكتئاب، أو أن يكون المريض غير قادر على تحمل التأثيرات الجانبية للعقاقير، كما تستخدم الجلسات في علاج المرضى الذين يعانون بعض الأمراض العضوية ولا يستطيعون تحمل العلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب، ومثال ذلك بعض المرضى الذين يعانون أمراض الكبد، حيث يكون علاج الاكتئاب باستخدام الجلسات الكهربائية أفضل لهم من استخدام العقاقير التي تؤثر في الكبد، ويتم اللجوء إلى العلاج بالجلسات الكهربائية في بعض الحالات التي لا يستطيع المريض فيها الانتظار مدة شهرين حتى تتحسن فيها حالته مع استخدام العقاقير المضادة، وخصوصاً في حالات الاكتئاب، وفي بعض الحالات التي يكون فيها المريض عرضة للانتحار بسبب وجود وظيفة حساسة تتطلب سرعة التحسن، لأن التحسن مع استخدام الجلسات الكهربائية يتم في غضون أسبوعين إلى 3 أسابيع.

وقالت: إن بعض الدراسات التي أجريت على المرضى الذين عولجوا بالجلسات الكهربائية وجدت أن نحو 80% من هؤلاء المرضى أشاروا إلى أن العلاج أسهم في تحسن حالتهم.

وأضافت: أن عدد المرضى المسجلين في الخدمة وصل نهاية العام الماضي إلى 103 مرضى، بينما وصل عدد الزيارات المنزلية التي قام بها الفريق الطبي إلى المرضى في إمارة دبي إلى 1066 زيارة.

واستقبلت العام 2016 نحو 6498 مريضاً مقارنة بـ8661 عام 2015 و8031 عام 2014، في حين استقبلت العيادات الداخلية 795 مريضاً مقابل 985 عام 2015 و802 عام 2014، وأوضحت أن قسم الطب النفسي يضم حالياً 56 سريراً، منها 30 سريراً للرجال و26 للنساء.

 

الارتقاء بالصحّة النفسية يُرسّخ الإيجابية ويحسّن القدرات

ثمن مواطنون ومقيمون دعم القيادة الرشيدة والاهتمام بالصحة النفسية للمواطنين والمقيمين، من خلال حرصها على إسعادهم وإطلاق المبادرات التي من شأنها أن تبث البهجة وتنشر الإيجابية في نفوس الأفراد، مؤكدين أن إطلاق هيئة الصحة بدبي استراتيجية الصحة النفسية ترسي مزيداً من الاستقرار في المجتمع، وتعمل على تحسين قدرات الأفراد.

وأشاد محمد منير بإطلاق هيئة الصحة بدبي لاستراتيجية الصحة النفسية قائلاً: نحن نقبل أن نتحدث عن أمراضنا العضوية، ونقبل أن نزور الطبيب للكشف عنها، لكننا في المقابل يتملكنا تردد كبير للكشف عن صحتنا النفسية والبحث في أمراضنا، رغم أنه يُفترض أن نكون على اقتناع أن شخصية الإنسان مركبة فيها ما هو عضوي جسدي وفيه ما هو نفسي غير عضوي، لذا نثمن مبادرة هيئة الصحة في وضع استراتيجية متكاملة للاهتمام بصحة الأفراد.

اكتمال

وأكد أحمد محمد، أهمية الصحة النفسية للمواطن والمقيم وتأثيرها على أدائه الإنساني والحياتي قبل العملي، إذ إن الصحة النفسية تعني حالة من الاكتمال الجسمي والنفسي والاجتماعي، أي أنها الحالة التي يكون فيها الفرد متمتعاً بالتكيف مع النفس والبيئة ومتسماً بالاتزان الانفعالي وشاعراً بالسعادة والرضا والقدرة على تحقيق ذاته وسموها ووضع مستوى من الطموح يتفق مع إمكاناته وقدراته الحقيقية والمدركة ذاتياً، الأمر الذي ينعكس حتماً على المجتمع إيجاباً ويجعل الفرد قادراً على المساهمة في نهضة البلاد وتقدمها وازدهارها.

وأشار الى أهمية حملات التوعية بالصحة النفسية بهدف الحد من الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية وتحسين الوعي بشأن علامات وأعراض حالات الصحة النفسية وتحسين الوعي بشأن عوامل الخطر المرتبطة بحالات الصحة النفسية والتشجيع والمساعدة في البحث عن التدخل المبكر قبل أن تصبح معقدة ويصعب علاجها فيما بعد أو حتى تترك ندبات نفسية يصعب حلها لاحقاً.

من جانبها، أوضحت رنا وصفي أن الصحة النفسية ليست مجرد غياب المرض، وإنما هي حالة إيجابية من الثقة بالقدرات الذاتية على التكيف مع متغيرات الحياة وعلى إقامة علاقات سوية مع الأسرة، والمدرسة، المجتمع والعمل، كما أنها تعتني بالجوانب السلوكية والعاطفية للحياة اليومية والعلاقات التي تقوم بين الأفراد والمجتمع، والتي تؤثر سلباً أو إيجاباً في نوعية الحياة، كما وترتبط ارتباطاً مباشراً بنشوء الأسرة القوية والقادرة على تربية أطفالاً سعداء ومكتملي الشخصية، وثمنت حرص هيئة الصحة على الارتقاء بالصحة النفسية للمجتمع.

وأشاد الدكتور جمال مجايدة بحرص «صحة دبي» على توفير بيئة تُحترم فيها الصحة النفسية لكل فرد من أفراد المجتمع، في ظل غياب الوعي والنظرة السلبية إلى الأمراض النفسية التي لا تزال سائدة في المجتمع العربي، مثمناً إيلاء الاهتمام للصحة النفسية من قبل هيئة الصحة.

وأضاف: تشكل وصمة العار، العائق الأكبر في الوصول للعلاج، ويؤثر سلبياً على إمكانية الحصول على خدمات الصحة النفسية، كما أن الوعي حول الأمراض النفسية محدود في العالم العربي بشكل عام، ما يمنع العديد من الذين يعانون من أمراض نفسية من البحث عن علاج، فهم لا يعرفون الخدمات المتاحة أو لا يرغبون بأن يراهم المجتمع كمرضى نفسيين لما يترتّب على ذلك من نظرة سلبية في المجتمع.

إنتاجية

وأكد إبراهيم سامي أن الاستراتيجية الجديدة ستساهم بشكل كبير في الحد من نسبة انتشار الأمراض والموت المبكر الناتجة عن الضغوطات النفسية ونمط الحياة المتسارع، فضلا عن مساهمتها في زيادة الإنتاجية، لافتا إلى أن الاستثمار في الصحة النفسية يحسّن من الصحة العامة وينعكس إيجابا على النواحي اقتصادية.

وأهاب إبراهيم بضرورة تبني جهات العمل تحسين الصحة النفسية في بيئة عملها، عبر الفحص النفسي، وتشجيع الرياضة وإنشاء برامج ممنهجة لتعزيز هذا الاتجاه، ويرى أن التركيز على عامل الوقاية والتوعية، لا سيما في الوظائف التي يتعرض فيها العاملون لضغوط نفسية كبيرة، كالعاملين في أقسام الإسعاف والطوارئ في المستشفيات والمجالات الجنائية، وحالات الأطفال، يعتبر غاية في الأهمية.

 

مبادئ

أوضحت فرح خضر أن استراتيجية الصحة النفسية أخذت بعين الاعتبار العديد من المبادئ التوجيهية والأساسيات أثناء مرحلة الإعداد وهي احترام حقوق واحتياجات مستخدمي الخدمة وتقديم الخدمة عبر مراحل العمر والاهتمام بالتنوع الاجتماعي والثقافي والجغرافي والخبرة والتعاون بين مقدمي الخدمات عبر التواصل الفعال مع قنوات الرعاية الصحية المختلفة وتوفير خدمات عادلة في جميع أنحاء المناطق والمجتمعات والفئات العمرية والاعتراف بمنظور الصحة النفسية كجزء مهم في الرعاية الصحية والتزام النهج الموجه نحو التوعية والوقاية لتخفيف عبء الأمراض النفسية.

Email