مبادرة سلامة وعطاء تعزز الوعي بطرق التخلص الآمن من الأدوية

20 مليون درهم تبرعات بالأدوية في 5 سنوات ورقابة على «الإتلاف»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

ساهمت مبادرة «سلامة وعطاء»، التي أطلقتها هيئة الصحة في دبي في العام 2013 انطلاقاً من حرصها على سلامة ووقاية المجتمع، في تعزيز الوعي بطرق التخلص الآمن من الأدوية، وتتلقى من خلالها الأدوية المنتهية الصلاحية أو الأدوية التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء عبر صيدلياتها المنتشرة في كافة مستشفيات الهيئة على مدار الساعة، حيث جمعت المبادرة من إطلاقها ولنهاية العام الماضي 30 طناً من الأدوية وتبرعت بما قيمته 20 مليون درهم من الأدوية غير المنتهية الصلاحية للهلال الأحمر الإماراتي لتوزيعها على الدول المحتاجة للمساعدات.

خطورة

ويعد التخلص من الأدوية غير المستخدمة، سواء كانت صالحة للاستخدام أو منتهية الصلاحية، عبر إلقائها مباشرة في القمامة أمراً فائق الخطورة، كما أن سكبها في المراحيض أو الأحواض أمر ذو خطورة أشد، إذ إنه يؤثر على البيئة بشكل سلبي، فمياه الصرف المحملة بالمركبات الكيميائية الدوائية قد تختلط بمياه الأنهار والبحار، مما قد يؤثر على البيئة النهرية والبحرية والكائنات المختلفة التي تعيش بها، كما أن إعطاء الأدوية الزائدة عن الحاجة لأشخاص آخرين، يعتبر خطراً بسبب ابتعاده عن الإشراف المباشر للطبيب أو الصيدلي، ويعرض صحتهم للخطر، فليس كل ما يصلح لمريض بعينه قد يصلح لمريض آخر حتى ولو تشابهت الحالة المرضية.

الدكتور علي السيد مدير إدارة الخدمات الصيدلانية في هيئة الصحة أكد أن المبادرة عززت الوعي المجتمعي، بطرق التخلص الآمن من الأدوية، حيث بات عدد كبير من أفراد المجتمع من يحضرون الأدوية المنتهية أو التي أوشكت صلاحيتها على الانتهاء لمستشفيات هيئة الصحة إما لإتلافها أو التبرع بها بعد التأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمي وتخزينها بطرق وظروف آمنة، لافتاً إلى أن الهيئة جمعت منذ إطلاق المبادرة ولنهاية العام الماضي 30 طناً من الأدوية وتبرعت بما قيمته 20 مليون درهم من الأدوية غير المنتهية الصلاحية للهلال الأحمر الإماراتي لتوزيعها على الدول المحتاجة للمساعدات.

وأوضح الدكتور السيد أن الأدوية المنتهية الصلاحية يتم جمعها في كراتين خاصة وتغليفها بطريقة صحيحة، ثم يتم نقلها إلى مكب النفايات الخاصة في جبل علي ويتم إتلافها برقابة وإشراف من بلدية دبي للحفاظ على البيئة وحماية المجتمع.

أما الأدوية التي ما زالت صالحة فيتم فصلها ووضعها في كراتين خاصة وتحفظ في مستودعات الأدوية ويتم تحويلها إلى مؤسسة الهلال الأحمر للتبرع بها إلى الدول الفقيرة.

نجاح

وقال الدكتور علي السيد: إن المبادرة التي تعد الأولى من نوعها على مستوى المنطقة والشرق الأوسط بشكل عام، لاقت نجاحاً كبيراً في توعية وتحذير الجمهور من أضرار ومخاطر الأدوية المنتهية الصلاحية، ورسخت مفهوم ضرورة التخلص الآمن من الأدوية، وحماية أفراد المجتمع المحلي من أضرار ومخاطر التخلص منها بالطرق التقليدية.

وأكد حرص هيئة الصحة في دبي على الارتقاء بمستوى الأمان الصحي والبيئي من خلال رفع الوعي والتثقيف الصحي للمرضى وذويهم حول الطرق والوسائل الصحيحة للتعامل مع الأدوية أثناء الاستخدام، وسبل التخلص الآمن منها.

فريق متخصص

وأشار إلى وجود فريق صيدلاني متخصص يقيّم الأدوية التي يجلبها المرضى خلال الحملة ويقارنها بسجلاتهم الدوائية الإلكترونية في الهيئة لتحديد الأدوية اللازمة لهم، وضمان عدم الازدواجية في الأدوية التي يستخدمها المريض.

كما أوضح السيد أن الحملة تسعى إلى تشجيع المرضى على التبرع بالأدوية الزائدة على حاجتهم، أو تلك التي لا يستخدمونها، مشيراً إلى أن إدارة الخدمات الصيدلانية تُقيّم مدى صلاحيتها، وتسلم الصالح منها لفريق خدمة المجتمع في مكتب المدير العام، الذي سيتولى بدوره توزيعها على محتاجيها من المرضى.

توعية

وأضاف إن الحملة تتضمن توزيع مواد تثقيفية وتوعوية للمرضى حول طرق التعامل السليم مع الأدوية، فيما يتعلق بعمليات الحفظ والتخزين والطرق الآمنة للتخلص منها، وحول تاريخ الصلاحية المكتوب على عبوات الأدوية.

وقال الدكتور السيد: هناك نظامان، الأميركي ينتهي فعلاً بنفس التاريخ المحدد على العبوة أما في النظام البريطاني فينتهي مع نهاية الشهر، فمثلاً إذا كان بداية نوفمبر فيجوز استخدامه لنهاية شهر نوفمبر عكس النظام الأميركي.

حرارة

وأضاف: هناك بالطبع درجات حرارة معينة يجب أن يحفظ فيها الدواء داخل المنزل، وهناك أدوية يجب أن تبقى في الثلاجة طيلة فترة الاستخدام أو حتى عند نقلها من الصيدلية إلى المنزل مثل الأنسولين الخاص بمرضى السكري وهكذا.

ورداً على مطالبات الجمهور بوضع حاويات في الصيدليات للتسهيل على الناس وتجنيبهم مشقة الانتقال، قال الدكتور علي السيد: الأدوية تختلف عن أي سلعة أخرى، لاعتبارها مواد كيميائية يمكن أن تتسرب منها روائح خطرة، كما أنها مواد سامة.

وهناك أسئلة يقوم الصيدلاني المسؤول عن استلام الأدوية بطرحها على المتبرعين منها كيفية حفظ الأدوية خاصة إن كانت غير منتهية الصلاحية وبالتالي فإن فكرة الحاويات لا تتناسب مع جمع الأدوية، وإنما يجب تسليمها للشخص المختص للتصرف بها وحفظها بالطريقة الآمنة.

تخلص آمن

بدوره قال رئيس قسم الصيدلة في مستشفى دبي محمد مرتضى: إن مبادرة التخلص الآمن من الأدوية تعد من المبادرات المهمة، لأن التخلص من الأدوية بالحاويات المخصصة للنفايات من شأنه أن يلحق أضراراً للبيئة والأفراد.

وأضاف: عند استلام الأدوية التي لم تنتهِ صلاحيتها بعد، يقوم الصيدلاني المختص بتوجيه بعض الأسئلة للشخص، ومنها مكان التخزين ودرجة الحرارة، لافتاً إلى أن هناك أدوية يجب حفظها في الثلاجة وفي حال تعرضها للرطوبة والحرارة تصبح غير صالحة حتى لو لم تنته صلاحيتها بعد.

صلاحية

من جانبه، قال الدكتور الصيدلي محمد سامح علي رئيس صيدلية مستشفى راشد: إن مسألة انتهاء صلاحية الأدوية مسألة معقدة وشائكة، وتدخل فيها اعتبارات صحية للمرضى واقتصادية للشركات المنتجة، وأقرت منظمة الأغذية والأدوية الأميركية قانوناً يلزم الشركات منذ سبعينيات القرن الماضي بكتابة تاريخ الإنتاج، وتاريخ انتهاء الصلاحية على جميع الأدوية لضمان المفعول الأمثل للأدوية التي تؤخذ في ذلك المدى الزمني.

وقال: إن انتهاء فترة صلاحية الدواء لا تعني حدوث ضرر من تناوله، ولكن قد تبدأ فاعلية الدواء في التناقص التدريجي كلما مر الوقت، أي إنه ليس معنى أن الدواء اليوم سليم، وغداً يصبح مادة سامة، ولكن ربما يتجه الدواء إلى فقدان نسبة معينة من مفعوله كلما مرّ الوقت على تاريخ انتهاء المفعول، ولا ننسى أن الأدوية عندما تتعرض لسوء تخزين تفقد مفعولها حتى وإن كان تاريخ الصلاحية ما زال فعالاً.

عامل اقتصادي

وقد يدخل في تلك المسألة الشائكة عامل اقتصادي مهم للشركات لإعادة شراء الأدوية كلما حل تاريخ انتهاء الصلاحية، وأضاف: مدة 2 إلى 3 إلى 5 سنوات تكفي لتناول الدواء بفاعلية أكبر ولا داعي لشراء أدوية قريبة من تاريخ انتهاء الصلاحية، وهي ثقافة يجب أن يعلمها كل الناس حتى لا تضطر إلى تناول الدواء وهو قريب من تاريخ الانتهاء أو انتهت فترة الصلاحية المذكورة.

فاعلية

أوضح الدكتور الصيدلي محمد سامح أن المضادات الحيوية على هيئة شراب يجب استخدامها في حدود 10 أيام، وإلا فقدت جزءاً من مفعولها بعد إضافة المذيب لها، والأصل في جرعات الأشربة الدوائية إكمال الجرعات المقررة لمدة أسبوع إلى 10 أيام، وبالكاد تكفي العبوات لأخذ الجرعات كاملة حتى تؤتي ثمارها، وتقضي على الميكروبات، وتخفض من درجة الحرارة المرتفعة.

 

«سلامة وعطاء».. ارتقاء بالأمن الصحي والبيئي

أشاد عدد من المواطنين والمقيمين بمبادرة الدواء «سلامة وعطاء» التي تتبناها إدارة خدمات الصيدلة بهيئة الصحة بدبي مشيرين إلى أنها حققت أهدافها المنشودة من خلال رفع الوعي لدى أفراد المجتمع بآلية التخلص الآمن من الأدوية التالفة والمنتهية الصلاحية لتفادي مضاعفاتها السلبية على البيئة والصحة العامة، والارتقاء بمستوى الأمن الصحي والبيئي.

وثمنت نادية غريب البسطي الحرص الذي توليه هيئة الصحة بدبي للارتقاء بمستوى الأمن الصحي والبيئي من خلال تنظيم حملات التوعية الهادفة إلى رفع الوعي والتثقيف الصحي للمرضى وذويهم حول الطرق والوسائل الصحيحة للتعامل مع الأدوية والطرق الصحيحة لاستخدامها وتفادي مضاعفاتها السلبية.

وقالت: نتمنى من وسائل الإعلام تكثيف حملات التوعية الخاصة بالتخلص الآمن من الأدوية؛ لأن هناك الكثير من الأسر لا يزالون يتخلصون من الأدوية إما عن طريق إلقائها مع فضلات المنزل وإما في حاويات الشوارع وهذا بحد ذاته مصدر لانتقال الأمراض.

تبرع

وأكدت بدرية إبراهيم أنها تحتفظ بالأدوية التي صرفت لها أو لأبنائها ولم تقم باستخدامها في مكان آمن بالثلاجة، ومن ثم تتبرع بها للهيئات الخيرية، مشيرة إلى أنها العام الحالي منحتها لمبادرة قام بتنظيمها فريق التطوعي بجمارك دبي محل عملها، حيث قامت المبادرة على جمع الأدوية الزائدة لدى موظفي الجمارك ومن ثم التبرع بها لجهات خيرية من أجل إعادة استخدامها للمرضى المعوزين. وقالت بدرية: إن التخلص من الأدوية بطريقة صحيحة وسليمة، يُقلل من احتمالات حصول حوادث إساءة الاستخدام، سواء تناولها بالخطأ من قبل الصغار أو البالغين أو تناولها قصداً لغير ما صُرفت له.

بدوره، قال محمد العريمي: يجب إضافة معلومات للمريض حول كيفية حفظ الأدوية في المنزل في فترة تناولها وكيفية التخلص منها حال انتهاء فترة صلاحيتها أو عدم الحاجة إلى استخدامها معتبراً أن هذا من أساسيات ضمان تعامل المريض مع دوائه بطريقة صحيحة.

توعية

وأضاف إن الطريقة الأكثر شيوعاً بين الناس هي التخلص من الأدوية عبر إلقائها في المرحاض أو القمامة، غير أن هذه الوسيلة ربما تتسبب بمخاطر صحية وتخالف طرق السلامة، لذا يجب تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام المختلفة بشكل دوري لتوعية الناس بأخطار هذه السلوكيات.

وقال علي أحمد: نحن بحاجة إلى حملة توعية طويلة المدى، تنير لنا سبل التخلص الآمن من الأدوية الزائدة عن حاجتنا، والعبوات الفارغة، وتؤكد خطورة التخلص العشوائي منها، أو عدم إعطاء المشكلة الأهمية التي تستحقها، لأنها إن شئنا أم أبينا تمس صحتنا مباشرة، سواء استخدمناها غير صالحة، أو تخلصنا منها بطريقة خاطئة لتتحول تدريجياً وعلى المدى الزمني الطويل إلى مشكلة بيئية عالية الخطورة.

معايير

ولفت إلى أن تاريخ انتهاء الصلاحية المدون على علبة الدواء ليس المعيار الوحيد لمعرفة صلاحيته الفعلية، بل هناك العديد من العوامل الأخرى المختلفة من دواء إلى آخر، فبعض الأدوية قد تتلف في حال عدم حفظها في الثلاجة، كما أن هناك أدوية يجب استخدامها خلال فترة معينة بدءاً من لحظة فتح علبتها للمرة الأولى بغض النظر عن تاريخ صلاحيتها، ناهيك عن ضرورة عدم وضع الأدوية بشكل عام في مكان معرض للهواء أو الشمس.

من ناحيته، أشار فؤاد الشحي رئيس فريق «غياث» في جمارك دبي، إلى تنظيم مبادرة خلال شهر رمضان الماضي تحت شعار «لا تبخل بها علي فقد تعيد بها الحياة إلي»، وتهدف إلى جمع الأدوية صالحة الاستعمال والزائدة عن حاجة الموظفين والتبرع بها إلى مركز الإحسان الخيري الذي يتولى بدوره توزيعها على من يحتاجها من المرضى المعوزين، حيث تم تجميع 8 صناديق أدوية ومنحها للمركز المذكور وذلك في شهري مايو ويونيو من العام الماضي.

Email